سبور وبوليتيك حين استضافت محطة راديو مارس محمد ساجد عمدة الدارالبيضاء، في برنامج حواري ينشطه لينو باكو، اعتقدت أن الفرصة مواتية لإخراج الرجل من شروده، ومساءلته حول استراتيجية مجلس مدينة الدارالبيضاء في المجال الرياضي.. بحثت عن موطئ عجلات لسيارتي وسط زحمة العاصمة الإقتصادية، واستنفرت حواسي لتلقي إفادات رجل القرار في الشأن المحلي البيضاوي. وللمصادفة إستهل الرجل حديثه الإذاعي عن زحمة المدينة وصعوبة العثور عن مكان لركن السيارات، وكأنه يقاسمني نفس مشاعر القلق، قلت في قرارة نفسي إن العمدة ملم بانشغالاتنا رغم أن سيارته تملك حصانة ضد أصفاد «الصابو» اللعين الذين يعتقل عجلات سيارات عابري شوارع العاصمة الإقتصادية. كالمباريات الودية، لم يكن ل «مارس أطاك» جس نبض، فقد دخل العمدة ومحاوروه في لعبة السين والجيم بشكل سلس، خاصة وأنه لم يكن على علم بطبيعة المحطة الإذاعية التي استضافته، ولم يعر اهتماما لانشغالات مستمعيها الذين لا يهمهم من ساجد سوى الشق الرياضي أما الجانب السياسي فله حلبته. تحدث ساجد عن أسطول جمع الأزبال، وعن مطرح مديونة الذي اعتبره أكبر نقطة سوداء في المدينة، كما استغل الفرصة الأثيرية ليناقش إشكالية التدبير المفوض ويلامس مشاكل النقل الحضري، دون أن يتحدث طبعا عن فريق يسمى «النقل الحضري»، الذي لا يجد وسيلة نقل تقله لملاعب الخصوم، وتبين أن الضيف يهتم أيضا بشؤون الإنسان والحيوان، حين وعد ساكنة المدينة بانتداب حيوانات من إفريقيا خلال الفترة الشتوية للإنتقالات لرد الاعتبار لحديقة الحيونات بعين السبع التي تعاني من كساد غير مسبوق، قبل أن يبشرنا بوجود مفاوضات لاقتناء قطعة أرضية بمنطقة بوسكورة تخصص لاعتقال الحيوانات قصد التفرج عليها وهي خلف القضبان في مشهد سادي رهيب، واستغل منشط البرنامج الفرصة لتقديم ملتمس يهم حي الصخور السوداء، وذكره بدورية تحتم على سكان الدارالبيضاء طلاء واجهات مساكنهم بالأبيض، وحين سئل الضيف عن مصير المسرح البلدي انتابه نوع من «التراك» الذي يعتقل ألسنة المسرحيين المبتدئين. مرت الدقائق بطيئة، وأنا أحاول أن أتبين ما إذا كان العمدة ضيفا على محطة رياضية، أم في محطة حافلات، لا سيما حين أصر على تخصيص جانب كبير من وقته للحديث عن منجزات ساجد في مجال النقل، وحين بشرنا المنشط بدخول اللحظات الحاسمة من المقابلة وفتح نقاش معمق حول المسألة الرياضية، إكتفى المسؤول عن الشأن الجماعي بالعاصمة الاقتصادية ببضع دقائق من الوقت بدل الضائع ليبشرنا بقرب تفويت تدبير مركب محمد الخامس لفريقي الوداد والرجاء، والدعم المالي المرصود للجمعيات الرياضية، وملعب النادي البلدي للتنس الذي يوجد تحت سيطرة كتائب ساجد بالرغم من محاولات أرازي لاقتحامه، وحين بدأت الميساجات تتقاطر على البرنامج وهي تدعو العمدة للرحيل، إستجاب الرجل وقرر الرحيل من البرنامج ضاربا للمستمعين والصحافيين موعدا آخر لم يحدده. قال لينو باكو وهو يوجه عبارات الشكر لساجد، «ميرسي لومير»، فتذكرت المدرب الفرنسي غير المأسوف عنه روجي لومير الذي جثم على أنفاس المنتخب كما يجثم كثير من القائمين على الشأن الجماعي على أنفاسنا، غادر الرجل الأستوديو وعبارات الترحيب والشكر تشيعه إلى المصعد، حيث إستغل البعض الفرصة لأخذ صور مع الضيف الإستثنائي المغضوب عليه من طرف ساكنة البيضاء التي تحولت في عهده إلى كازا نيكرا أو بتعبير أصح «كازا كيرا». لم يتحدث عمدة الدارالبيضاء عن الملفات الكبرى التي تشغل بال الرياضيين، لم يشر إلى وضعية كازابلانكيز المعلمة الرياضية التي تحولت إلى فندق مكشوف للمتسكعين وأطفال ورجال الشوارع وعابري السبيل، لم يتطرق إلى زحف الإسمنت المسلح على الفضاءات الرياضية، ولم يعر اهتماما للملاعب «المتخلى عنها»، كملعب حي مولاي رشيد والصخور السوداء والتبغ، ومركب العربي بن مبارك الذي تحول إلى محمية للطيور الجارحة، وقفز المسؤول الجماعي فوق المطبات التي تؤثث أزقة وشوارع المدينة، والتي اشتكى منها المشاركون في طواف المغرب للدراجات، إذ أجمعوا على أنها أصعب من مرتفعات الأطلس. غادرنا ساجد دون أن يتمكن منشط اللقاء ومن معه من استنفاد مخزونهم من الأسئلة، ليفسح المجال لبرنامج آخر، «ماكاينش غير الكرة»، والحقيقة أنه «ماكاينش غير ساجد» للحديث عن الشأن الرياضي داخل مدينة تصنف كأول قطب اقتصادي ورياضي. قال مصطفى رهين زعيم المعارضة في مجلس المدينة، إنه سيرفع شكاية للهاكا في بداية شهر ماي ضد راديو مارس، وأضاف أن البرنامج الحواري أقصى المعارضة من حق الرد على العمدة، وألغى الحق في الكونطراطاك لمواجهة لاطاك.