هل نستطيع ترويضهم؟ مصيرية المباراة تغلب العنصر النفسي على كل العناصر الأخرى الفوز أو التعادل بياوندي، هل هو رهان مستحيل؟ بين مطرقة التاريخ الذي ينطق بعجز الأسود عن ترويض منتخب الكاميرون وسندان الحاضر المحاصر بأسئلة القلق· تأتي مباراة ياوندي ليوم سابع يونيو لتضع فريقنا الوطني أمام خيارين اثنين، خيار الفوز أو حتى التعادل الذي يُبقي الأمل في ملاحقة التأهل إلى كأس العالم 2010، وخيار الهزيمة الذي سيرسلنا رأسا إلى جحيم الإقصاء، فما أظن أنه برصيد ليس فيه أي نقطة بعد مبارتين من أصل ست مباريات سنقول أننا ما زلنا معنيين بالسباق نحو المونديال· خياران ليس لهما ثالث، ما يفصل بينهما مسافة قد تصغر وقد تطول بحسب ما سيكون عليه أسود الأطلس يوم الأحد القادم، ذهنيا أولا، بدنيا ثانيا وتكتيكيا ثالثا· ما يقهر المستحيل قد نتصور الفوز بياوندي وسيكون بالطبع سابقة تاريخية، شيئا من المستحيل، وقد علمتنا كرة القدم بمنطقها المختلف وبفلسفتها الخاصة أن تعريف كثير من الكلمات يتغير فيها وعندها· هذا المستحيل بأي صورة نشاء، لا نستطيع أن نجعله حقيقة إلا إذا كنا يوم الأحد بياوندي بتركيبة ذهنية ونفسية تستطيع أن تقهر كل الظروف، ما فوق الطبيعية التي ستأتي بها المباراة ، وبتركيبة فنية وتكتيكية يكون بمقدورها ترويض أسود الكاميرون· ولأن أسود الأطلس يقبلون على نزال كروي قوي، صعب، شائك ومصيري، يكون من الضروري أن نواجه أنفسنا بالأسئلة التي يلزمنا بها خيار الفوز أو حتى التعادل بياوندي· هل حقا فريقنا الوطني في وضع نفسي يشعر بالقدرة على الخروج من فرن ياوندي سالما غانما؟ هل لفريقنا الوطني الجاهزية البدنية لخوض معركة كروية ضارية مثلما أنها مصيرية لنا، فهي أيضا مصيرية وحاسمة لمنتخب الكاميرون؟ هل لفريقنا الوطني الحصانة التكتيكية الضرورية للترفع على الأخطاء الفردية والجماعية وهو في مواجهة منافس متربص؟ هل الفريق الوطني يمثل اليوم لحمة واحدة، ينطلق بها نحو أحراش مخيفة فيأتي بالطريدة التي ما حلمنا بالحصول عليها يوما هناك بالكاميرون؟ مشتركات الكاميرون والمغرب عند مقابلة حاضر الفريق الوطني وحاضر المنتخب الكاميروني نحصل على كثير من المشتركات، على نقط إلتقاء كثيرة·· أول هذه المشتركات ونقاط التلاقي أن المنتخبين معا وهما بلغة التاريخ أقوى متنافسين على البطاقة الوحيدة المؤهلة لكأس العالم بجنوب إفريقيا، خسرا مباراتهما الأولى مع بعض الإختلاف النوعي، فالفريق الوطني خسر مباراته أمام الغابون الذي هو رابع منتخبات المجموعة بإعمال منطق التفاصيل والتراتبية، خسرها بملعبه وأمام جماهيره· ومنتخب الكاميرون خسر أيضا مباراته الأولى أمام الطوغو، وقد أعطاه استمرار منع الطوغو اللعب على أرضها وإجراء المباراة بغانا سبقا استراتيجيا لم يستفد منه· ثاني هذه المشتركات أن المنتخبين المغربي والكاميروني عانا معا من نزيف الخسارة، فخسارة الأسود أمام الغابون رحلت بمكتب جامعي وجاءت برئيس جديد للجامعة، وأحدثت داخل هيكل الفريق الوطني شرخا كبيرا لا يستطيع المدرب والناخب الوطني روجي لومير إلا