سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما الذي جاء ببنسليمان إلى جامعة الكرة، وما الذي يدفعه للرحيل؟ أين نجح الجينرال وأين أخفق؟
الفريق الوطني ورش استراتيجي في عمل الجامعة، وأي عبث فيه يعرض للمساءلة
صنع النتائج وأبدا لم يصنع الرجال!
لماذا تعسر على الكرة المغربية الإنتقال إلى الإحتراف؟
أين نجح الجينرال وأين أخفق؟ الفريق الوطني ورش استراتيجي في عمل الجامعة، وأي عبث فيه يعرض للمساءلة صنع النتائج وأبدا لم يصنع الرجال! لماذا تعسر على الكرة المغربية الإنتقال إلى الإحتراف؟ غير الدعوة إلى جمع عام عادي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بما له من استثناءات، منها ما هو ظاهر ومنها ما هو باطن في زمن كروي محتقن، يكون من الضروري، بل ومن الإستراتيجي أن نتعمق في قراءة قرار الجينرال دوكور دارمي حسني بنسليمان بعدم تجديد ترشيحه للإستمرار أربع سنوات أخرى تضاف إلى السنوات الخمس عشرة التي قضاها معينا أكثر ما كان منتخبا في رئاسة جامعة رياضة نعرف أنها بمطلق الأمانة الموجه الأول للشأن الرياضي الوطني· حالة الإستنفار التي عرفتها الجامعة منذ الساعات الأولى التي أعقبت الهزيمة المذلة والكارثية التي مني بها الفريق الوطني أمام الغابون والتي ضربت بقوة قاعدة الحلم المونديالي وأكثر منه عمقت الإحباط واليأس، كانت تقول أن التعاطي مع الخسارة/النكسة ستكون له طبيعة مختلفة· مهمة سرية في سرية تامة انعقدت اجتماعات، وفي تكثم شديد طلب من الإدارة العامة للجامعة أن تحضر تقارير وافية عن كل صغيرة وكبيرة، عن أوراش الجامعة، عن تعاقداتها، عن إلتزاماتها وبخاصة عن الهيكل الحالي وأيضا عن المستوى الذي بلغته في إنجاز برنامج تأهيل كرة القدم، البرنامج الذي انخرطت فيه الحكومة بغاية تسريع وثيرة الإنتقال إلى الإحتراف· لم يكن رئيس الجامعة في كل الذي ألح في إنجازه بأقصى سرعة ممكنة يقصد جريا على عادة يحفظها عن ظهر قلب أن يضع جلالة الملك في صورة ما يحدث داخل جامعة كرة القدم، أبدا فقد شعر أنه بلغ خط النهاية وأن الأمر قد صدر بإعفائه من مسؤولية إدارة الجامعة، دليل ذلك أن السيد حسني بنسليمان لم يكتف بمطالبة إدارة الجامعة بصياغة بلاغ يدعو إلى عقد جمع عام عادي وفقا لما تنص عليه بنود القانون الأساسي لجامعة كرة القدم، بل تعداه إلى ما يدعم كل الذي قلته، ذلك أن ما صدر لبنسليمان من أوامر هو ما فرض أن ينبه الأخير في صلب ذات البلاغ إلى أنه لا يعتزم ترشيح نفسه لولاية جديدة على رأس الجامعة· صفحة بنسليمان تطوى وإذا كان لزاما الحديث عن صفحة ستطوى من كتاب كرة القدم، فإن استشراف أي أفق جديد والمراهنة على عهد كروي يتطابق مع الإنتظارات الوطنية ويضمن للشعب كرة قدم تنفخ في روحه الوطنية وتعمق الإنتماء بالوطن، وأكثر من ذلك تحقق الغايات الكبرى التربوية والسوسيو - إقتصادية يقتضي أن نكون بمنتهى النزاهة في نقد المرحلة التي