إحتكاما إلى قاعدة تأسس عليها عملنا الإحترافي في المواكبة الصحفية لفريقنا الوطني، إشباعا لنهم كبير يزداد عند المغاربة كلما كان الأسود على مشارف مواجهة حاسمة ومصيرية، حاولنا بقدر ما نستطيع أن نكون دائما وأبدا قريبين من الفريق الوطني، لا نبغي زعزعة إستقراره ولا أيضا ضرب سرية تحضيراته لموقعة كروية قوية، وإنما نهدف إلى أن ننقل بكامل الأمانة أخباره وجديده إلى الرأي العام الوطني، إلى مغاربة متحرقين على أسودهم، منهم من يوجد في أرض الوطن ومنهم من يتوزع على دول العالم·· سعت >المنتخب< أول الأمر والفريق الوطني قد تنقل إلي فرنسا تحديدا إلى >شانتيي< إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس إلى تعقب جديده وهو يحضر لمباراة الكاميرون بياوندي· وتجند زميلنا العزيز ميمون محروج مندوبنا الدائم بفرنسا ليتحرى بصدقية واحترافية عن كل جديد عن الفريق الوطني يهم المغاربة، إقتطع من وقته ساعات طوال قضاها مرابطا بفندق >دولتشي<·· لم يكن روجي لومير قد عرف عنه سوى أنه مغربي مقيم بفرنسا، تفضل بكرم المغاربة إلى دعوته على وجبة عشاء، فقبلها ممثنا وعندما علم عن مهنته الأخرى، أنه مراسل صحفي لجريدة>المنتخب< ثارث ثائرته، وعدل عن تلبية الدعوة على وجبة العشاء، وعندما إستشعر نوعا من وخز الضمير وفي أول لقاء به، إعتذر لومير للزميل ميمون محروج، ووعده بحوار صحفي بعد العودة من الكاميرون، إلا أنه نصب أمامه المتاريس والحواجز ورفض أن يكون له أدنى حضور في الفندق الذي يقيم به الفريق الوطني· وأبدا لم ييأس الزميل ميمون محروج، وكيف ييأس وهو سليل أسرة صحفية لا تعترف بالقهر ولا حتى بالذي يسلب الكرامة، لأن هناك ما هو أرفع وأرقى، إنه أداء الواجب المهني، فقد واصل ميمون إختراقاته إلى أن كان إصطدامه العفوي مع منير الحمداوي نتيجة سوء فهم وتفاهم، فلجأ لومير إلى عسس الفندق يطلب منهم ضرب الحصار على الزميل ميمون وإن لم يفلحوا في ذلك نادوا على رجال الشرطة· وقد عقبنا في وقتها على السيد روجي لومير بما يتناسب مع فداحة ما فكر فيه وما أنجزه فعلا، فلا شيء على الإطلاق يبيح له أن يأتي بهذه المفسدات وبهذه البدع، فالفريق الوطني الذي هو مشرف عليه بعقد صريح يتقاضى عليه ما يتقاضى من مال المغاربة، لا يعطيه الحق أبدا في أن يقيم بينه وبين الصحافة حجابا وجدارا وموانع· وعلى هدى الفلسفة التي عملنا بها في >المنتخب< أوفدنا إلى الكاميرون الزميلين جلول التويجر وعبد القادر بلمكي، تحملنا بطيب خاطر وبإيمان مطلق بسمو الرسالة الإعلامية ما تحملناه، وهناك لغاية الأسف عاود روجي لومير تنطعه فاستبسل في قهر الصحافة، وفي حفر هوة عميقة تفصلها عن فريقها الوطني· وأنجز الزميلان عملهما على أكمل وجه، فلا هما إحتكا عمدا بروجي لومير، ولا هما تسببا فيما قد يعتبره لومير زعزعة لاستقرار الفريق الوطني، وعند عودة هذا الأخير إلى فرنسا ليستكمل تحضيراته لمباراة الطوغو، عاود الزميل ميمون محروج مساعيه لإلتقاط كل جديد عن الفريق