شكر الله سعيكم جالسًا ما عليَّ ما بِيَّ رفقة رفيق عزيز ومجتهد في البلانات... وعامر أفكار.. نتجاذب أطراف الحديث حول كل شيء.. حول فرَّاشا الطريق.. وفراشا السياسة وفراشا الصحافة.. وفراشا رمضان الله يدخل علينا وعليكم بالخير والبركة... واليمن والتيسيير.. كنا نتابع مباراة عالية المستوى.. ذات لوحات كروية جميلة.. من أرجل غاب عنها الصغر.. لكن بقي عندها الفن وحروف الزين.. قلت أنني كنت جالسًا أنا وصاحبي نفترش الدص البارد من وراء الكرياج.. رغم إلحاح السي محمد ابن الصغير.. مول العرس على إلتحاقنا بكبار القوم تحت الخيمة والما البارد.. لكننا فضلنا ظل الحائط عن الشمس التي تحرق البشر هذه الأيام.. والأضواء التي لم تخلق لنا.. بل خلقت للذين يعرفون جدبها لبشاشتهم المعتادة على الظهور في المحافل المحلية والقارية والدولية... واللي ولفات الكاميرا شاعلة.. أما نحن الذين هرمنا مع الكرياج والمتفرج الكادح وجاذبية البرصلانة.. جلسنا بعيدًا نتأمل مبارتين، مباراة للقدامى بين فنانين ومسيرين ولاعبين وإعلاميين فوق الكازون الطبيعي.. ومباراة الخيمة وجلسات أصحابها.. أصحاب رِجْل فوق رِجْل... المهم أن المكان الذي إخترناه لم يكن بعيدًا عن علياء القوم.. ووجوه خير ألفناها وأحببناها.. همها هو خدمة الشباب الكروي بنكران للذات والسهر على متابعة لعبتهم المفضلة.. وما فيها باس يلا تفطحو مرة مرة.. ما دامت المصلحة مشتركة.. واعطيني نعطيك.. والله يعطي للجميع من خيرو.. المناسبة التي لم أشر إليها.. هي المباراة النهائية بين مراكز التكوين المهني في كرة القدم.. لأن المسؤولين في إدارة مركز التكوين المهني يعرفون جيدًا أن كرة القدم أصبحت مهنة مثلها مثل المهن التي تُدرَّس في مراكزها... لذلك تجدهم مثلما يحتفلون بتسليم الديبلومات في نهاية السنة الدراسية، فإنهم يقيمون الخيمة ويسلمون الأذرع للأرجل الفائزة بالدوريات.. وهذه سُنَّة حميدة سنَّها السيد ابن الشيخ وإدارته مع نهاية كل موسم دراسي يجمعون الأحباب والأصحاب والمهتمين حول كؤوس الشاي المنعنع وكعب غزال.. وهذا ما كان يوم الخميس اللي فات.. ما كان كذلك أنه أنا وصاحبي المجتهد كنا نتابع بإعجاب جناحا أيمن عندو عسرية واعرة في التمريرات الحاسمة.. والمراوغات اللي كطيّح بالمسلْمين.. وقدافات الكرات الثابتة اللي كتضرب البارّا وترجع ليه.. حتى وقف علينا شاب ماشي من شباب 20 فبراير، لكنه شاب شعب كروي.. وبعد السلام أردف قائلاً: «أسي بدري.. فتونس قالوا هرمنا مع بنعلي.. وفي مصر قالوا لمبارك.. شكر الله سعيكم... والمسيرين ديالنا هذاك الكرسي كيعرفو يجلسو عليه غِيرْ هُومَا.. واحنا غادي نقولو ليهم بلغتنا.. الله يرحم من زار وخفف... واللي فاتو وقتو يخليه لبنتو.. نظرنا إليه ولم نجبه.. ورجعنا لمتابعة المباراة وهربة ذاك الجناح الأيمن العسري.. اللي راوغ المدافع وحط كرة فوق صينية لزميله الذي أودعها شباك اللاعبين القدامى.. وقبل أن نعلق على هذه العملية.. علَّق علينا صوت شاب الشعب: «شوف هاداك اش دار.. وراه خصنا رئيس يكون كيطير بحال هذاك اللي شعرو نص.. نص.. نص أبيض.. ونص كحل...». «... واش عرفت هذاك شكون هو؟».. «إيه كنعرفوا والريح ديالو راه كيوصلني كل أحد.. وبغيناه يسوط على الفريقة..» فأقلقته بملاحظتي: «هي باغيين تتركون أولاد القايد عيسى بنعمر وخربوشة.. وبير عبدة ودكالة.. وأولاد سعيد.. وحتى مزاب ووثار ولد قدور... مبدع العلْوَ وماليها والصْلاَّحْ اللي فيها.. بلا ريح الدوار.. والله لا تفاك معكم كمال لحلو.. ولا تنتظروا منه أن يسلمكم عاطر حتى «بْرِيتِي».. وحتى لو تصبحون كلكم عاطرين تبحثون عن ريح الدوار في الشاوية وبني مسكين حتى لإبن جرير.. لم يمهلنا صوت شاب الشعب الكروي.. وعاد في جملة مضادة: «الله يخليك آسي بدري.. شيّروا على من هْرْمْ.. وعلى لمريض لباقي لاصق.. وللي ما عندو وقت يبعد على جلدتنا وكرتنا.. نحن الشباب نرغب في مسيرين من جيلنا.. وباركا علينا من عقليات البارح.. لا نرغب في أن نقلل عليهم الآداب.. ونرفض أن يُشتموا في المدرجات.. وأن لا نُدْفع لكتابة عبارة شكر الله سعيكم».. وقبل أن أدافع على من اشتعلت رؤوسهم شيبا.. بأن تونس يحكمها اليوم رجل بلغ من العمر 85 سنة جاء به الفايسبوك والتويتر.. ومصر يقودها جنيرال فرضته شبكة التواصل الإفتراضي.. وقدرة المواقع الإجتماعية.. ولهذه الدوافع فإنه ربما لن يكون بإمكان شاب اليوم الذي تنقصه التجربة وتحرميات الذئاب الكروية.. أن يسير أي فريق كروي مغربي بالبلاك بيري.. لأن تسييره مثل امتحانات الباكالوريا والبيرمي مع المدونة الجديدة.. ولم أتمم جملتي «عَطَّر الله كرتكم».. حتى أودع الكرة في شباكي مودعا.. .. «وراه حتى بعض الصحفيين.. هرموا مع كرتنا.. وما فيها باس لرحلوا حتاهما.. ويخليو ليجون يعومو فبحرهم...» لم يفز سوى الصديق العزيز عاطر بإعجاب هذا الشاب.. الذي أُقِر وأعترف بأنه اقترب من الصواب.. والله يخرجنا من دار العيب بلا عيب... ورمضان كريم وامبارك عواشركم..