لا عزاء لا شك أن كل المغاربة تحسروا على الفرصة التي ضاعت من المنتخب المغربي لحسم التأهل من بانغي بعد هذا الذي حدث فوف أرضية الملعب من فرص ضائعة بالجملة، إذ كان الأسود أقرب إلى حسم المباراة في الجولة الأولى لو استغل اللاعبون الفرص التي أتيحت لهم، والأكيد أن اللاعبين غادروا الملعب وهم يعضون على أصابعهم بعد أن كان بالإمكان العودة بتأشيرة التأهل من بانغي. لكن لا ضير، فقد عودتنا المستديرة المجنونة أن لا أمان لها، وهي دائما ما تكون حبلى بالمفاجآت والأخبار السارة وغير السارة، لذلك نحمد لله أنه ورغم الفرص الضائعة وكذا الحسرة التي إنتابتنا فإن التعادل هذا لم يبدد أحلامنا ولا كسر طموحاتنا وطلع لنا بخبر سار، كون أن الفرصة ما زالت قائمة أمامنا في آخر جولة من التصفيات من أجل حسم التأهل. عودتنا أيضا الأيام أنه لا يجب البكاء على اللبن المسكوب، فبعد أن أسدل الستار على موقعة بانغي بتعبها وعراقيلها وإثارتها، وجب التفكير من الآن في الجولة القادمة والحاسمة أمام منتخب تانزانيا، وجب التركيز على هذه المباراة الفاصلة في المشوار الإفريقي، والأكيد أن المنتخب المغربي يعرف ما عليه وما لديه في هذه المباراة، وأي أرقام تضمن له تحقيق مطمح التأهل دون الدخول في متاهة الحسابات. صحيح أن المتتبع لمسار المنتخب المغربي سيتأكد له أن الطريق وإن شابته بعد التعثرات فإنه يبقى جيدا، تعثرات من قبيل التعادل الغادر هنا بالمغرب أمام إفريقيا الوسطى والخسارة القاسية أمام الجزائر بعنابة لم تنل من الأسود الذين حافظوا على حظوظهم إلى أن أصبحوا اليوم يملكون مصيرهم بيدهم قبل المباراة الهامة أمام منتخب تانزانيا. لكن قد نتساءل اليوم ما الذي جعل المنتخب المغربي يعيش هذا الضغط وينتظر ليحدد مصيره في التصفيات الإفريقية إلى آخر جولة؟ وما الذي جعلنا أيضا ندخل في حوارات ثنائية مع منتخبات من قيمة إفريقيا الوسطى كانت بالأمس تشكل قنطرة سهلة لعبورها؟ اليوم ومن دون شك سنهلل كثيرا عندما نجتاز بحول الله وقوته عقبة تانزانيا ونتأهل إلى النهائيات، بل هناك أيضا من سيقفز من الفرحة وهناك من يدرف الدموع فرحا وسعادة، ذلك هو حال الكرة المغربية اليوم التي أصبحت تعتبر أن مرورها إلى النهائيات إنجاز يستحق أن نقفز له فرحا، بل نعده إنجازا في تاريخ كرتنا. لكن من ينظر إلى خارطة الكرة الإفريقية سيتأكد له أنه من حقنا أن نسعد لمجرد أننا تأهلنا إلى النهائيات الإفريقية، اليوم تغيرت الأحوال ولم يعد التأهل حكرا على منتخبات بعينها بعد أن تساوت الحظوظ وتقاربت المستويات، ثم إنه من يلقي نظرة على سبورة ترتيب المجموعات ويقف على أسماء المنتخبات التي تساقطت مثل أوراق التوت وأقصيت من المنافسة سيتأكد له أيضا لماذا سيسعد المغاربة بالتأهل، منتخبات مثلا من طينة مصر والكامرون والجزائر وتونس القريبة من الإقصاء، أسماء لها أكثر من دلالة وتجسد بالواضح أن اليوم لم يعد طريق التأهل إلى النهائيات الإفريقية مفروشا بالورود ولا بالرياحين، ومن يقف على حقيقة أخرى كون أن الكرة المغربية غابت عن النسخة الإفريقية سيعرف لماذا سيسعد المغاربة بالتأهل، وأخيرا سنسعد لأن الكرة المغربية اليوم أحوج ما تكون وأكثر من أي وقت مضى لهذا التأهل، لأنه يعني لنا الكثير من الأشياء في وقت تعرف فيه كرتنا العديد من التحولات والتغيرات كما يسعى منتخبنا إلى تحقيق النقلة النوعية وإحداث قطيعة مع خيبات وكبوات الماضي القريب.. لكن مهما قلنا ومهما أعطينا من تبريرات وتحليلات فإن الأهم اليوم هو أن يحقق المنتخب المغربي روعة التأهل إلى النهائيات في مباراة نحن من نملك مفاتيحها ونحن من نملك حظوظ التأهل، ويكفي ذكر أنها مباراة ستجرى بين جماهيرنا وفي قلاعنا وأمام منتخب بيننا وبينه الكثير من الفوارق الفنية والبشرية، لذلك لا عزاء إن أضاع الأسود فرصة التأهل والمصالحة مع الذات.