ماذا يحتاج الفريق الوطني يوم 20 يونيو؟ يكون ضروريا اليوم أن نتعقل في قراءة مباراة الفريق الوطني أمام الكاميرون بياوندي، ما حصدناه، وما لم نحصده، ما أدركناه وما لم ندركه، ما حققناه وما كان يمكن أن نحققه· ويكون لزاما وضروريا إعمال التعقل في التعاطي مع هذه المباراة في هذا التوقيت بالذات، لأن فريقنا الوطني وبعد عشرة أيام من الآن سيكون مواجها بمباراة هي الأخرى عيارها ثقيل وهوامشها مثقلة بالهواجس، ونتيجتها بأهمية استراتيجية قصوى· تلزمنا النقطة المحصل عليها بياوندي، أن نبحث عن الفوز أمام الطوغو، وهو خيار وحيد، صعب ويحتاج بحسب رأيي إلى تعبئة متجددة، بخاصة في هذا التوقيت الصعب، الذي يكون مفهوما أن يصل فيه اللاعبون بخاصة الذين يلعبون في بطولات عالية الإيقاع إلى درجة كبيرة من الإعياء والتعب والوهن· صحيح، أننا عندما نعود إلى مباراة ياوندي نصاب بما يشبه الحسرة على أننا أضعنا فوزا كان في المتناول قياسا مع ما كانت عليها المباراة، ما كان عليه أسود الكاميرون، وما أتاحته لنا تلك المباراة من فرص ونحن ننطلق في مرتدات سريعة· ولكن، هل ننقص من قيمة النقطة المحصل عليها بياوندي، هل نحيط أنفسنا لمجرد أننا لم نأخذ من موقعة الكاميرون ما كانت تعطيه لنا باليدين معا؟ تقتضي حكمة التدبير أن نصل إلى ما نستطيعه من منطق مع النفس ومع السياق الزمني والإطار النفسي لتحليل أبعاد التعادل الذي تحقق بياوندي، لتقييم حقيقة النقطة المحصل عليها بالكاميرون، فما عاد هناك مجال للبكاء على اللبن المسكوب، بل إن كل تركيزنا يجب أن يذهب إلى استثمار النقطة المحصل عليها أمام الكاميرون، ونحن على أعتاب مباراة أخرى مصيرية أمام الطوغو لا تقبل إلا بخيار الفوز·· مزيدا من التحصين لنقل أن التعادل الذي تحقق للفريق الوطني بصرف النظر عن أن مباراة ياوندي كانت تسمح لنا فعليا بما هو أكثر من نقطة التعادل·· مؤشر على أن هناك إنعطافة كبيرة داخل الفريق الوطني، من الممكن أن تذهب إلى أبعد مدى في تغيير نظام ومنظومة العمل وأيضا في تغيير أسلوب تدبير عرين الأسود·· أكدت المباراة برغم الذي سبقها من اهتزازات (الغياب الذي أثار أكثر من سؤال لمروان الشماخ، الغياب الذي أثار الحفيظة لطلال القرقوري)، أن هناك تلاحما قويا بين العناصر الوطنية، بدليل أن المجموعة التي حضرت مباراة ياوندي، ضد فريق كاميروني مهما قلنا عنه فهو يبقى فريقا قويا، بدت متماسكة، معافاة نفسية وفي أفضل تعبئة ممكنة· والأمر يفرض أن نربط هذا التعافي نفسيا بما بذلته الجامعة، ما بذله تحديدا رئيس الجامعة الجديد السيد علي الفاسي الفهري لوضع كافة المؤثرات الإستراتيجية، النفسية إلى جانب الفريق الوطني، لمساعدته على أداء مهمة كنا نعتبرها إنتحارية، لأسباب ذاتية وموضوعية، أما الأسباب الذاتية، فهي أن التصالح مع النفس ومع الجماهير كان يقتضي تقديم مباراة يبرز فيها الجهد الفردي والجماعي، وأما الأسباب الموضوعية فتكمن في أن الفريق الوطني كان محكوما بضرورة دفع الهزيمة وبأي ثمن·· وقد لمسنا في الحضور الفعلي لرئيس الجامعة بمعية نورالدين نيبت الذي يمثل لأغلب العناصر الوطنية عنصر إلهام، ما يؤكد على أن هناك عزما على وضع مقاربة جديدة لتدبير الفريق الوطني، وإذا ما كانت موقعة الكاميرون بما سبقها وما تلاها قد عالجت النقص التواصلي بين مكونات الفريق الوطني، فإن ذلك كله يفرض أن يواصل رئيس الجامعة بمعية المكتب الفيدرالي الجهد من أجل تحصين الفريق الوطني ضد كل أشكال التمييع والإهتراء الذي يصل حد ضربة مصلحة شعب بكامله· نقاط الضوء وإذا ما