لماذا نلوم الوداد؟ لا أستطيع أن ألقي باللائمة على مسؤولي الوداد وهم يقررون بصفة قاطعة وجازمة عدم السماح لقناة الرياضية ومن خلالها المؤسسة الأم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ببث مباراته أمام مازيمبي مساء السبت الماضي مباشرة بعد أن فشلت الجلسات التفاوضية في الوصول إلى ما يرضي مسؤولي الوداد الذين نبهوا وكل الأندية الأخرى المشاركة في منافسات عصبة الأبطال وكأس الإتحاد الإفريقي إلى إنتهاء عهد مجانية البث.. صحيح أن أكثرنا صدمه أن لا يشاهد مباراة كبيرة واستثنائية تضع الوداد في مواجهة مازيمبي الكونغولي بطل آخر نسختين لعصبة الأبطال ووصيف بطل العالم للأندية، ولكن ليس هناك ما يدعو لأن نؤاخذ لا الوداد ولا كل الأندية الوطنية الملتزمة إفريقيا، بأنها طالبت بحق بات عرفا دوليا، فإن كانت هذه الأندية تصنع فرجة وتقدم مقابلها للاعبين وللعاملين بداخلها حوافز ومكافآت فإن لهذه الفرجة ثمنا ومقابلا تعرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أنها لا بد وأن تدفعه لتحصل على حقوق البث، إلا إذا لم تكن مباريات الأندية الوطنية إفريقيا لا تعنيها في شيء، وهو ما أستبعده، وإلا فإن الشركة ما كانت لتعقد أصلا حلقات حوارية وتفاوضية.. قبل أسابيع فاجأتنا الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وهي تتنازل تحت إكراهات قد نفهمها وقد لا نفهمها، قد نقبل بها وقد نرفضها جملة وتفصيلاً عن تمتيع المغاربة بحق متابعة الفريق الوطني في مباراته أمام الجزائر، لتترك الأمر كله للقناة الناشئة «ميدي 1 تي في» التي صممت الصفقة بمزاج رائق، فحصلت بمبادرة مواطنة على حق البث الحصري لمباراة الجزائر بعنابة ومباراة إفريقيا الوسطى، وها هي اليوم تصيبنا بالذهول وهي تعجز عن تقديم ما يرضي الوداد بتفويت حق البث لمباراة مازيمبي، وقد يكون هذا وذاك مؤشرا على بداية إنسحاب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من مزادات البث التلفزي للمباريات الرياضية التي تستأثر باهتمام المغاربة، وهو أمر يقول بوجود تصدع حقيقي في هياكل الشركة وأكثر منه بتراجع الثقة لدى المتلقي المغربي الذي يعرف أنه بما يدفع وما يقتطع منه صاحب حق ضاع منه.. في مرات كثيرة، أسمع بمسؤولين يتكثم على أسمائهم يقولون بأن ما تعرضه المنتخبات والأندية الوطنية كمنتوج يراد تسويقه تلفزيا لا يستحق حتى عشر ما يصرف عليه، ويستدلون على ذلك بتراجح نسب المشاهدة عند عرض بعض المباريات الرياضية، وإن كنت شخصيا أشكك في صحة الأرقام والنسب المعروضة علينا جميعا، فإنني أتساءل ما جدوى أن تحدث الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قناة رياضية، قد لا تجد ما تعرضه فيها كمنتوج كروي بالخصوص، لأنها أصلاً لم تعد تملك القدرة على شراء أي شيء. ---------------------- إنتفض مدرب مازيمبي السينغالي ندياي مثل ديك مذبوح وهو يستمع لسؤال يرمي بتهمة ثقيلة على ظهر الفريق المتوج مرتين بلقب عصبة أبطال إفريقيا ومرة كوصيف لبطل العالم، تهمة أن الحكام يتحيزون وإن لم يتحيزوا فإنهم يجاملون فريق مازيمبي، وقال بلهجة الغاضب المتوعد: «هاتوا برهانكم إن كنتم متأكدين وردنا عليكم سيكون بلومومباشي». أكرم رئيس الوداد إندفع هائجا وثائرًا بين شوطي المباراة لينبه طاقم التحكيم إلى أنه أسقط عنه ثوب الحيادية، وفخر الدين مرتجفا قال للاعبيه، لا تتركوا الحكم يمشي على أجسادكم، وكان واضحا أن الحكم الأنغولي بالغ في مجاملة لاعبي مازيمبي فجنبهم الأخطاء والإنذارات وجنى على الوداد، صحيح أنه لم يغمض عينيه عن ضربة جزاء وصحيح أنه لم يرفض للوداد هدفا صحيحا، ولكنه أقام المتاريس أمام لاعبي الوداد، عطل قدرتهم على هزم مازيمبي بحصة ثقيلة كانت ستجعل مباراة الإياب شكلية ليس إلا.. طبعا يهنأ لاعبو الوداد على أنهم حافظوا على توازنهم النفسي، فلم يرتبكوا ولم ينتفضوا، ويهنأون أكثر على أنهم حققوا فوزًا كبيرًا في قيمته الفنية والكروية وإن كان صغيرًا في نتيجته، وأنا موقن من أنهم لن يبيعوا جلدهم هناك بلومومباشي بأبخس الأثمان، أكيد سيعضون بالنواجد على فرصتهم، سيستأسدون لينالوا شرف إسقاط خصم ضار وشرس بمعقله، حتى لو تحالفت معه كل الظروف التي نعرف والتي لا نعرف... لقد أعطانا لاعبو الوداد ومدربهم الرائع فخرالدين الإنطباع على أن لهم القوة النفسية والتجربة الميدانية ورصيد الثقة الكافي لتقديم مباراة نموذجية هناك بلومومباشي، بشرط أن يصل الوداد لأفضل نهج تكتيكي ممكن يطابق اللاعبين مع إمكاناتهم الفنية أولاً ومع محيط المباراة الصاخب ثانيا.