لا تبيعونا الوهم مجددًا الكل يهتف باستعادة روح القداسة للفريق الوطني من رعيل البطولة الهشة.. والكل يتلذذ بطبيعة استرداد حق المنتوج الوطني داخل المنتخب الوطني من دون محترفيه، لكن أين كانت هذه الخرجات يوم افتك الفريق الوطني بعد إنجاز 2004 من أصوله الثابثة داخل الأندية الوطنية، واهتز عرشه بكؤوس إفريقيا 2006 و2008 و2012 من دون احتساب عدم المشاركة 2010، مع أن توابث الفريق الوطني في عهد هنري ميشيل 2008 تأسست على 14 لاعبا محليا (ربع منهم يلعب بالبطولة، والأكثرية الأخرى بالبطولات العربية والأوروبية من جذور البطولة الوطنية أيضا) وتسعة محترفين لا غير؟ ثم لماذا فشل الفريق الوطني بهذه الثوابت المحلية مع أنها كانت أفضل منتوج محلي مقارنة مع ما هو غائب بذات النجمية حاليا في البطولة؟ هل لدينا في البطولة أمثال نيبت، والقرقوري وشيبو وقيسي وكماتشو وبصير وصابر والحضريوي و.. و...؟ حتى الوداد والرجاء والجيش في عز التاريخ القديم لم يستطيعوا اليوم إنجاب رعيل جديد يوازي معيار الأسماء الثقيلة التي عرفتها الكرة الوطنية قاريا ودوليا مثلما هو حال الأندية الأخرى (المغرب الفاسي، النادي المكناسي، مولودية وجدة، جمعية سلا، المحمدية، الكوكب المراكشي، وغيرهم) كما لا يستطع أي منهم تقديم النجوم من عرينها الأصلي لتؤهل احترافيا بأوروبا مثلما كان الحال مع نيبت وبصير وكماتشو وشيبو و.. و.. مقارنة ما يوجه استراتيجيا من وجوه محلية نحو الخليج من أجل التزكية المالية والإنقاذ الإجتماعي ليس إلا.. وتأكدوا أن ما صدّر خليجيا في السنوات الأخيرة هلك عرش المنتخب الوطني مع أن الإحتراف الأصلي للاعب المحلي هو أوروبا، ولم يقدر عليه أي كان إلا باستثناءات قليلة (السقاط، فوزي عبد الغني، عصام عدوة مع أنهم ليسوا بعيارات ثقيلة).. فكيف إذن نؤسس فريقا وطنيا من بطولة محلية لا تعطينا على الإطلاق رجال الإختصاص لمنتخب مثالي مفروض فيه أن يكون هو الصورة التي تعكس مثالية الكرة المغربية من داخل بيوت الأندية؟ وهل بوسع كل من يهلل ويطبل في الميكرفونات أن يقدم لنا فريقا وطنيا محليا من دون المحترفين لمواجهة لهيب مجموعة المغرب في يونيو المقبل وأمام الكوت ديفوار كخصم حارق؟ أما وإن كنت معتدلا في القرار، أريد من المحللين أن يمنحونا منتخبا وطنيا من صلب البطولة ليكون هو عريس بطولة إفريقيا التي سننظمها جميعا بأرض المغرب عام 2015 مع أن الثلاث سنوات المقبلة مفروض فيها أن يكون الإحتراف بالمغرب قد وصل درجة النضج هذا إن كانت الأندية فعلا قد اختارت طريق قاعدة التكوين الجذري. من الصعب جدا أن نختار فريقا وطنيا من البطولة ليكون هو ممثل المغرب في كأس إفريقيا 2013 أولا مع أن المنتخب المحلي لم يستطع على الإطلاق حتى وضع نفسه في خريطة الحاضرين في كأس إفريقيا للمحليين عامي 2009 و2011، ومن الصعب جدا أن تجدوا جوابا مقنعا لدى غيرتس لماذا أدار وجهه عن البطولة مع استثناءات قليلة (أربعة لاعبين حضروا النهائيات الأخيرة)، لكن يظل الجواب حاضرا هي أن اللاعب المحلي يفتقد للسرعة والنجاعة التكتيكية أولا، ثم أن قاعدة الكرة المغربية التي تنطلق من تقليدية الكلاسيكو المغربي بين الرجاء والوداد هشة في الأداء والفعالية والمردود التقني على غير مطلق الفرجة العالمية التي يظهرها مناصرو الرجاء والوداد في المدرجات كأرقى تسويق حضاري على تسويق المنتوج الهش.. وغيرتس شاهد كثيرا من لقاءات البطولة، ولم يجد الأفضلية المطلقة والملائمة لاختياراته المقارنة مع المحترفين حتى في عز نشأتهم وصغر سنهم. صدقا أقول للأندية الوطنية أن توقف نزيف ترحيل الوجوه المنطلقة نحو الأضواء إلى الخليج، وتمنحها بريق التواصل اللغوي نحو أوروبا للإحتراف النموذجي مثلما كان عليه حال أفضل نجوم الأمس، كما أقول للمدربين، لا تعتمدوا على مطلق المعدلات السنية لما فوق 28 سنة داخل التشكيل، واصنعوا الإختلاف لتفريخ النجوم بالوفرة العددية مثلما شكلها منتخب مصر القائم على قاعدة الأهلي العريق مع لفيف أندية أخرى ونتفه من المحترفين، واخقلوا مجالا تواصليا مع اللاعبين ما بعد حصص المران بالتدريس، وراقبوا محيط اللاعبين جيدا إنطلاقا من الآفات الإجتماعية التي يزاولها البعض، واحرصوا على الصرامة وقوة الشخصية والمتابعة الدقيقة للفرق الصغرى كمعطى نفسي للناشئة، وهيئوا قدرات الإحتراف للتأطير المنهجي للقاعدة، وسنرى كيف ستتقوى البطولة بعد ثلاث أو أربع سنوات، لكن اليوم لا يوجد لنا فريق وطني من البطولة على الإطلاق، فقط هناك أسماء واعدة بحاجة إلى العناية وليست ثقيلة في النجومية، وقد تكسب الصعود التدريجي إن لم تغْتَرَّ بنفسها، وقد تكسب الخبرة إن هي والت ذات الحضور التنافسي العام للموسم بالكامل.. مع أنني كنت وما زلت أصرّ على أن لاعب البطولة في أي موقع استراتيجي لا يرى نفسه بالمنتخب الوطني أفضل من المحترف، مع أن أضلاع المنتخب بحاجة إلى رجال اختصاص كبير كان وما زال مصنوعا من منتوج البطولة على مستوى الدفاع والوسط والأجنحة والقناصة، وهذا ما يغيب بالملموس إلا بإستثناءات حضور أيوب الخالقي وبوخريص في غياب مدافع أيسر صغير السن من الطراز الرفيع، فيما يظل القناص النادر مشكلة ولو أن في اللاعب حمد الله شيء من الحلم إن هو قال لنفسه لماذا لا يكون هو البوساتي ب 25 هدفا في الموسم؟