باشر خلالها السيد حسني بنسليمان رئاسة الجامعة منذ سنة 1994 مكلفا من المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، وهي المهمة التي لم ير جلالة الملك محمد السادس عند اعتلائه العرش ضيرا في أن يواصل بنسليمان الإضطلاع بها برغم إدارته للدرك الملكي، اعتبارا لما كان يراهن عليه من تأهيل فعلي لكرة القدم الوطنية لبلوغ النظام الإحترافي· وللأمانة فإن علاقة حسني بنسليمان بالشأن الكروي الوطني لا تبدأ فعليا من اللحظة التي كلف فيها بتوصية من الراحل جلالة الملك الحسن الثاني بإدارة اللجنة المؤقتة التي أشرفت على تسيير الجامعة الملكية لكرة القدم بعد حل تلك التي قادها الكولونيل الحسين الزموري على خلفية المشاركة الكارثية في نهائيات كأس العالم بالولايات المتحدةالأمريكية سنة 1994، بل إنها أقدم من ذلك بكثير، فالرجل إرتبط بكرة القدم منذ شبابه، إذ كان أول حارس مرمى لفريق الجيش الملكي الذي أسسه الراحل الحسن الثاني وقاده لتحقيق عدد من الألقاب على الرغم من حداثة عهده، ومع تطور مؤهله العلمي والأكاديمي سيعهد إليه لمرجعيته الرياضية بأكثر المسؤوليات الرياضية أهمية، إذ سيتقلد من سنة 1961 إلى 1963 مهمة مندوب سام للرياضة، وبرغم ما أسند إليه من مهام سامية بخاصة تلك التي تعلقت بإدارته للدرك الملكي فإنه ظل الرجل المرجعي في المنظومة الرياضية، ولا نستطيع أن نحصر دائرة التحرك التي كانت له بخاصة عندما باشر رجال القوات المسحلة الملكية مسؤولية قيادة جامعة كرة القدم منذ سنة 1979 وهي السنة التي شهدت الهزيمة النكراء أمام منتخب الجزائر في ما توافقنا على تسميته بدجنبر الأسود· ما جاء بالجينرال وما رحل به كان ظاهر المسؤوليات التي أنيطت بحسني بنسليمان وهو يعين من الراحل الملك الحسن الثاني على رأس لجنة مؤقتة فرضها إعمال وزارة الشبيبة والرياضة للبنذ 22 من قانون التربية البدنية والرياضة، يقول بضرورة إعادة هيكلة كرة القدم الوطنية وتحيين قوانينها، بينما كان باطن هذه المسؤوليات يحث على إعادة ترتيب بيت الفريق الوطني والعمل بكل الوسائل الممكنة على تأمين حضوره في كأس العالم بفرنسا سنة 1998، وهنا تبرز استراتيجية موقع الفريق الوطني في المنظومة الكروية بل والرياضية بوجه أعم، فكما أن إنجازاته الكبيرة العالمية منها والقارية هي لحظات تاريخية تدون في سجل الأعياد الوطنية، فإن الإنتكاسات والإخفاقات تحرض على الدعوة لمناظرات أو إلى حل للجامعة، وكأقوى دليل على ذلك أن ما جاء ببنسليمان فعليا إلى رئاسة جامعة كرة القدم هو السقوط المريع للفريق الوطني في مونديال 1994 وما سيرحل به عن الجامعة اليوم هو ما كان من حضور كارثي في دورة غانا وبخاصة ما كان من هزيمة محبطة أمام الغابون أجهزت على الكثير من الآمال في الوصول إلى كأس العالم 2010· الفريق الوطني ورش إستراتيجي كان في طليعة الأوراش التي باشر حسني بنسليمان العمل فيها بمعية أعضاء