من سيحتفل بعيد الميلاد،، رجاء الشعب أم وداد الأمة؟ إذا كان سكان البوادي ينتظرون بأحر من الجمر تهاطل المطر.. إذا كانت النخب السياسية في هذا البلد تنتظر الكشف عن حكومة بنكيران.. إذا كان السكارى ينتظرون تخفيضات في ليالي أعياد رأس السنة.. إذا كان أصحاب سيارات الأجرة في الدارالبيضاء ينتظرون انتهاء أشغال الطرامواي.. إذا المضربون ينتظرون إستجابة الحكومة لملفاتهم المطلبية.. إذا كان الرأي العام ينتظر ما سيسفر انفصال العدليين عن الفبرايريين.. إذا كان مرتادو المقاهي ينتظرون من قناة الجزيرة استبدال بؤر التوتر بوصلات إشهارية.. إذا كان بابا نويل المغربي ينتظر إقبال الأطفال على هداياه وابتساماته،، فإن الشارع الرياضي البيضاوي والمغربي ينتظر حلول موعد الديربي الأحمر الأخضر. الكل في الدارالبيضاء معني بمباراة استثنائية ليست ككل المباريات، مباراة توقف نبض المدينة وتحولها إلى ما يشبه مدينة النحاس. بعد زوال يوم السبت كل الطرق تؤدي إلى مركب محمد الخامس، وكل الألوان تنسحب ولا يبقى إلا اللونان الأحمر والأخضر. الورقة التالية تقدم قراءة قبلية في موعد كروي هو الأفضل ليس فقط على المستوى الوطني بل العربي، إلا أن يثبت العكس. الديربي تحت رحمة التأجيل إذا كانت بقية المباريات تصمد ضد رياح التأجيل، فإن مباراة الديربي غالبا ما تتعرض لأنواع الإرجاء، لدواعي عديدة منها ما يتعلق بالفريقين ومنها ما يرتبط بأطراف المنظومة التنظيمية خاصة السلطات الأمنية التي غاليا ما يكون لها دلو في تحديد الموعد، ناهيك عن عوامل أخرى كالأحوال الجوية أو مباريات المنتخب أو تزامنه مع مناسبات وطنية أو دينية، ويكفي أن نستحضر ديربي الذهاب للموسم الماضي حين تعرض هذا اللقاء الكلاسيكي إلى التأجيل ثم تأجيل المؤجل، إلى أن فقد الجمهور الثقة في بلاغات البرمجة. الديربي 111 وعلى غرار بقية الديربيات لم ينج بدوره من التأجيل، حيث كان مقررا إجراء المباراة مساء يوم الأحد وتوصل نادي الوداد ببيان البرمجة وبدأت الاستعدادات الإدارية وفق هذا الموعد قبل أن يظهر مستجد بصنف في خانة «نواقض» الديربي وهو رأس السنة الميلادية، إذ تبين أنه من الصعب الجمع بين موعدين الأول ينشد من ورائه الجمهور المتعة الكروية، والثاني يسعى من خلاله فئة من المواطنين الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية والارتماء في موعد لا يمت بصلة لديانتنا وتقاليدنا لكن فقط على سبيل الإعارة. من يربح المليون؟ ما أن تظهر تباشير الديربي في الأفق حتى يقفز إلى ذهن اللاعبين موضوع الحوافز المالية، إذ غالبا ما يبادر مسؤولو الفريقين إلى رفع درجات التحفيز إلى الأقصى، ولو بالتمرد على نظام المنح وتخصيص منح استثنائية لموعد استثنائي، بل إن الفوز في المواجهة الكلاسيكية التي تجمع الغريمين يختلف عن الفوز في جميع مباريات الدوري المغربي، على الرغم من أن نصيب الفائز في جميع الحالات لا يتجاوز ثلاث نقط. وإذا كان المكتب المسير للوداد قد حاول التعامل مع الديربي والمباريات التي سبقته ك «باك» وحددت منحة جزافية للظفر قدرت ب 30 ألف درهم في حالة الفوز في ثلاث مباريات منها مواجهتان سابقتان لموعد المباراة الكلاسيكية، أمام النادي المكناسي وحسنية أكادير، إلا أن اللاعبين أضاعوا المنحة المالية، ولم يبق أمامهم إلا تعويض إخفاقات مكناسوأكادير بنتيجة إيجابية يوم السبت القادم. في الجانب الرجاوي يصر الرئيس عبد السلام حنات على التعامل «الإحترافي» مع لاعبيه واحترام العقود، مشيرا إلى أن مباراة الديربي لا تختلف عن بقية المباريات من حيث الأهمية، وبالتالي فإن رفع قيمة المنحة قد تكون له انعكاسات سلبية، إلا أن مجموعة من اللاعبين أكدوا أن الفوز بالمباراة الكلاسيكية هو في حد ذاته منحة من السماء للاعبين وللجمهور. أهمية المباراة التي تسبق الديربي يحرص مدربا الفريقين