ستره· وخسارة الأسود غير المروضة أمام الطوغو فتحت جرحا غائرا، تحايل الكاميرون عليه وما استطاعوا، فقد انتهى التصعيد واختلاق البدائل التي لا تقوم على أساس منطقي إلى استقالة المدرب الألماني فيستر على بعد عشرة أيام فقط من موعد المباراة· هذه المشتركات هي ما يجعل الفوز خيارا مطلقا للكاميرون وخيارا استراتيجيا للفريق الوطني· هذه المشتركات تكره الكاميرون على الفوز وليس على أي شيء آخر غير ذلك، وتلزم الفريق الوطني باستبعاد الهزيمة لأنها موت معلن للحلم المونديالي· كيف نعبر نهر التماسيح؟ وطبعا عندما توضع مباراة في هذا السياق الزمني الرهيب وتحكم بمثل هذه المعادلات وتربط بهذا الوثاق الصارم، فإننا نتصور في أي فرن سيوضع الفريق الوطني، أي جحيم سيدخلونه هذا الأحد، وأي جهد خرافي سيحتاجونه للخروج من جحيم يحرق الأمل إلى جنة تعيد الحياة لهذا الأمل· ويعنينا في مساءلة حاضرنا عن الطوق الذي نحتاجه لعبور نهر التماسيح ولاختراق صحراء الأسود غير المروضة، هو طوق نفسي وتكتيكي بمقاس معين وبنظام معين كذلك، هو ثقة موزونة بالنفس وبالقدرة على أداء المهمة ، وهو جاهزية بدنية وتكتيكية لخوض معركة كروية ضارية· وما يخيفنا عند العودة إلى حاضرنا ما عليه عرين أسود الأطلس منذ مباراة الغابون من لخبطة ومن ملاسنات، وما عليه المسؤول الأول المدرب روجي لومير من حيرة في ضبط التوازن وفي ممارسته الكاملة في اختيار العناصر وأيضا في اختيار نهج وأسلوب اللعب· لقد دلتنا مباراة الغابون على وجود ثقوب دفاعية، وذهب أكثرنا إلى ربط هذه الثقوب بعناصر بعينها، مع أن حقيقة الأمر تقول بأن هناك ثقوبا في دفاعيتنا وليس في دفاعنا، في تطبيقنا لضرورات الدفاع بشكل جماعي وليس بشكل فردي، ودلتنا مباراة الغابون على أن هناك إنفصاما واضحا في شخصية الفريق ككل، ما تأكد بعد المباراة عندما تسبب عجز لومير عن إحكام الوثاق الجماعي في إشعال فتيل الخلاف بين عناصر وطنية، كانت قومية المسؤولية ووطنية الأمانة تفرضان أن ينتفي هذا الخلاف، أن ينتقي مجرد الحديث عنه· ولأننا نعرف أن ربح رهان مباراة بذات المصيرية التي ستكون عليها مباراة الكاميرون، يمر من قوة جماعية معبر عنها نفسيا وذهنيا ثم بدنيا أو تكتيكيا، فإننا نتساءل عن الذي أنجزه السيد لومير على طول المعسكر الإعدادي الذي إختار له فرنسا مكانا بسبق الإصرار على نفي العناصر الوطنية خارج مدن الضغط للقفز على عيوب ومشاكل المرحلة، ووضع العناصر الوطنية في الإطار النفسي الذي يتوافق مع مستلزمات المباراة· الهزيمة مرفوضة غير العامل النفسي الذي له أهميته القصوى والبالغة، هناك عوامل أخرى، توفر بعضها من مسؤولية المدرب روجي لومير، وتوفر بعضها الثاني من مسؤولية اللاعبين، وتوفر بعضها الثالث من مسؤولية الجامعة· وما يقع على روجي لومير يأخذ هو الآخر طابع المصيرية، فالمدرب الفرنسي مثلما يحتاج إلى دفع الهزيمة عن فريقه لأنها خيار غير مرغوب فيه، لأن البقاء بصفر نقطة بعد مبارتين يعدم بحساب قوة المجموعة وليس بحساب المعادلات كل أمل في التأهل لكأس العالم، مثل يحتاج لومير