صخرة أطلسية بمقاسات خارقة ما شاهدته بمراكش أعجوبة تفوق كل الأوصاف إندمجت مع الأجواء بسرعة واختياري للأسود مبعث فخر لي سعادتي كبيرة بأن أكتب أول صفحة بانتصار أنطولوجي بلهندة كان محوريا في معادلة إلتحاقي بعرين الأسود قادرون على صناعة المستحيل لو نواصل بهذا الشكل المذهل
مصائب قوم عند قوم فوائد، ورب الضارة النافعة هي من حملت الوافد الجديد للظهور بشكل رسمي داخل العرين الأطلسي، كاتبا صفحته وشهادة ميلاده بدون مقدمات ودون طول انتظار. هكذا كان الكوثري حميدا في أول خرجته، وهكذا استطاع هذا المدافع التأكيد على أنه من طينة الجلادين الحريريين أمام منتخب جزائري يضم العيارات الكفيلة بجعله تحت المحك.. الكوثري أكد فخره الشديد بالإنتماء للمنتخب الوطني وأعلن عن عميق التعلق بأسود وبلد متغلغل في الوجدان، ويحكي عن تجربته الأولى وأسبوع إعتبره استثنائيا في مساره كلاعب بعد أن لبس لباس الدولية وربح الرهان باقتدار كشف عن علو الكعب والثقة بالنفس. - المنتخب: قد نهنئك على الأداء قبل الإنتصار لأن ما قدمته كان مذهلا في أول حضور، أليس كذلك؟ عبد الحميد الكوثري: لا، أنا مع الطرف الثاني لأن سعادتي لا توصف بالإنتصار قبل أي شيء آخر، لم أكن أضع في الإعتبار الإنجازات الفردية أو تخطي الإختبار بنجاح بقدر ما كنت أتطلع لأن يكون هذا الظهور حليفا لانتصار أيقنت منذ الوهلة الأولى أنه يمثل الشيء الكثير لكل المغاربة الذين كانوا في الملعب أو تابعوا المباراة عبر الشاشة، الحمد لله على كل حال. - المنتخب: تقر إذن بأنك كنت موضوعا تحت الضغط؟ عبد الحميد الكوثري: صحيح، لكنه لم يكن ضغطا بالشكل الذي يرعب أو يقلل من حجم الثقة بالنفس وله انعكاس على الأداء، أسميه أنا بالضغط الإيجابي الذي يكون أحيانا حاسما وفعالا للتحريض على تقديم الأفضل. لقد شغلت نفسي طيلة الفترة التي سبقت قدومي بتهيئ الوصفة التي بإمكانها أن تجعلني موفقا وبالشكل الذي يخدم المستقبل، كنت أدرك أنه للبداية تأثير كبير على مستوى الإنطباع الذي تتركه لدى الجمهور، لذلك كانت لحظة تاريخية في مشواري. - المنتخب: لنرجع معك قليلا للوراء، لقد طال مسلسل تأهيلك لحمل ألوان الفريق الوطني، ألم تتأثر خلال هذه الفترة؟ عبد الحميد الكوثري: فعلا، وإن كنت أدرك أن مسألة الحضور لتمثيل المغرب هي مجرد مسألة وقت، لقد كان هناك قرار أنا من يحسم فيه وأعلنت أن اختياري واضح لا لبس فيه وبالتالي تأهيلي هو أمر واقع. لا أقول إنتابني الشك، لكن الفترة التي التي استغرقت فيها الإجراءات جعلتني غير واثق من اليوم والمباراة التي سأكون فيها جاهزا ولو أني تمنيت أن تكون عبر لقاء المنتخب الجزائري وعلى أرض المغرب وهذا ما كان. - المنتخب: قرار الإختيار أية عوامل تحكمت فيه؟ عبد الحميد الكوثري: إختيار العقل والقلب والجوارح، لقد كنت حرا في اختياري وهو اختيارالإرادة والتعلق بالوطن.. بلهندة صديقي الذي سبقني للعب رفقة المنتخب الوطني كان له دور بارز ومحوري على مستوى إذكاء الشعلة وزيادة جرعات الحماس للإلتحاق سريعا. كل مرة كان يحكي لي عن الدفء الموجود هنا كان يزيد إصراري على تقديم إشارات برغبتي في الإلتحاق بالمجموعة، إلى أن حانت لحظة الحسم التي جاءت في الوقت المناسب، إقتناعي راسخ على أنه كان الإختيار الصحيح وأنا لست من الأشخاص الذين يترددون في مواقفهم. - المنتخب: كيف وجدت الأجواء لحظة الوصول، هل كانت مطابقة للتصورات التي وضعتها حول المحيط؟ عبد الحميد الكوثري: بل بنسبة زائدة، ما وجدته هنا كان مسألة تفوق الوصف، وجدت كل الترحاب والتقدير من اللاعبين الذين سبقونا لهذا المكان، هذه جزئيات نفتقدها في أماكن أخرى وهي من تصنع الفارق في بعض المناسبات ولعل التجارب التي تشهد على سقوط منتخبات موجودة وملموسة. - المنتخب: بدا ذلك أو لنقل إنعكس على أدائك خلال أول مباراة؟ عبد الحميد الكوثري: لنكن صرحاء أكثر ونضع النقاط على الحروف كما هي الحقيقة أصلا، أظن أنني محظوظ بعض الشيء لأن الأجواء التي رافقت اللقاء هيأت أمامي مناخا ربما لم أكن أحلم به وهو ما حفزني على تقديم الأفضل عندي وإعلان إسمي ليحكم عليه الجمهور المغربي. - المنتخب: إذن أنت من الذين ينتصرون لطرح تأثير الأجواء على المردود الفني حتى ولو كان هناك لاعب محترف؟ عبد الحميد الكوثري: طبعا، وهذه أشياء يعرفها حتى أكبر اللاعبين على مستوى العالم، خاصة حين يتعلق الأمر بمباراة لمنتخب وطني، ما شاهدته بمراكش وما عشناه خلال المباراة من أجواء احتفالية كان أعجوبة بكل المقاييس، لقد كان المشهد مثيرا للإعجاب والتقدير في آن واحد، وأي لاعب يتمنى أن يكون حاضرا في ظل طقوس من هذا الحجم، هذه هي المحطات التي لا ينساها لاعب الكرة مهما كانت قيمته ومهما كان انتماؤه. - المنتخب: ما هي اللحظة الأقوى أو الأكثر إثارة للمشاعر كما عشتها خلال المباراة؟ عبد الحميد الكوثري: لقد كانت لحظة عزف النشيد الوطني، خلالها أيقنت أن اختياري كان سليما لأن قلبي هتف بأشياء لم أشعر بها من قبل، هذه التعابير جد قوية وتشهد على صحة الإنتماء وقوته. - المنتخب: هل توقعت سيناريو بالشكل الذي آلت إليه المباراة؟ عبد الحميد الكوثري: لا، لكني كنت موقنا طوال فترة الإعداد على أن هناك تسلحا بالإرادة من طرف الجميع، وحين تحضر الإرادة والعزيمة يمكن توقع أي شيء.. لقد قدم اللاعبون مباراة العمر وبمرور الدقائق كان يتأكد للجميع على أن الليلة هي ليلتهم وأن جاهزيتهم في تمامها، وبالتالي كانت النتيجة مرشحة لأن تكون أكبر من الحصة التي انتهت بها المباراة. - المنتخب: إنسجام كبير مع بنعطية في الظهور الأول، هل من أسرار؟ عبد الحميد الكوثري: أعرف المهدي منذ كان بفرنسا، لكني أعترف بأنه تطور كثيرا وتحسن بالشكل الذي يجعل منه لاعبا بمواصفات عالمية، طوال الأسبوع أيقنت أني أتكلم نفس اللغة التي يتكلمها المهدي واشتركنا في عدد من الأشياء التي سهلت المهمة.. كرة القدم توجد بها لغة موحدة وما إن يحترم اللاعب التعاليم ويمتثل للنصائح تصبح بعدها كل الأمور سهلة وفي المتناول. - المنتخب: ألم يساورك الشك في لحظة من اللحظات بخصوص قدرة لاعبي الهجوم الجزائري على المناورة المزعجة وما قد تتسبب له في حرج في الظهور الأول؟ عبد الحميد الكوثري: إطلاقا لا، ولو حدث هذا الأمر فإنه يسحب الثقة من اللاعب ويجعله لا يستحق بدوره مكانه ضمن المجموعة.. قلت لك أنا لست من المترددين ولا من اللاعبين الذين يهابون المسؤولية. المنتخب: هل تعتبر إذن أداءك جواز مرور للقبض على الرسمية في القادم من اللقاءات؟ عبد الحميد الكوثري: هذه مغالطة وفخ لا ينبغي السقوط فيه، لأن الرسمية غير مضمونة لأي لاعب في العالم.. الرسمية تمنح لمن يستحقها ولمن يسعى خلفها بالإجتهاد الدائم ولذلك أنا هنا. - المنتخب: هل إطمأننت لأداء الأسود بشكل عام؟ عبد الحميد الكوثري: صدقني سأعترف لك بشيء واحد وهو أنه إذا واصلنا بنفس الأداء وبنفس المستوى فإنه بإمكاننا أن نطمح في أشياء جميلة تفوق الفوز المحقق على المنتخب الجزائري، لقد عانينا في الفترة السابقة من انتكاسات، وبما لمسته من موهبة عند الجيل الحالي، فإني متأكد من أننا قادرون على فعل المستحيل. - المنتخب: ماذا عن آيت فانا، أي رسالة ستحملها له وماذا عن أجوائكم أنتم الثلاثة داخل فريق مونبوليي؟ عبد الحميد الكوثري: الرسالة سطرها بنفسه بعد أن حسم بدوره اختياره وأعلن عن رغبته في اللعب للفريق الوطني، بعد الإصابة أظن أنه سيكون جاهزا للعب دور إيجابي رفقة المجموعة. بخصوص الأجواء، شيء جميل وناذر أن نتعايش كمحترفين مغاربة داخل تجارب مختلفة، أظن أن أصدقائنا داخل نانسي مروا منها بدورهم، رائع أن تتوج المجهودات بالإعتراف بهذا الشكل. - المنتخب: كسؤال أخير عبد الحميد، هل من الممكن أن تبرز انطباعاتك بخصوص التجربة الأولى وتقدمها للجمهور المغربي ومعها، هل يمكنك أن تطلع بأدوار أخرى بحسب رغبة المدرب؟ عبد الحميد الكوثري: الإجابة عن السؤال الأول تجعلني أجزم لك بأن أي لاعب عصري في الكرة الحديثة لم يعد مسيجا ولا مقيدا بدور تقليدي واحد، يمكنني أن ألعب عبر الأظهرة بنفس الكفاءة التي تجعلني متحررا في متوسط الدفاع، وإذا ما ارتأى المدرب أن أكون رجل طوارئ في أي جبهة فأنا على استعداد لذلك. وبخصوص انطباعي فأنا في سعادة غامرة وشعوري فوق الوصف لأنني عشت لحظات حالمة ورائعة، وصدى ما عشته سيظل مرافقا لي لفترة طويلة، إنها لحظة حاسمة ورائعة ومثيرة في مشواري وأنا مدين للجمهور المغربي بالشيء الكثير على الدعم والمساندة التي قدمها للاعبين.