لم يتوقع إبن مدينة الناظور أن تسير الأمور على نحو رائع، مؤثر ومبهر مع ناديه قيصري سبور بداية هذا الموسم بأداء مدهش وأهداف حاسمة وتمريرات غاية في الذكاء والإتقان. لم ينتظر صاحب 24 سنة أن يجذب أضواء الصحافة التركية بعد شهر ونصف من إنطلاق البطولة ويتلقى إشادة المتتبعين والمتفرجين ويخرص أفواه المشككين بعدما صال وجال وأبدع وأمتع ليعذب فنرباتشة ويصعق بشيكتاش ويخطف الشهرة من نجوم أمثال غوتي وكواريزما وسيماو وإيمري وباروس. قبل أن يربط المشاكس نور الدين أمرابط عتاده ويشد رحاله جنوب شرق القارة العجوز في رحلة إضطرارية من أيندوفن إلى أنقرة فكر ألف مرة وإستشار الصديق القريب والبعيد ليتخذ قرارا صعبا بالرحيل عن العائلة والمحيط وهو يحمل غصة في الحلق من ظلم أبناء بلد المهجر، فاللاعب المزداد بمدينة صغيرة إسمها "ناردن" في أحد أيام ربيع سنة 1987 إختار في سن صغيرة لعب كرة القدم مفضلا مدرسة الكرة على العِلم والتمدرس والجلوس في المقاعد الامامية لقاعات التحصيل، فالفتى الكتوم سرعان ما بزغت شمس موهبته بين أقرانه في فريق صغير يدعى زاودفوخلس ليخطفه بعد ذلك كشافة العملاق أجاكس، لكن حلم الطفل لم يتحقق بعدما تم التخلي عنه سريعا من المسؤولين بحجة مشاكل في النمو ونقص الغدد المتعلقة بذلك (نفس مشكل ميسي) ليعود خائبا ومحبطا ويحول وجهته لفريق مغمور آخر بمدينة هاوزن.. لعب إبن قبيلة "آيت أوليشك" الريفية مع صغار النادي وأظهر حسا هجوميا خارقا جعله يتسلق درج التطور بسرعة ليصل لفئة الكبار وهو في سن 17 عاما حيث كان يخوض جميع المقابلات كأساسي بأداء باهر. لم يعمر أمرابط سوى عام في هاوزن لينتقل إلى أمني وورلد الواقع بمدينة "ألمر" ليكرس تألقه ب36 مباراة و14 هدفا في موسم واحد ما جعل أبواب الشهرة تفتح له حين وقع عقدا مع فينلو الممارس بالقسم الممتاز ونودي عليه لأول مرة ليحمل قميص منتخب أمل هولندا. كانت سعادة نور الدين كبيرة وهو يرى إسمه يتصدر عناوين الصحف المحلية ويُتداول على ألسن المحللين والجماهير بل طار فرحا عندما علِم بمتابعة كبرى الأندية الهولندية من قبيل فاينورد وأجاكس وأيندوفن..هذا الأخير بدا أكثر جدية وراقب اللاعب موسم 2007-2008 مع فينلو حيث لعب 27 مقابلة وسجل 8 أهداف وفي 3 مارس 2008 أعلن أيندوفن أنه وقع عقدا لمدة أربع مواسم مع موهوب فينلو وحديث الساعة بالأراضي المنخفضة. لم يعاني الشاب من صعوبات كبيرة في الإندماج وسط نادي عريق محليا وأوربيا بعدما إرتبط في مدة قصيرة بصداقات وطيدة مع أفلاي وبقال ومختار ولبيض مما ذوّب عائق التأقلم ومنح شحنات الأمل وجرعات الثقة في نفسية الناظوري الصغير. أخذ أمرابط في إظهار مؤهلاته وجدارته بالإلتحاق بالفريق وتناوب حضوره بين الرسمية وكرسي البدلاء وحقق في موسمين لقبي البطولة والكأس بمشاركة فاقت 75 لقاءا و12 هدفا والعشرات من التمريرات الحاسمة، لكن ومع بداية موسم 2010-2011 واجه نور الدين تهميشا مقصودا ومفاجئا وحملةً ترم قبر موهبته وغاب عن أولى الدورات في البطولة ولم يُشرك إلا قليلا كجوكر يُقحم في الدقائق الأخيرة من طرف المدرب فريد روتن، كما أخبره مساعد الأخير فيليب كوكو أنه لم يعد يدخل ضمن مخططات الفريق وعليه بقبول الوضع أو البحث عن وجهة أخرى. ولأن عزة نفس المغربي ورفضه الظلم والتهميش والدّس على طموحه فقد فضل الجناح السريع ركوب التحدي والتحليق نحو بلاد الأتاتورك حيث كان نادي قيصري سبور يلح في طلبه بتوصية من الجورجي شوتا أرفيلادزي مدرب الفريق واللاعب السابق لأجاكس وألكمار. ولم تستغرق المفاوضات إلا ساعات قليلة ليتم الإعلان في أولى أيام سنة 2011 عن إنتقال أمرابط لقيصري لمدة 4 مواسم بمبلغ 1,5 مليون أورو مع إمكانية إضافة 250 ألف أورو لخزينة أيندوفن في حال تأهل النادي التركي لإحدى المنافسات الأوربية ونصيب مالي إذا ما بِيع اللاعب إلى فريق آخر. لم ينتظر الوافد الجديد سوى أسبوعين ليرسم أولى خطوط الإبداع بتمريرة حاسمة وهدف جميل أمام بلدية إسطمبول في البطولة المحلية وينقض على الرسمية بأداء راقٍ أزعج الخصوم وبدد الغيوم وجعل إسمه في خانة النجوم. ومنذ يناير من السنة الجارية واللاعب في تطور ملحوظ وتألق لافت برسمية لا تناقش زكاه بداية هذا الموسم بعروض غاية في الروعة تُعزف بمهارة في المسارح التركية وتجلب أنظار عمالقة وزعماء الكرة ببلاد الأناضول، فآخر أخبار سوق الإنتقالات تفيد بعرض يُطبخ في الكواليس من نادي فنرباتشة لإستقدام لأمرابط خلال الميركاتو الشتوي كما أن غالطا سراي يضع عينا على اللاعب ويراقب أداءه قبل فتح باب المفاوضات مع مسؤولي قيصري. وإلى جانب ذلك سيتحقق بعد أيام قليلة حُلم أمرابط بالإلتحاق بعرين الأسود بعدما إقتنع الناخب الوطني إيريك غيريتس بمؤهلاته وضرورة إستدعائه لدروة "إل جي" الودية الشهر القادم حتى يتسنى له الوقوف عن مستواه عن قرب، وسيكون عاشق مصطفى حجي ونور الدين نيبت على موعد خاص ولحظة حبلى بالمشاعر والأحاسيس الخاصة حين سيقف إلى جانب الشماخ والسعيدي وبنعطية وخرجة أثناء عزف النشيد الوطني ليتحول مشجع الأسود بالمقاهي إلى فرد بكثيبة غيريتس يُنتظر منها الشيء الكثير لتصنع أفراح الجماهير المغربية. المهدي الحداد