مُحمّاد ما صَوَّتْش محمّاد بقّال في الخمسين من العمر، يملك حانوتا في حي شعبي لبيع المواد الغدائية، معروف بوطنيته، لكن في مجال كرة القدم يصبح متعصبا لجذوره السوسية، لا يشجع إلا حسنية أكادير والفرق السوسية الأخرى. ظل حانوته على الدوام ملتقى لأبناء الدرب يشاركهم النقاش حول مستجدات الكرة المغربية والسياسة الدولية. لم يفتح محمّاد الحانوت يوم الجمعة الماضي، ظل في بيته منزويا في غرفة نومه لا يفارقها، لم يكن مريضا ولا عاجزا، بل بدا عليه بعض الحزن والتوتر، لا يريد الخروج إلى الزنقة، ولا يريد أن يرى أحدا أو يكلم أحدا، حتى أنه طلب من أبنائه أن يقولوا لكل من يسأل عنه: «ما كاينش». أواااه، واش محمّاد ما غاديش يحل الحانوت؟ هذا هو السؤال الوحيد الذي ظل يشغل زوجته التي لا تتذكر يوما واحدا أغلق فيه محماد حانوته منذ أن عرفته. لكن شخصا آخر كان له سؤال مختلف: «واش أ محماد ما غاديش تنوض تمشي تصوّت على الدستور؟ّ» هكذا سأله مقدّم الحومة وهو يقف على رأسه بغرفة النوم. محمّاد، ياكما الدراري ديال عشرين فبراير لعبوا ليك على مخك؟ هاد الدستور راه جايب الخير للأمازيغية. واش بصح أسي المقدم هاد الدستور غادي يطبّق بالمعقول؟ معلوم، علاه حنا دايرين هاد الهيلالة ديال «نعم» باش ما يطبقش؟ وعلاش الدستور اللي فات درنا عليها بحال هاد الهيلالة، وما طبقات منو الجامعة والو. كان محماد منذ مجيئه إلى كازا قبل ثلاثين سنة يشارك في كل الإستحقاقات الوطنية، يشارك بحماس ومن ماله الخاص أحيانا في كل حملات السلطة لتعبئة المواطنين، لم يتردد يوما في الإيمان بخطاب السلطات، وكان يجد لها المبرر في خروقاتها للقانون أحيانا. إلا أن ما حدث لفريق أيت ملول وبعده فريق رجاء أكادير بدأ يزعزع ثقته في خطاب السلطة. فهو لم يهضم كيف حُرم الفريق السوسي إتحاد أيت ملول من الصعود في فاجعة تحكيمية واضحة للحكم يارا. وإذا كانت القوانين المنظمة وهدوء أعصاب الملوليين وروحهم الرياضية العالية هي التي فوّتت على أمثال محماد المتعصبين فرصة التظاهر أمام باب الجامعة الملكية، فإن ما حدث للفريق السوسي رجاء أكادير ضدا على القانون، جعل محماد بين خيارين قاسيين: إما الخروج إلى التظاهر أمام جامعة كرة القدم أو الدخول إلى سوق رأسه ومقاطعة الاستحقاق الدستوري. حشوما أسي المقدّم، باش عاودتاني يظلموا فرقة سوسية. شوف أمحمّاد، الظلم ما كيسوّلش على الفرقة منين، ملي كينزل ما كيشاورش. واش اللي وقع لينا في الخميسات يوقع لينا في الخْميس؟ إيوا اللي خاف من الزموري، يقرصوه الزمامرة. من مكر الصدف، أن يكون الفريق الذي حرم الفريق السوسي الأول أيت ملول من الصعود إلى قسم الصفوة يحمل إسم «الزموري للخميسات»، والذي حرم الفرق السوسي الثاني رجاء أكادير من الصعود إلى القسم الأول هواة يحمل إسم «خميس الزمامرة»، والخْميسة في الموروث الشعبي هي الكف التي تحمي من العين وتبطل السحر. وكأن سحر الفريقين السوسيين تنظيما وتسييرا وأداءً أُبطِل مفعوله بهذه التعويذة في معاقل الخْميسيين. واش حسنية أكادير حتى هي كان عندها السحر في هاديك عامين اللي دات فيها البطولة ومشى ليها من بعد؟ لا، الحسنية ما مشاش ليه السحر، ولايني مشى عليها الساحر... وعلاه محمد فاخر عندو عصا سحرية؟ كتسوّلني أنا؟ سوّل أبو القاسم يعطيك لخبار.