مصّاصة الريال وسكّاتة البارصا لم يعد خافيا أن الإهتمام بالبطولة الإسبانية في بلادنا صار أقوى من الإهتمام ببطولتنا الوطنية، إذ استطاع ريال مدريد وإف سي برشلونة أن يأسرا كل عشاق الكرة المغاربة بمن فيهم الأطفال الذين لم يلتحقوا بالروض بعد. كثير من الأسر الفقيرة تعاني من تعلق أطفالها بالريال والبارصا، حيث أن التجار الجشعين إستغلوا هذا الجنون الطفولي، فأغرقوا السوق بمنتوجات مختلفة تحمل علامة هذين الفريقين الإسبانيين بما فيها الموجهة إلى الرضع من المصاصة إلى السكاتة، منتوجات يعجز الأطفال دائما عن مقاومة إغرائها، ويعجز الآباء الفقراء أحيانا عن شرائها، حتى إن عددا من الآباء توقفوا عن اصطحاب صغارهم معهم إلى الحانوت خوفا من الإحراج.. فما إن يدخل الأب هاز ولدو الصغير في يدو، وهاز معاه درهم باغي يشري غير أسبرو، حتى يصرخ الصبي أمام الناس: «بابا تْسيبْس تْسيبس ديال البارسا»! ولأن ثمن التشيبس هو درهم، فإن الأب المسكين يضطر تفاديا للحرج إلى الإستغناء عن أسبرو من أجل إرضاء إبنه، وإلا... غادي البعلوك يجمع عليه الجوقة في الزنقة. فأينما توجه الآباء صحبة أطفالهم، تصدمهم علامات الريال والبارصا ووجوه أشهر لاعبيها على كل شيء تقريبا.. على المصاصات والسكاتات والحلويات والكرات والساعات والدفاتر والأقمصة والقبعات والأحذية والدراجات والدمى واللعب و... طوفان بصري هائل من الأزرق والأحمر أو الأبيض والأسود يثير جنون الصغار مما يجعلهم يصطدمون بآبائهم العاجزين عن تلبية طلباتهم، وقد يكون هذا الإصطدام بداية لتصدع العلاقة بين الأب وإبنه مبكرا قبل أن تنقطع نهائيا عند المراهقة، لأن حب الريال والبارصا للأسف العميق صار أقوى من حب الوالدين. ماشي غير الدراري الصغار، الريال والبارصا سطّاو كلشي، حتى الدراري اللي بعقلهم. بحالاش؟ شحال من واحد كيبغي يلبس التوني والسيرفيط ديال الريال والبارصا الفْري، ولكن ما كيلقاش الجهد. عندك الحق، كيلبسوا مساكن التونيات ميطاسيون اللي كيديروا الحكّة في العُنك. من المعروف في الأحياء الفقيرة أن المراهقين والشباب الذين يعشقون الريال والبارصا عاجزون عن اقتناء المنتوجات الأصلية للأديداس والنايك، لذا يكتفون بالمنتوجات المقلدة ذات الجودة الرديئة لأنها في المتناول، ولأن الذين بإمكانهم أن يقتنوا المنتوجات الأصلية في هذه الأحياء نادرون، فويل للذي خرج منهم في يوم من الأيام وسط الدرب وهو يرتدي قميصا أو سيرفيطا أو حذاء أصليا، كل الأنظار ستتوجه إليه اندهاشا، وكل الأصابع ستشير إليه فضولا: «أواااه، كيف دار ليها؟» فتجد من لا يعرفونه يهمسون: «هادا غادي يكون غير شي بزناس، ما فيهاش»، لكن الذين يعرفونه جيدا ويستبعدون جدا أن يكون تاجر مخدرات فيهمسون: «هادا ولّى كيكريسي، ما فيهاش». فإذا التقى مراهقان يرتدي كلاهما بذلة أصلية وليست مقلدة، فلن يكون النقاش حول من الأفضل: الريال أم البارصا؟ بل يبدأ جدالهما في الشارع بالسؤال عن شكون فيهم اللي ضارب السيري اللخرة ديال السيرفيطات؟ وينتهي هذا الجدال في الكوميسارية بالسؤال عن شكون فيهم اللول اللي ضارب لاخر بالموس؟ ماشي غير التونيات اللي ميطاسيون في هاد البلاد، راه شحال من فرقة ديالنا عندها لعابة ديال الريال والبارصا ميطاسيون. بحالاش؟ بحال الوداد عندها كريستيانو رونالدو، والمغرب الفاسي عندها كارلوس بويول و... إيه، والفتح الرباطي كلها بّيبّي... وتا سير الله يلعن اللي ما يحشم. نافذة التونيات ميطاسيون كيديروا الحكّة في العُنك