لاستبعاد الهزيمة دفاعا عن حظوظنا في التأهل، فإنه يحتاجها أيضا لتأمين بقائه على رأس الفريق الوطني، ذلك أن لومير ما حضر إلى المغرب وما تعاقد مع الجامعة (ضدا عن إرادة الرأي العام) إلا ليقود الفريق الوطني لكأس العالم، وفشله في ذلك وحده يقوده رأسا إلى بوابة المغادرة· ما يقع على لومير أيضا من مسؤولية يفرض أن يخرج به من الضبابية التي تسود طقسه والبرودة التي تسيطر على مناخه، فهو يحتاج إلى فهم صحيح للقدرات البشرية والفنية المتوفرة لديه، ليختار منها من يكون أهلا للمهمة، ويحتاج أيضا إلى فهم أكثر بمنافسه الذي يقف على بعد مسافة قريبة منه، فلكي نربح مباراة نحتاج إلى فهم أنفسنا وفهم المنافس وفهم محيط هذه المباراة، تماما كما نحتاج إلى توظيف سليم لكل الطاقات البشرية المتوفرة· وسنفهم عند استقرار لومير على التشكيلة التي سيبرز بها الفريق الوطني والتي سيتغير فيها حارس المرمى بلا أدنى شك، وحتى متوسط الدفاع بغياب طلال القرقوري وأيضا الوسط الدفاعي بغياب يوسف سفري، ما هي الأسلحة التي سيواجه بها الكاميرون، وهل نجح عند المفاضلة بين الأسلحة في اختيار ما يناسب المباراة والخصم وفرن ياوندي المشتعل· وما يقع على اللاعبين الذين ستوكل إليهم مسؤولية كسب الرهان المستحيل أعمق وأكبر، فهم بحاجة إلى وثاق جماعي يربط فيما بينهم وعيا منا جميعا أن المباراة تحتاج أكثر إلى قوة جماعية، وهم أيضا بحاجة إلى الإحترافية المترسخة في تفكيرهم لمغالبة الظروف، للسيطرة على الهوامش الساخنة وبالخصوص لترويض أسود يوجدون في حالة من السعار المخيف؟ وما يقع على الجامعة تمثله بكامل الوعي الرئيس الجديد السيد علي الفاسي الفهري الذي قال أن علينا جميعا أن نؤمن للفريق الوطني الظروف النفسية والعملية التي تساعد على أداء المهمة، أن نفعل كل الذي نستطيعه حتى لا نندم ذات لحظة على أننا فرطنا في عنصر من عناصر النجاح· خصوبة هجومية ولعلكم توصلتم أن محيط الفريق الوطني وحتى منتخب الكاميرون الصاخب، المتعب بأسئلة الحيرة والقلق فرض أن نضع اعتبارات للشرط النفسي الذي يبرز كشرط كبير وقوي، إذ سيكون له تأثير على المباراة نفسها، على الإختيارات البشرية والتكتيكية، ومن سيتوصل إلى تصريف الضغط النفسي، بل والسيطرة عليه سيكون بلا أدنى شك الأقرب لتحقيق الفوز· وبالقطع فإن الشرط النفسي ستكون له إنعكاسات قوية على المباراة، هو من سيوجهها من أولها إلى آخرها، وهو من سيفرض التنوع التكتيكي وهو من سيلزم الفريق الوطني بضرورة أن يحرص على التعامل بحذر كبير مع كل الجزئيات بخاصة الدقيقة منها، وأظننا نشترك مع منتخب الكاميرون في وجود خيارات كثيرة على مستوى خطي الهجوم والدفاع، فيما نشترك أيضا في تقلص هذه الخيارات دفاعيا· للكاميرون نجم مطلق هو صامويل إيطو، لا يستطيع أي لاعب أن يحلم ببلوغ أكثر مما بلغه إيطو هذا الموسم وهو يفوز بالثلاثية التاريخية، وبعده يأتي في مراتب بعيدة مهاجمون هم أشيل إيمانا مهاجم بتيس إشبيلية الإسباني، وبخاصة من يعتبرونه الخليفة المرتقب لإيطو، بول ألو إيفولو المتوج هدافا لدوري الدرجة الثانية