إنتقاهم بحرص شديد في إطار لجنة مؤقتة، ورش الفريق الوطني برغم أن ما سيكون موضوع نقاش موسع هو هيكلة كرة القدم الوطنية، فبرغم أن ما منح للجنة المؤقتة بمقتضى نص التعيين المستوحى من البند 22 هو ستة أشهر، فإن إخفاق الفريق الوطني في الوصول إلى كأس إفريقيا للأمم 1996 بجنوب إفريقيا بعد الهزيمة بأبيدجان بهدفين لصفر أمام كوت ديفوار وسقوط الأسطورة البرازيلية مع نونيز الذي ظن أنه سيكرر ما كان أنجزه مواطنه المهدي فاريا، سيمتع بنسليمان بمدد زمنية إضافية بحجة أن هيكلة كرة القدم الوطنية بالمستوى الذي يرضى عنه عاهل البلاد تحتاج إلى مساحة زمنية كافية· وباستنفار لكل الممكنات بوحي من القدرات الكبيرة لرجل قوي في مواقع نافذة، سيتوصل حسني بنسليمان إلى تلميع صورة الفريق الوطني، إذ مع الإرتباط بالفرنسي هنري ميشيل مدربا وناخبا وطنيا ومع تسخير إمكانات لوجستيكية غير مسبوقة سيبرز الفريق الوطني كقوة كروية ضاربة قاريا، ثم عالميا بأن حقق بكامل الإستحقاق تأهله لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 1998 ببوركينافاصو وبأن ضمن الحضور الثاني على التوالي في المونديال· واعتبارا لاحترافية التدبير الذي لم يترك أي شيء للصدفة، فإن الفريق الوطني سيبصم على كأس عالمية بفرنسا قريبة من أنطولوجية مونديال 1986 بالمكسيك، لولا الفوز المباغث للنرويج على البرازيل الذي أبعد الأسود من الدور الثاني، وسيكافأ حسني بنسليمان والفريق الوطني على الإنجاز بأن أمر المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بتخصيص استقبال بطولي وشعبي للفريق الوطني· النجاح الكبير وبدا الفريق الوطني وهو يصل إلى المرتبة الثالثة عشرة عالميا في ترتيب الفيفا مرآة عاكسة للسرعة التي حددها بنسليمان بمعية أعضاء اللجنة التنفيذية، التي دقق في اختيار أعضائها، بل إن ذلك سيلقي بظلال إيجابية على باقي المنتخبات الوطنية، فأتمر جيلا جرى تكوينه داخل أول مركز للتكوين بالمعمورة عن إنجاز قاري، بفوز منتخب الشبان بكأس إفريقيا للأمم سنة 1997 وتأهله لمونديال ماليزيا الذي وصل دوره الثمن النهائي، كما أن المنتخب الأولمبي سيتصالح مجددا مع الألعاب الأولمبية ويتأهل إلى دورة سيدني 2000· وكان للإمكانات المادية واللوجستيكية، ولا شيء غير ذلك دورها في تلميع صورة الفريق الوطني، وإن كان الغياب الفظيع داخل مؤسسة الجامعة لإدارة تقنية وطنية الأثر السلبي في انتظام النتائج، فكان الخروج من الدور الأول بكأس إفريقيا للأمم عام 2000 بغانا ونيجيريا، كافيا ليجبر هنري ميشيل تحت وطأة ذبح إعلامي صريح على الإستقالة، لتدخل الجامعة دوامة فعلية، إذ تسبب غياب الهيكل التقني المتحكم في القرارات التقنية، في الإرتباط بهنري كاسبيرزاك تم الإنفصال عنه سريعا بعد فظاعة النتائج، وجيء بالبرتغالي هومبيرطو كويليو، وأعفي كرها من منصبه بعد أن غيبتنا هزيمة أمام السينغال في آخر جولات تصفيات