الوطني، وهو يعرف يقينا أنه بصدد المشي على أرض مزروعة بالألغام، وكان مثيرا للإستغراب أن يكون كل هم السيد روجي لومير هو مطالعة الفندق بكل مرافقه، فلا يريد أن يكون به مكان للصحافة، بل إنه ذهب إلى حد تحذير جميع اللاعبين وبلا إستثناء من التحدث إلى الصحافيين، حتى أن بينهم وقد تعرف على ميمون محروج وتقدم للسلام عليه، طلب تأجيل أي حديث منعا للإحراج، فقد صدر أمر السيد لومير، ويا ويل من يعصي له أمرا· ضاق الخناق وضرب الحصار، وبات الفريق الوطني في بلاد الحرية والنور والأضواء معزولا، منفيا، مقطوعا عن الصحافة، فقد كنا أمام جريمة كبيرة ترتكب ضد الصحافة في زمن حقوق الإنسان، في زمن الديمقراطية وفي زمن لا يقبل بالإجهاز على رأي الآخر·· ولأن من اللاعبين المشبعين بثقافة التواصل من يعرف فضل >المنتخب< الصحيفة عليهم وعلى الفريق الوطني، ويعرف تضحياتها من أجل أداء الرسالة، فقد كسر بعضهم الطوق وخرجوا هنا بالذات عن طاعة لومير وأصروا على أن يجالسوا الزميل ميمون محروج، واعتبروا أن ذلك من الحريات التي ليس لروجي لومير عليها أي حجر وأي سلطة·· ولم يكن ممكنا برغم كل الذي إستحضره الزميل ميمون محروج من دهاء ومن فطنة وأيضا من صبر أيوب على منكرات كثيرة، أن يتحرى عن الحصص التدريبية وأيضا عن المباراة التدريبية التي خاضها الفريق الوطني السبت الماضي أمام أحد أندية فرنسا الهاوية، فقد ضرب عليها حزام شائك من السرية، وكان محزنا ومؤثرا أن نشهد حضور ما لا يقل عن ثلاثين مغربيا لمقر إقامة الفريق الوطني، كان بينهم من حضر من هولندا، لمصافحة اللاعبين المغاربة ومشاهدة مباراتهم التدريبية، إلا أنهم عوملوا بمنتهى الجفاء والإجحاف فما ترك لهم فسحة زمنية للقاء باللاعبين ولا أمكنهم حضور المباراة· أجرى الفريق الوطني مباراته في ملعب لكرة القدم بمركب لرياضة الغولف، أمكن للزميل ميمون محروج زيارته ليلة المباراة، وشهد أنه تحفة رياضية، وأن أندية كبيرة مثل أوكسير وسوشو تأتي للتدرب فيه كلما كانت في زيارة لباريس، ويوم المباراة حرص ميمون محروج على الحضور، إلا أن مدير المركب إعتذر وهو بكامل الأسف، فقد أصدر روجي لومير أوامره التي لا تعصى بألا يسمح لأي صحفي ولأي غريب عن الفريق الوطني بدخول المركب وبمشاهدة المباراة التدريبية· وهنا أيضا سيمتثل الزميل ميمون، سيعود إلى ضاحية الفندق، ينتظر عودة الفريق الوطني، ثم يجالس يوسف حجي الذي يكن خالص المودة للزميل ميمون وفائق التقدير لصحيفة >المنتخب<·· إنها اللحظة الوحيدة التي رفع فيها حظر الكلام· وقد وجدت رائعا أن أختم هذه الإعترافات الحزينة التي لا بد وأن تكون لرئيس الجامعة وللأعضاء الجامعيين موضوع قراءة نقدية يحضر فيها الحس الوطني، بما تذكره الزميل ميمون محروج للمطرب "غي بيار" الذي غنى قبل أربعين سنة أغنية جميلة يقول مطلعها: >من يقول الحقيقة سيلقى عقوبة الإعدام<·· أما نحن·· فنقول بأننا نقبل بالإعدام، إذا كان في قول الحقيقة ما يرضي الله وما ينفع الوطن·