لكل مجتهد نصيب لا شك أن لكل مجتهد نصيب، فعندما نكد ونثابر أكيد أن النجاح يحالفنا عاجلا أم آجلا، وما تابعنا من صور تقنية وجماهيرية وجماعية وإلتئام خلال الفوز التاريخي الذي حققه المنتخب المغربي على الجزائر برباعية نظيفة، إنما جاء نتيجة إرادة جماعية وحماس لطالما افتقدناه في السنوات الأخيرة، تحقق إذن المراد وسجل الأسود الأهم يوم الرابع من يونيو الذي سيبقى من دون شك يوما خالدا في سماء الرياضة المغربية والإفريقية على السواء، لكن السؤال الذي ربما يطرح نفسه في هذه المرحلة هو كيف يمكن أن نستثمر هذا الإنجاز التاريخي، أو كيف نستغل هذه النتيجة في الظرفية الهامة في مشوار الكرة المغربية التي من خلالها نسعى إلى تحقيق النقلة النوعية. نعرف أنه عندما تحصل أي انتكاسة أو مخاصمة مع النتائج فلا بد من البحث عن نقطة الإنطلاقة التي تكون عبارة عن منعرج حاسم، وكلنا يعرف أن الكرة المغربية في السنوات الأخيرة عاشت على إيقاع الإخفاقات والكبوات وزاغت عن طريق الإنتصارات والأفراح، لذلك سنعتبر هذا الفوز التاريخي ما هو إلا بداية لمشوار آخر وصفحة جديدة نستشرف من خلالها ما هو أفضل، والمطلوب هنا الحفاظ على الصورة الحالية لهذا المنتخب والمحيط الذي عاشه الأسود طيلة الإستعدادات للمواجهة، أي المحيط النفسي والتقني والجماعي في انتظار الإستحقاقات القادمة، خاصة المباراة القوية التي تنتظرنا مطلع شتنبر القادم ببانغي أمام منتخب إفريقيا الوسطى. والظاهر أن الرسالة التي مررها المنتخب المغربي في هذه المباراة أكدت أن لا شيء يمكن أن يزعزع الإستقرار والأحلام إذا ما حضر الحماس والتف الكل أمام هذا المنتخب، بدليل أن قضية عادل تاعرابت الذي غادر المعسكر في مباراة جد حاسمة وصعبة وفي ظرفية حساسة أي قبل يوم من المباراة لم تؤثر في معنويات اللاعبين ولا الطاقم التقني، بل إنها زادت وحفزت اللاعبين على تحقيق الفوز وكأني بهم أرادوا تأكيد أن مصير المنتخب المغربي لا يتعلق بلاعب واحد وإنما هو فريق جماعي من لاعبين وطاقم تقني وجمهور ومسيرين، وهو ما يؤكد أن المنتخب المغربي أصبح معافى من جميع الأعراض التي كانت تؤثر عليه وتدفعه لتسجيل النتائج السلبية، فعندما نعود إلى الوراء ونقلب صفحات التمردات التي صدرت من اللاعبين كعبدالسلام وادو ووليد الركراكي ونبيل درار وعادل تاعرابت وغيرهم سيتأكد لنا أن هذه المشاكل الداخلية في السنوات الأخيرة كانت تنال كثيرا من محيط المنتخب المغربي، وذلك في غياب مدرب بشخصية قوية يُقر الإنضباط داخل عرين لأسود، حتى أن السؤال المحير الذي كان يقض مضجع المغاربة ويعد لغزا محيرا يتعذر عليه الإجابة، بل كان عبارة عن سؤال يطرحه دائما المتتبعون الدوليون، هو كيف للمنتخب المغربي الذي يملك أفضل اللاعبين الذي يمارسون في بطولات أوروبية وازنة ومع ذلك فإنه لا يحقق النتائج المتوخاة.. اليوم أدركنا وبعد مباراة الجزائر أن الأمر هنا يتعلق بمحيط المنتخب المغربي، فعندما يكون هذا المحيط نقيا والكل يستشعر بمسؤوليته فالأكيد أن الإنتصارات تتحقق، وإنه لعمري أن السبب الأهم الذي جعل المنتخب المغربي يظهر بذات المستوى التقني والحماس والإرادة أمام المنتخب الجزائري هو نفس السبب الذي لطالما تسبب لنا في العديد من الكبوات ووأد أحلام النجاحات والألقاب، فلا أحد يشك في أن لدينا منتخبا قويا ومتجانسا، ليس لأننا فزنا على المنتخب الجزائري ومزقنا شباكه برباعية خالدة، ولكن لأن الكرة المغربية لديها من المواهب والإمكانات التي لا تملكها منتخبات حققت النجاح في الفترة الأخيرة. لقد ظهر منتخبنا معافى من الأسقام، ونتمنى أن يظل على هذا الطريق قويا وملتحما ومتجانسا، لأننا اليوم أحوج أن نستثمر هذا الفوز فيما ينتظرنا من استحقاقات، نستثمره بالشكل الذي لا ينسينا أيضا الأخطاء المرتكبة ويدفعنا إلى تسييج محيط المنتخب المغربي حفاظا على استقراره وبحثا عن انتصارات أخرى، حتى نتفادى ترديد أن للفوز ألف أب والخسارة يتيمة.