كأس العالم 2002 من حضور مونديال كوريا واليابان· نيازك تولد مع الزاكي ومثلما تولد النيازك في عثمة الظلام، سيجود الزمان بالإطار المغربي بادو الزاكي، الذي سيتحمل بقدر عال من الكفاءة والوطنية مسؤولية إدارة الفريق الوطني، ولو أن ذلك حكم عليه بمواجهة أخطبوط الشر الذي أمسك بكثير من الخيوط داخل جامعة بنسليمان·· كان لقب وصيف بطل إفريقيا سنة 2004، بعد الهزيمة التي يسأل عنها التدبير الهاوي لإدارة الفريق الوطني، بارقة أمل جديدة لاحت في أفق معتم، وعوض أن يمنح هذا الإنجاز البطولي الذي أخرج ملايين المغاربة للشارع فرحا بعيد كروي في زمن قلت فيه الأعياد، الجامعة حصانة ضد الأخطاء المجانية، سيتقوى ثيار الشر، وسيحاول بعض النافذين في صلب القرار الإمساك بوثاق الزاكي، بل إن منهم من إنتظره في أول سقطة لينهش في لحمه وعظمه، ويعجل بمباركة من حسني بنسليمان في طلب رحيله بعد أن تهاوى حلم بلوغ مونديال 2006 بالتعادل إياه في ملعب رادس أمام تونس·· وبرحيل الزاكي وقد عمل كثيرا على ترتيب عرين الأسود، وإكساب الفريق الوطني شخصية الفريق الثواق دائما إلى تحقيق الإنتصارات، سيتصدع هذا العرين، وسيخلو الجو لكثير ممن استفردوا بالقرارات المؤثرة مع انشغال رئيس الجامعة، ليناوروا بالقدر الذي سيحطم كل الذي تم بناؤه لسنوات·· صفقات تبرم مع مدربين أشباح، وفريق وطني يوضع تباعا بين أيدي تقنيين متجاوزين، بل إن حسني بنسليمان وقد جرى ترتيب كل شيء ليعود الزاكي إلى الفريق الوطني بعد رحيل هنري ميشيل إثر خروجنا الكارثي من دورة غانا، سيذهب ضد مجرى كل التوقعات، ويعين بتحريض من نائبه الأول امحمد أوزال الفرنسي روجي لومير مدربا وناخبا وطنيا، ليتواصل نزيف الهزائم ومد الإنتكاسات بخسارة مخجلة أمام الغابون، كانت هي ما عجل برحيل بنسليمان، فقد دعي على الفور إلى عقد جمع عام عادي للجامعة والتنصيص في سابقة لم نعهدها من قبل على أنه لا يعتزم تجديد ترشيحه لولاية جديدة· تأهيل متعثر غير ورش الفريق الوطني الذي يظل كما أسلفت الورش الإستراتيجي في منظومة عمل أي جامعة، والذي أنهاه بنسليمان بصورة مناقضة تماما لتلك التي استهله بها مع رئاسته للجنة المؤقتة، غير ذلك، كان هناك ورش آخر لا يقل أهمية ويتعلق بهيكلة كرة القدم الوطنية، في ظل ما كان متوافقا عليه، من أن السبيل الأوحد لملاءمة ومطابقة الكرة المغربية مع عصرها، هو تسريع وثيرة انتقالها إلى النظام الإحترافي· وعملت خلية موسعة داخل اللجنة المؤقتة على تهييء الدراسات، فكانت البداية بإشراك كافة المتدخلين في دراسة الواقع الحالي، وتصور بدائل يكون بإمكان الجامعة إنجازها· وبرغم أنه مع الإتفاق على نتائج ومحصلات الرصد الميداني، حصل تعارض داخل الجامعة بين ثيار بنحساين وثيار عمور، فانحازت الأخيرة لمشروع عمور ما أذن ببداية حرب باردة، إلا أن الجامعة توصلت إلى صيغة برنامج إنتقالي، يقضي بتأهيل كرة القدم الوطنية في مدة