ضدان لا يلتقيان حق علينا وعلى رئيس الجامعة تحديدا، أن يشعرنا بالغبن وبالإنزعاج إقصاء عبد السلام وادو من اللائحة التي حضرها روجي لومير لمبارتي الكاميرون والطوغو، وهما مبارتان على درجة كبيرة من المصيرية، مصير حلمنا المونديالي، ومصير روجي لومير نفسه، لطالما أن عدم حصولنا على أربع نقاط في أسوإ الحالات من تعادل بالذات في ياوندي أمام الكاميرون، وفوز هنا في الرباط على الطوغو سيجعل المدرب الفرنسي في حل من أي إلتزام معنا، لأن الحصول على ما هو دون النقاط الأربع يبعدنا بنسبة مائوية عالية جدا من السباق نحو كأس العالم·· ننزعج لأن إقصاء وادو في هذه الظرفية بالذات، ونحن نتأهب لمواجهة منتخبين يملكان بمطلق الأمانة عيارات هجومية ناسفة، يمثل مجازفة خطيرة هي أقرب إلى الإنتحار البطيء منه إلى شيء آخر، فما شاهدنا عليه دفاع الفريق الوطني أمام الغابون أنبأ بوجود حالة من الإهتزاز الشديد، وما أشرت عليه رحلة السيد علي الفاسي الفهري بعد أيام فقط من تنصيبه رئيسا للجامعة إلى أوروبا لرأب صدع ظهر ولاحتواء أزمة نفخ فيها، كل هذا أشعرنا بوجود وعي بحساسية ودقة المرحلة سيترفع على كل الجزئيات الصغيرة، حتى لو كان فيها ما يعتبره السيد لومير مسا بكبريائه أو تدخلا في صلب عمله أو تعطيلا لما هو محرك أساس لفكره وتفكيره·· لا نحتاج لمساءلة روجي لومير، وهو في كل الأحوال مقل في الكلام وبارد في التواصل، عن الأسباب التي فرضت إقصاء عبد السلام وادو من لائحة الفريق الوطني، فقد أخذ ظاهرا وباطنا بسببين كبيرين، أولهما ما كان عليه وادو بحسب لومير من هواية في التعامل مع وضعه في دكة الإحتياط خلال مباراة الغابون الأخيرة، إذ رفض ذلك وآثر متابعة المباراة من المدرجات، وفي ذلك ضرب للإلتزام وإخلال بالواجب وبالنظام العام المفروض من القائم على أمر الفريق الوطني، وثانيهما ما أوردته صحيفة >تيل كيل< على لسان وادو الذي كان مباشرا وجريئا في تحميل الهزيمة أمام الغابون للمدرب روجي لومير ولمساعده فتحي جمال·· وما بين توقيت هذين الحادثين، كانت زيارة رئيس الجامعة لعبد السلام وادو، والتي هدفت إلى إطفاء الحرائق وتنظيف العرين وإرجاع المياه إلى مجاريها·· وحسب علمي فإن السيد علي الفاسي الفهري إطمأن لحكمة وادو في تجاوز ما كان من إحتقان، وتبين بالملموس أن الرجل من طبيعة خاصة، فغيرته وحبه وتعلقه بفريقه الوطني تحرض كلها على صراحة، إن بدت لنا شجاعة، بدت لصاحب الحل والعقد (روجي لومير) خروجا عن النص·· ولأن التقدير الجيد للأشياء، والربط المنطقي بين الملابسات، والقراءة الإستباقية لما سيكون، كل هذا سيجعل السيد رئيس الجامعة متحفظا في إعمال أي ضغط على المدرب والناخب روجي لومير في موضوع عودة وادو للفريق الوطني، وقد بدت لنا جميعا ضرورية لأنها تنزه مصلحة البلد ومصلحة الأسود على أي مصلحة أخرى· لا يستطيع رئيس الجامعة ونحن معه إلا أن نتعقب كل هذا الذي يحدث وسيحدث، أن نترك روجي لومير أمام مسؤولياته، يتحمل العواقب، فلو نجح في عبور المطب الكاميروني والقفز على الحاجز الطوغولي، كنا سعداء لذلك وفتحنا وقتها مجددا ملف وادو لمناقشته برأس هادئة وبنفسية مرتاحة لا تستعيد كل ما له علاقة بالكرامة وبالكبرياء، وإن فشل لومير لا قدر الله في عبور الحاجزين معا، قدرنا درجة المسؤولية، لأنه بعدها سنذهب إلى ما هو أبعد من مناقشة عودة وادو للفريق الوطني·· سنذهب إلى اعتبار لومير مستقيلا من تدريب الفريق الوطني بقوة ما عرفناه عن أهداف العقد، إلا إذا كان لومير يحمل ورقة سرية حملها منذ وصوله للمغرب، مستفيدا مما كان عليه الأعضاء الجامعيون السابقون من تهافت على مدرب أوصانا التونسيون أن لا نلدغ في الإرتباط به من ذات الجحر الذي منه لدغوا·· قال لومير في جلسات ضيقة إطمأن إلى سريتها، أنه كان ضحية كبيرة لثقته عند تشكيل الفريق وتعقب اللاعبين في أشخاص بعينهم، ما أسقطه في هزيمة أمام الغابون، لذلك اضطر اليوم إلى أن يدقق بنفسه في الإختيارات وأن لا يثق إلا في حدسه وفي مرجعيته·· ذاك الحدس وتلك المرجعية هما ما جعلاه يسقط وادو من لائحته ويدخل معركة، إما أن يخرج منها منتصرا وإما مقالا·