بعد أن أحيت نقطة ياوندي الأمل، جاءت نقطة الطوغو لتعدم مجددا هذا الأمل، ولتقوض صرح الحلم المونديالي، إذ بمنطق الأرقام والمعادلات وقد أنهينا نصف جولات الدور التصفوي الأخير بنقطتين فقط من تعادلين وهزيمة·· وبفرض أن منتخب الغابون مهيأ لأن يصل إلى النقطة التاسعة يوم ينازل منتخب الكاميرون، لم يعد ممكنا أن يأخذنا الحلم إلى ما هو ضرب من ضروب الخيال، إلى ما هو مستحيل، إلى ما لا نملك اليوم فنيا، إستراتيجيا وتكتيكيا من قدرات لنقلب المعادلات ونعبث بالمنطق· عرت مباراة الطوغو محدودية فريقنا الوطني، كشفت عوراته، وأظهرته في صورة منتخب ضعيف لا يمكن المراهنة عليه ليحقق أمل شعب وحلم وطن· وإذا كان من الشجاعة الإعتراف بعجز الأسود، فإن ذات الشجاعة يجب أن تدفعنا إلى تسمية صناع الفشل، صناع الإخفاق، هؤلاء الذين عاثوا فسادا في عرين الأسود، هؤلاء الذين حولوا الفريق الوطني إلى حقل تجارب·· ولعل المتهم الأول في جناية الإخفاق هو السيد روجي لومير الذي كنا أكبر المعترضين على مجيئه، فما دلتنا حقيقة تدبيره لمنتخب تونس في السنوات الست التي قضاها ربانا لنسور قرطاج، كان يقول بمطلق الأمانة أن الرجل ليس رجل المرحلة على الإطلاق، وأن الذين جاؤوا به لغرض خبيث في أنفسهم، إنما قصدوا معاكسة إرادة الشعب، وفي ذلك حطموا قلوب الملايين، داسوا عليها ورحلوا، ومن يستطيع أن يحاسبهم· أرغمتنا سلفية السيد روجي لومير على أن نلعب وسط جماهيرنا مقيدين، مكبلين ومفرغين من الطاقات الفنية الخلاقة، فإن لم تكن له يد في الإصابات التي غيبت بوصوفة، الشماخ وتاعرابت، فأكيد أن له يدا في هذا القهر النفسي الذي وصله الفريق الوطني، في هذا العجز التقني وفي هذا الإفلاس البدني·· كان من الممكن أن نقول كلاما آخر لو أن منير الحمداوي لم يتجن علينا وعلى نفسه بإضاعة ضربة جزاء، ولو أن يوسف حجي ملك الجرأة الكافية وسرعة البديهة ليسجل من أول كرة تسلمها، ولو أن القائم لم يرد تلك الكرة التي أرسلها زمامة نحو المرمى من نقطة الخطأ·· ولكن هل كل هذا يعفينا من الإعتراف بأن السيد روجي لومير أهدر طاقاتنا، أفسد أسلوب لعبنا، وأهاننا بدفاعيته التي يصر على أن تحضر وهي موغلة في الخوف والتوجس ونحن نلعب أمام جمهورنا، على أرضنا أمام منتخب طوغولي قال لنا على طول التسعين دقيقة أنه جاء للمغرب يبحث عن نقطة واحدة ترمم المعنويات والصفوف بعد الهزيمة الموجعة أمام الغابون· وقد تحدثت عن الجرأة الغائبة في تفكير لومير، وعن سوء تدبيره للقدرات تشبثا بأوهام تكتيكية ما زالت عالقة في ذهنه فقط، قلت أنه عطل هذه القدرات أمام الغابون، عندما ضرب في الصميم التوازنات فكانت الهزيمة، ثم عاد فلجم هذه القدرات بالكاميرون وقد كان متاحا لنا أن نحقق فوزا تاريخيا، ثم ها هو في مباراة الطوغو يظهر بمظهر المدرب الذي يخاف من ظله، لا جرأة، لا شجاعة ولا إبتكار· لماذا نلعب بسقاءين في محور الوسط ومنتخب الطوغو لا يهاجم إلا بلاعب واحد؟ لماذا يلجأ في عز البحث المضني عن الهدف الذي يحقق خيار الفوز وهو خيارنا الوحيد، إلى تغيير لاعب بلاعب من نفس الإختصاص؟ أما كان ضروريا أن نلعب من البداية بثنائية هجومية مشكلة من الحمداوي وباها، مسنودة بكل من يوسف حجي ومروان زمامة وكمال شافني ونقتصر على سقاء واحد؟ أما كان من الإستراتيجي أن نلعب بشاكلة 4132 لنزيد في عدديتنا الهجومية وتربك النظام الدفاعي للطوغو؟ ثم بماذا أفادنا معسكر فرنسا الطويل والعريض في ترويض عضلات اللاعبين وذهنياتهم أيضا؟ وإذا لم يكن لومير قادرا على أن يضع بصمته الفنية على منتخب وطني إستمر معه لمدة عشرين يوما (من 1 إلى 20 يونيو)، فمتى يصغها؟ وهل نتفق على اختيارات أفرغت الفريق الوطني من بدائل بمستوى كروي عال؟ وأنتهي إلى هذا السؤال·· من غير روجي لومير مسؤول عن إسدال الستار مبكرا على حلم الوصول إلى كأس العالم؟ أبدا لم يحدث هذا سنة 2002 وسنة 2006، وإن حصل اليوم فإنه يحصل بسبب مدرب جيء به عن طريق الخطأ، وإن إستمر مع الفريق الوطني بعد اليوم يكون ذلك أكبر خطأ· أثبت لومير عجزه وفشله وصدق ما ذهبنا إليه قبلا من أنه ليس رجل المرحلة، وإن كان يحترم >تاريخه< فليقدم إستقالته وليرحل·· ولكن لماذا نطلب منه أن يرحل، إن التعادل أمام الطوغو، وحصولنا على نقطتين من ثلاث مباريات، وإفلاس كل الآمال والحظوظ في الوصول إلى كأس العالم بجنوب إفريقيا يجعلنا في حل من أي ارتباط مع روجي لومير·· ألا ينص عقده على ضرورة تأهيلنا إلى كأس العالم؟ أنا أقول بمطلق الصدق دفاعا عن مغربيتي·· إرحل السيد لومير فما عاد لك مكان بيننا··