كيف توقف الريال والبارصا؟ قد يكون فيرناندو رويج مدرب فياريال منفعلا بعض الشيء حين هاجم بعض مسؤولي الإتحاد الإسباني قائلا: «هذا هو ما يريدون، نحن نضطر إلى بيع اللاعبين لضبط الميزانية والبعض الآخر يصرف أموالا لتمويل صفقات خيالية، فإما أن يتغير هذا الواقع أو لنقتل الكرة الإسبانية».. وتأتي حدة الإنفعال من الخماسية التي تلقاها فيا ريال أمام البارصا، ووضعت المدرب فيرناندو في حيرة من أمر هذا الزمان الغريب في المال والشهرة والريادة والنجومية المطلقة، وبقدر ما خسرت فيا ريال بالخماسية، لم يخرج مدرب سرقسطة خافيير أغويري منفعلا بالحدة الكبيرة التي تلقى خلالها بسداسية قاسية من النادي الملكي.. ولأن الإنفعال يختلف من شخص لآخر حسب منطق اللسان، وشخصية الإنسان بين البرودة والهيجان، فإن الخسارة عادة وبحصص كبيرة إما أن توكد لها مبررات خاطئة، وإما أن ترفع لها قبعة الإحترام.. ومدرب فيا ريال ربما قد ثار على وضع الكرة الإسبانية التي لا تعترف إلا بوجود قطبين من كوكب آخر، والبقية الأخرى تلاعب نفسها وتلاعب الأقوياء بمنطق الخسارة المسبقة، وربما برر الهزيمة الساحقة بملاحظات ترنو نحو المنافسة الإقتصادية والأسطولية للنجوم على النقيض من الميزانية التي يضبطها فيا ريال سنويا ببيع اللاعبين من أجل تصريف موسم بدون مشاكل.. وما يمكن أن يعرفه أي مدرب يدرك طبيعة وميزانية أي فريق، أنه مع فريق له رجاله وبعض من نجومه، ومن يصنع النتيجة هو الفريق حتى ولو كان بوجوه تقل بكثير من رونالدو وميسي وغيرهما من أغنياء الكرة.. وكم مرة خسرت البارصا والريال مع فرق متواضعة لأنها وجدت نفسها أمام تحدي كبير يطلق عليه بصناعة القتالية من الفرق الصغيرة، ولم يكن المال هو الفائز في لقاء، ومن يصنع القتالية واستراتيجية إيقاف زحف أي فريق شهير، فأكيد أن له مدربا كبيرا يقرأ البارصا والريال جيدا حتى ولو كان أقل راتبا من مورينيو وغوارديولا.. فليس المال هو معنى النجومية وقوة الأندية العملاقة، بل هو كل شيء في دائرة التلاحم التنافسي باقتصادياته وشخصياته وأدواره وإلتزاماته مع ناديه وعقوده، وأكثر قوة في ذلك هو الموهبة والملكة والفطرة الكروية التي لا يتغذى بها معظم الأندية الإسبانية، ولا أعتقد أنه عدا غوارديولا ومورينيو في التفكير والسيطرة على أحداث الفوز بلقب البطولة الإسبانية، لا يعقل أن يجلس أكثر المدربين (16 مدربا بمختلف الجنسيات) للأندية الإسبانية يتفرجون على فرقهم يخسرون أمام الريال والبارصا بسلات أهداف لأنهم يدركون مسبقا أنهم خاسرون بالإختلاف المالي والنجومي، ولكنهم يعجزون جميعا عن دراسة واقع مباراة يمكن أن يكون لها حل دقيق في اختراق البارصا والريال بالعقل والجهد والصرامة الدفاعية ولا يتركونهم يلعبون بالعقل وليس بالضرب، ولا يمكن أن تفوز الريال أو يفوز البارصا دائما.. وعندما يخسران، فمن نجح هو مدرب الفريق الآخر سواء كان غنيا بميزانيته أو متوسطا، ولكنه أصلا نجح بأسطوله واستراتيجيته.. ولذلك يظهر مدرب فيا ريال أنه ربح ملاحظة بالغة الأهمية في تصريحه، وأرسل رسالة مشفرة إلى الإتحاد الإسباني أكد من خلالها القيمة التي يعطيها للبارصا والريال، ولا مناص من اللقب أن يخرج عنهما، وبذلك فهما يقتلان الكرة الإسبانية إسوة بالإتحاد الإسباني الذي يريد فوز الغريمين باللقب، لكن الرسالة في شفرتها الثانية موجهة إلى كافة المدربين لقراءة قيمة الإكتساح البرصاوي وربما حتى الريالي، وأنه لا مناص من إيقاف عجلة هذين الفريقين، ما دامت المنافسة غير متساوية في المال والميزانية والنجوم، لكني ما زلت أصر على أن من يخسر بالحصص الكبيرة، لا يقرأ جيدا محاور من أين يقود البارصا والريال مفاتيح نصرهما، والدور على القادم من المدربين لصناعة الإعجاز التقني والإستراتيجي لإيقاف زحف البارصا والريال.. وقتها وعندما يخسر العملاقان سينجح المدربون الآخرون في تحويل تصريحاتهم المبررة على نحو آخر من التهليل وتضخيم الأشياء، «والمْعَلَّم يبقى مْعَلَّم» والمدرب يبقى هو «المعَلَّم» وصانع الفوز مثلما نريده جميعا من غيرتس ليقرأ فوزه بإفريقيا الوسطى، ما دامت الأمور مختلفة، بينما كنا نتحدث عنه مع الريال والبارصا لنتحول بعدها إلى الأسود في إشارة إلى صانعي الفوز من المدربين الأذكياء.