مبهورا وقفت عند الذي صممه فريق ريال مدريد عند تقديمه لنجميه البرازيلي كاكا والبرتغالي كريستيانو رونالدو، شيء بقدر ما يصيب اللسان بسكتة فلا يقدر بعدها على الكلام، بقدر ما يصيب بالحزن على أن الآخرين وهم على بعد كيلومترات منا، هناك على الضفة الأخرى من المتوسط، ركبوا صاروخا تفوق سرعته، سرعة الصوت وحتى سرعة العقل في إلتقاط الإشارات·· البداية كانت مع الكاريزماتي كاكا وهو يحضر لثوه من جنوب إفريقيا محمولا على بساط الفرح بعد الفوز >الأنطلوجي< لسحرة الصامبا بكأس القارات إلى مدريد، إذ دخل عرين الملوك بسانتياغو برنابيو، دخول الأبطال، وسط حضور جماهيري فاق الأربعين ألفا·· وتركنا ما شاهدناه من إبداع في تصميم حفل تقديم كاكا، نحدس الصورة التي سيأتي بها تقديم كريستيانو رونالدو· وأعترف أننا وقد اجتهدنا في استحضار كل ثوابل الخيال العلمي، في الإحتماء بكل ما هو أنطولوجي وأسطوري في التخيل، لم نصل إلى عشر ما كانت عليه حقيقة الأشياء، رونالدو يقدم مساء الإثنين الماضي لنحو 80 ألفا من أنصار ريال مدريد، بحضور 200 قناة نقلت الحدث بالصوت والصورة لنصف دول المعمور· أتعبني ذلك الذي شاهدته، فقد كان شيئا فوق الواقع، أروع من الخيال وأقوى حتى من الأساطير، كان دليلا على أن كرة القدم لها سلطة ما فوقها سلطة على العقل وعلى العين، فإذا كان نجم ينضم لفريق بقيمة مالية فلكية ويقدم على هذا النحو الذي يذكر بالأساطير القديمة، فماذا تراه هذا الجمهور فاعل عندما يلتحم كل هؤلاء النجوم في مركبة واحدة، عندما ينزل كل هؤلاء لأرضية الملعب لإنجاز ملحمة كروية· وكانت >قناة الجزيرة< عربيا هي الأكثر حظا بملاحقة حدث تقديم رونالدو لجماهير ريال مدريد، وكانت المناسبة لنستمع إلى الرجل الذي قلب الموازين وحطم الأرقام وأصاب الإقتصاديين في عز عولمة الأزمة بما يشبه الصمم، إلى فلورنتينو بيريز، الذي قال جملتين هما البلاغة بعينها·· قال بيريز رئيس ريال مدريد: >أنا لا أتى بلاعب لريال مدريد إلا إذا كان عاشقا للفريق وليس طامعا في ماله، وكل الذين أحضرتهم لقلعة الملوك كانوا يحلمون ذات يوم بارتداء قميص ريال مدريد، وأنا لم أفعل شيئا سوى أنني حققت حلمهم··<· ثم قال: >تسألوني من أين آجئ بكل هذه الأموال لأجلب لاعبين بهذه القيم الفلكية؟ إنها ببساطة أموال الريال، أذكر أنني جلبت ذات سنة لويس فيغو من مالي الخاص، وكذلك فعلت مع البرازيلي رونالدو، أما اليوم فهؤلاء النجوم أحضرتهم بأموال الريال··<· وما لم يقله ذاك اليوم فلورنتينو بيريز وهو يتحدث انفراديا لقناة الجزيرة، أن ما صرفه ريال مدريد على النجوم الذين جاء بهم، سيعوضه عن قريب بفضل سياسة تسويق ذكية، فنصف المبالغ قد تسترد فقط من بيع الأقمصة· قطعا، ليس هذا فقط ما يسعى إليه فلورنتينو بيريز، وهو يجلب للريال كاكا، رونالدو، بنزيمة وألبيول، إنه يطمح لأن يجعل من ريال مدريد باستمرار سيدة أندية العالم، تحصد الألقاب وتجني الملايير وتدوخ الملايير أيضا·· صدقوني لم أفق بعد من صدمة ما شاهدت، إنها صدمة من أحلى وأجمل نوبة·