تعمقنا في الأداء الفني للفريق الوطني في مباراة الكاميرون، فإننا سنسجل عند عقد المقارنة مع مباراة الغابون، ما يمكن أن يكون بذرة تفاؤل، بوجود تحسن على الأداء الفني والمهاري لمجموعة من اللاعبين بعينهم، فحراسة المرمى التي أحاطت بها علامات إستفهام كبيرة خلال مباراة الغابون، كانت بعودة نادر لمياغري إحدى أكبر نقاط القوة·· والإطمئنان على تصاعد أداء نادر لمياغري يفرض في طليعة ما يفرضه أن تستثمر ثقة الرجل بنفسه وبأدائه بالشكل الصحيح، ثم إن خط الدفاع الذي مثل لنا مصدر الخوف والتوجس، كان بشكل عام في وضع أفضل، إذ كشفت موقعة ياوندي عن إمكانات رائعة لمهدي بنعطية الذي لعب أول مباراة رسمية له، وقدم أوراق إعتماد مختومة تقول بأهليته وأحقيته في أن يصبح ضلعا أساسيا في قاعدة الدفاع، على أن أطراف هذا الدفاع تحتاج إلى مزيد من العمل المنهجي ليصبح الأداء أفضل، لأنني عند رأيي أن خبرة ومرجعية قادوري وبداهة بصير يمكن أن يعطيا ما هو أفضل فيما لو أسست لهم الشاكلة ذلك·· وبرغم أننا كنا دفاعيين أكثر من اللزوم للخوف الكبير الذي سيطر على لومير من الخسارة، فإن خط الوسط الإرتدادي والهجومي قدم في ظل غيابات كثيرة ما يجعلنا نطمئن نسبيا له·· فخرجة الذي ينهي موسما ماراطونيا في البطولة الإيطالية تدبر مباراته بشكل ذكي، إذ حاول التغطية على النقص الواضح في الطراوة البدنية، وشافني إنضبط تكتيكيا بشكل مثير، إذ كان متجاوبا مع كل ضرورات المباراة، ومروان زمامة لمدة ستين دقيقة زاوج بين التغطية الفعالة على الرواق الأيمن وبين المناورة، وبخروجه لاحظنا كيف أن وومي الظهير الأيسر الكاميروني تحرر من المهام الدفاعية وانطلق في التوغل وتمرير الكرات الساقطة، وكريم الأحمدي يستحق التهنئة لأنه غالب الإصابة ولعب ما تيسر من دقائق بكفاح كبير· وهجوميا في ظل الغياب المؤثر للشماخ وبوصوفة، نستطيع القول أننا لم نستثمر قوانا الضاربة برغم أن يوسف حجي مهد لكرات كثيرة وعارك بضراوة في معترك الموت، ذلك أن منير الحمداوي وقد جاهد لبلوغ المرمى ضاق ذرعا بالحراسة اللصيقة، وخانته الطراوة البدنية ليسجل من مواقع ألف التسجيل منها· لنكفر عن أخطاءنا نستطيع أن نلوم روجي لومير على أنه عمد إلى التحصن في دفاعه، بقدر ما نستطيع أن نلوم الحمداوي على أنه لم يكن فعالا في ترجمة الفرص التي لاحت له إلى أهداف، وما فوق اللوم هناك الإقرار بأن الضرورة وقد أصبحنا على بعد أيام من مباراة الطوغو أن لا تأخذ من مباراة الكاميرون ما يشجعنا ويحفزنا على البحث عن الفوز يوم 20 يونيو·· نترك اللوم وندع الحسرة ونرمي بالندم، ونستضيء بالقبس الذي جاءت به النقطة، نقطة ياوندي، وهي مجرد نقطة من بحر، أو نقطة في بحر· إن خيار الفوز المطروح على الفريق الوطني أمام الطوغو يلزمنا بشيء واحد، أن نتوجه من الآن بكامل حواسنا وبكامل جهدنا لمباراة الطوغو، التي لن يكون الفوز فيها سهلا بعد الثلاثية التي خسر بها الطوغوليون في الغابون، وبعد الذي يصيب أرجل وذهن اللاعبين من ثعب في هذه الفترة بالذات·· ومع ضرورة أن يواصل رئيس الجامعة ترتيب البيت وترتيب العرين بما لا يربك الأسود أنفسهم، فإن المدرب روجي لومير ملزم بأن يستعد فنيا، تكتيكيا، بدنيا ونفسيا كل الذي حضر لغاية الأسف خلال مباراة الغابون، فكانت الهزيمة التي تزول ندوبها وآثارها سريعا· فما كان أمام الغابون سوء اختيارات، سوء نهج وسوء تدبير، صحيح أن موقعة ياوندي صححت بعض الإختيارات وصححت بعض ما في النهج من تشوه·· ولكن موقعة الرباط أمام الطوغو لن نسمح أبدا بارتكاب ذات الأخطاء·