هي فوضى نتأسف شديد الأسف على ما أضحت عليه كرة القدم المغربية وهي تسبح في المياه العكرة، نتأسف على الأجواء غير الصحية التي تتنفس فيها، نتأسف عن التلاعب بالمباريات التي باتت تطبع مجموعة من المباريات خلال المراحل الأصيرة من عمر البطولة الوطنية، والظاهر أننا تعودنا في السنوات الأخيرة أن نسمع تصريحات تتناثر هنا وهناك من لاعب أو مسير أو مدرب يتهم جهة أو لاعبا أو وسيطا بالتلاعب، ومن فرط تعودنا على مثل هذه الإتهامات أصبحت مثل هذه المشاكل تمر علينا مرور الكرام دون أن تحرك غيرة المسؤولين من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لمثل هذه الممارسات التي غالبا ما تظهر في الجولات الأخيرة من كل موسم. كانت لجمعية سلا بمسؤوليها وحارسها مراد بنونة الشجاعة لفضح عملية ارتشاء كان سيروح ضحيتها الفريق السلاوي لولا أن الأمور اتخذت اتجاها عكسيا في آخر المطاف بعد أن توصل مسؤولو الجمعية السلاوية إلى أدلة عملية ارتشاء الحارس مراد بنونة، حيث كانت ستؤدي إلى خسارته في المباراة الحاسمة أمام شباب المحمدية، بعد التعرف على الوسيط وكذا رقم سيارة الأشخاص الذين فاوضوا مراد بنونة من أجل التلاعب والتهاون في أداء مهامه. هذه العملية هي واحدة للعديد من عمليات البيع والشراء التي تعرت حقيقتها عبر لاعبين أو مدربين أو مسيرين، ما يؤكد أن الكرة المغربية هي حبلى بهذه الممارسات بوجود قرائن وأدلة وحجج دامغة تؤكد ضلوع أطراف التلاعب بنتائج المباريات، ويكفي أن أمثال مراد بنونة ومسيري الجمعية كانت لهم الشجاعة للجهر بالحقيقة وتعبيد الطريق من أجل فتح تحقيق في مثل هذه النوازل، لذلك كنا ننتظر أن تتدخل الجامعة بشكل حازم للوقوف على الحقائق والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه دخول متاهة التلاعب بالمباريات والمس بالأخلاق الكروية وإعلان حرب على سماسرة الشر والوسطاء الوهميين الذين ينشطون في مثل هذه الفترة، بيد أن الجامعة لم تكن لها الجرأة للتصدي لمثل هذه المشاكل أو فضح واقع لا بد أن تظهر حقيقته كون أن هناك فعلا تلاعبات بالمباريات ولا أدل على ذلك قضية جمعية سلا بمختلف حججها التي تؤكد هذه الحقيقة. أتذكر عندما سقط يوفنتوس الإيطالي وما أدارك ما يوفنتوس في فخ التلاعب بالمباريات برئيسه موجي مع حكام البطولة الإيطالية، جاء العقاب قاسيا ولم يشفع إسم موجي ولا تاريخ فريق « السيدة العجوز» المدجج بالألقاب المحلية والأوروبية للإفلات من العقاب، ما دامت أن التحريات قد أثبتت أن اليوفي خان أمانة الأخلاق الرياضية، لذلك كان مصير موجي التوقيف كما سقط يوفنتوس إلى الدرجة الثانية، وقد شكل هذا العقاب عبرة للأندية الكبيرة الإيطالية أو الصغيرة. والأكيد أن احترافية المسيرين الإيطاليين ومسؤولياتهم هما ما كانا وراء اتخاذ هذا القرار الجريء، أما في المغرب فالظاهر أن مسيرينا لا تهمهم مثل هذه القضايا التي تؤثر على السير العادي للكرة المغربية في زمن ننشد فيه تطليق الهواية ودخول عهد الإحتراف، مسيرونا لم يقتنعوا بعد بضرورة تنظيف كرتنا وتغيير العقلية بدل العيش على أمل وحلم احتراف هو مجرد حبر على الورق يُغيب الإحتراف الحقيقي والإمتثال للقوانين بحذافيرها. الوكلاء بريئون من سماسرة المباريات، والمسيرون الحقيقيون يتمنون يوما أن تتغير عقلية المسيرين الوصوليين، أن يحترفوا في تدبيرهم وعقليتهم وليس فقط على الورق، نتمنى يوما أن ينفض مسؤولو الجامعة عن كرتنا غبار التلاعب الذي أصبح يهدد مسارها، كما نتمنى أن تكون لهم الجرأة لفتح الملفات الشائكة وقضايا التلاعبات حتى لا تبقى بطولتنا رهينة فوضى لا تزيدنا إلا أوجاعا وتأخرا ونحن من نلهث من أجل تدارك ما فاتنا.