بفرنسا، من دون أن ننسى بيير بويا مهاجم غرونوبل الفرنسي وكويماها مهاجم دويسبورغ الألماني· وللمغرب نجم إعتلى منصة التتويج متوجا بلقب بطل فرنسا هو مروان الشماخ، ومعه نجم أصبح حديث العام والخاص بهولندا بعد أن فاز بلقب بطل وهداف ونجم بطولة هولندا هو منير الحمداوي، وإلى جانب الشماخ والحمداوي، لا ننسى بالطبع أن يوسف حجي ختم موسمه مع نانسي بتوقيعه 11 هدفا، وكان الأمر سيكون أكثر رائعا لو لم تقص الإصابة امبارك بوصوفة المتوج نجما لنجوم البطولة البلجيكية وعادل تاعرابت الفجر الجديد المنبعث في سماء الفريق الوطني· هذه الخصوبة الهجومية ستكون بالفعل صورة من صور التنافس القوي داخل المباراة، وهي تحتاج منا تحديدا إلى استثمار عاقل بأن نحميها ونغذيها جماعيا، بالحرص على أن تكون دفاعيتنا لا مُفْرِط فيها ولا مَفرَّطٍ فيها، وبالحرص أيضا على أن نتنبه إلى ما يحتاجه بناء العمق الدفاعي والتوازن التكتيكي من يقظة وتركيز شديدين، وإلى ما يحتاجه التوازن من عدم التفريط بسهولة في الكرة· زاد الثقة إننا نعي ونقدر ما يقع على اللاعبين تحديدا من مسؤوليات داخل مباراة نتفهم ما هي عليه من مصيرية وحساسية واشتعال أيضا، فالمباراة تمثل لهم حياة أخرى لحلم مونديالي إغتالته الهزيمة أمام الغابون، وهي تمثل أيضا لنا جميعا كمغاربة فرصة لنتصالح مع أنفسنا ولنتزود بالثقة التي تفرضها كل أوراش الإصلاح التي نحن مقبلون عليها· ثم إنها مباراة سنجرب فيها أن نروض أسودا كاميرونية، وسيكون رائعا أن ننجح في ترويض هذه الأسود في هذه المباراة بالذات وفي هذا التوقيت بالذات·· والله المستعان·· حكام المباراة عين الإتحاد الدولي لكرة القدم ثلاثي التحكيم من جزر موريس يتكون من سيتورن راجندار بارسالا كحكم وسط بمساعدة بوتون ياكريتينا وشانجي سانجي لقيادة المباراة الهامة التي ستجمع الأحد القادم بالعاصمة الكاميرونية ياوندي بين المنتخب الكاميروني والمنتخب المغربي برسم الجولة الثانية من تصفيات كأسي العالم وإفريقيا 2010· توقيتها ومكانها تجرى المباراة يوم الأحد 7 يونيو 2009 بالملعب الأولمبي أحمادو أحيدجو بالعاصمة الكاميرونية ياوندي· وهو ملعب شيد سنة 1972 ويتسع لقرابة 40 ألف متفرج، وقد جرى تحديثه وإعادة صيانته سنة 2007، إذ عملت إحدى المقاولات الصينية على وضع مقاعد مرقمة· آخر مواجهة المغرب الكاميرون: 00 التاريخ: 15 نونبر 2005 (لقاء ودي) الملعب: كليرفونطين (فرنسا) الجمهور: 400 الإنذارات: وليد الركراكي (المغرب) أرموند (الكاميرون) المغرب: فوهامي (باغي د46) بنعسكر وادو (فهمي د46) الركراكي (عبد الصادقي د46) القنطاري خرجة (عوبادي د46) قيسي اسكيتيوي (موحال د46) (خربوش د73) أبوشروان (قاسمي د46) الزاييري (بوصابون د46) الشماخ (بودن د67)· المدرب: تروسيي الكاميرون: حميدو (كاميني د46) أطوبا (رودولف د46) سونغ أرموند (سوتشاتا د85) جيريمي (يانديبا د46) (سونغ د83) يوبا (أولميمي د46) ويبو امبامي (مبييا د46) ماكون (دجيمبا د46) دومي أرماند (جوستان د46) أشيل إيمان (طوتشين غون د46)· المدرب: آرتور جورج