على تحقيق نتيجة إيجابية في الموعد الذي يسبق عادة مباراة الديربي، وذلك نظرا لأهمية الإنتصار على المستوى المعنوي، فهذه المباراة أشبه ببروفة في انتظار الموعد الجاد. إنهزم الوداد في أكادير أمام الحسنية أثار زوبعة من القلق في نفوس الوداديين، خاصة في المنحى التنازلي لوداد الأمة، لكن الجمهور الأحمر وبالقدر الذي إستشعر فيه أعراض التراجع، أصر على دعم الفريق في هذا الأسبوع وتأجيل القلق إلى ما بعد الديربي أملا في جعل المباراة الكلاسيكية بلسما لجراح مكونات النادي. بالمقابل كان فوز الرجاء في المباريات الثلاث التي سبقت مباراة الديربي، أخرها أمام شباب المسيرة، اعتبر في نظر المدرب مارشان، حصصا للعلاج السيكولوجي بالانتصارات، التي تعتبر الوصفة المناسبة لدخول المباراة برصيد من الحصانة ضد الخوف والقلق، في مباراة تتمرد دوما على المألوف، ففي مثل هذه المواجهات ليس الفائز حتما هو الأفضل ترتيبا، بل الأكثر حضورا وتركيزا في ساعة الحسم. دوكاسطيل: الفوز أو الرحيل أكد استفتاء على موقع وداد. كوم، أن أغلبية مناصري الوداد البيضاوي يفضلون إقالة المدرب السويسري ميشيل دوكاسطيل قبل الديربي، بل إن الموقع تساءل عن سر استمراره على الكرسي التقني وتدبيره لمباراة استثنائية، واستند دعاة الإقالة الفورية للمدرب إلى مجموعة من المعطيات التقنية، فخلال المباريات السبعة الأخيرة لم يحصل الوداد إلا على سبع نقط، من أصل 21 نقطة المفترض الحصول على النسبة الأكبر منها، علما أن الوداد يضم خيرة اللاعبين على المستوى الوطني، إذ أن انتداباته صنفت كأفضل انتدابات في الموسم لأنها تتيح للمدرب هامشا أكبر من الإختيار وتضعه أمام فرضات تقنية وتكتيكية متنوعة، لكن باستثناء فوز الوداد على مولودية الجزائر برباعية في منافسات كأس عصبة الأبطال الإفريقية، فإن بقية النتائج تأرجحت بين الانتصار الصغير والتعادل والهزيمة، وهو وضع يتعارض والانطلاقة الجيدة للوداد، علما أن التركيبة البشرية لم تتغير والمدرب لم يتغير والمكتب المسير لم يتغير، وحده الإنضباط هو الذي تغير. مارشان من السفح إلى القمة على عكس زميله السويسري دوكاسطيل، يبدو مدرب الرجاء الفرنسي بيرتران مارشان أفضل وضعا، إذ تسلم الفريق وهو شبه جثة هامدة، حيث كان يقبع في الصف الثالث عشر في ترتيب البطولة الاحترافية، مقابل إقصاء رهيب من منافسات كأس عصبة الأبطال الإفريقية، وسط حالة من الغضب تطالب بتغيير شامل لا يقتصر الطاقم التقني بل إلى الرئيس الذي لطالما رفعت في وجهه كلمة «إرحل» المستمدة من قاموس الحراك العربي. كان العقد بين حنات ومرشان واضحا، إنتشال الرجاء من قعر البئر، والخروج من النفق المظلم حينها ستتضح الرؤية، فلا يمكن رسم الخطط في ظلمة النفق، على حد تعبير بيرتراند، الذي حمل الفريق من الرتبة 13 إلى الصف الثاني في ما يشبه الإعجاز، وأسدى من حيث لا يدري خدمة للمكتب المسير للرجاء الذي إستعاد موقعه داخل القلعة الخضراء، إلا أن المدرب الفرنسي وعلى الرغم من خروجه من عنق الزجاجة إلا أنه يؤكد بأن الهدف هو إنهاء النصف الأول من البطولة في رتبة الوصيف، معتبرا الفوز في الديربي مجرد «بونيس». هدية رأس السنة لديربي الدارالبيضاء جاذبيته التي لا تقاوم والتي تتجاوز قانون الجاذبية الذي إخترعه العالم الفيزيائي نيوتن، وتتعدى حدود «البلاطو» الكروي الذي يختزل 90 دقيقة أو أكثر، لحسم المواجهة التي تعتبر مجرد فصل من فصول المعارك التي لا تنتهي بين الجارين، بل إن الديربي فرصة لبسط السيطرة على المشهد الكروي في المدينة بكل تفاصيله، لأن المباراة ليست مجرد كر وفر على أرضية الملعب، بل صراع لا ينتهي في المقاهي والبيوت والشارع، ولأن المباراة تتزامن مع نهاية السنة الميلادية، فإن الرجاويين والوداديين يسعون إلى الإنتصار في ميدان الكرة لأنه أفضل سيناريو لتوديع عام 2011 دون مواجع.