زمنية لا تزيد عن الخمس سنوات لتستشرف أفق الإحتراف، وقد تحينت الترسانة القانونية وتهيكلت الأندية والجامعة والعصب، وتم تحديث الملاعب واستصلاح أرضياتها وأيضا بناء مراكز للتكوين· وبعد أن أخذ تحديد معالم هذا البرنامج الإنتقالي ما أخذه من سنوات في عمر الجامعة منذ أن إعتلى رئاستها حسني بنسليمان، نتيجة لضعف العنصر البشري المكون للمكتب الجامعي، فإن الشخصية النافذة لبنسليمان، هي ما ستدفع بالحكومة بأمر مولوي إعتبارالاستراتيجية موقع كرة القدم في حياة المغاربة، واستثمارا للإنجاز الكبير لأسود الأطلس في كأس إفريقيا بتونس عام 2004 إلى الإعلان عن نفسها شريكة في برنامج التأهيل، بأن رصدت غلافا ماليا لإنجاز كل ما له طبيعة إنشائية (تحديث الملاعب وتكسيتها بالعشب الإصطناعي + بناء مراكز التكوين)· وكان منطقيا لوجود خصاص كبير في المؤهل الكروي لكثير من الأعضاء الجامعيين أن يتعثر برنامج التأهيل، بخاصة عند تنفيذ الجامعة لما هو موكول لها من مهام، كهيكلة ذاتها، وعصبها وأنديتها، وبعث الحياة في مؤسسة الإدارة التقنية الوطنية، ومعاملة كل المنتخبات الوطنية على حد سواء وعلى نحو يؤهلها للوفاء بإلتزاماتها، وبخاصة تخليق المشهد الكروي الوطني· وكان مؤسفا في ظل رفع شعارات التأهيل، أن تسقط الجامعة في أخطاء وزلات لا حصر لها، قصور في حسم بعض الملفات الشائكة، تكريس للرداءة في صناعة القرارات، تهميش شبه مطلق لعدد من الفعاليات لاستفراد البعض القليل بصناعة القرار، ما قادنا منطقيا إلى مشهد كروي وطني مشوه ومشلول، دليل ذلك الإنتكاسات المتكررة لكافة المنتخبات الوطنية والسقوط الحر للأندية في مسابقاتها الإفريقية، والتدبير السمج لكل ما له صلة بالملف التقني، حتى أن وجود مدير تقني فرنسي مصروف له شهريا راتب بالشيء الفلاني لم يفد منتخباتنا ولا أطرنا بشيء، بدليل ما نحن عليه من سقطات، وبدليل ما كان من هجرة مكثفة ومبرمجة تحت الإكراه لأطر وطنية إلى دول الخليج العربي بعد أن أهانتها· صنع النتائج ولم يصنع الرجال ننتهي إذن إلى أن الفريق الوطني الذي هو المرآة العاكسة لعمل الجامعة، ما كان ليتداعى على هذا النحو الخطير، ويصبح أسير الإخفاقات والهزائم، برغم الذي كان عليه سنة 1998 بمونديال فرنسا وأيضا ما كان عليه سنة 2004 بكأس أمم إفريقيا بتونس، لو لم تكن الجامعة التي يقودها الرئيس حسني بنسليمان، قد أخلت بمنظومة العمل وبأساس التدبير الإحترافي، إذ سيكون واضحا للكل أن بنسليمان كلما تحرك بما يملك من إمكانات إلا وتحسنت نتائج الفريق الوطني، وكلما فوض بضغط من مسؤولياته الوطنية أمر إدارة هذا الفريق الوطني لأقرب الناس إليه، إلا وساءت النتائج، ما كان يقول بأن البعض شخص العمل في أكثر من موقع، فأصاب عطل مزمن عمل الجامعة أولا وحركة الفريق الوطني ثانيا· وتسأل الجامعة مع تعاقب المكاتب الفيدرالية عن أنها كانت عن عمد أو عن غير عمد تصر على إعادتنا باستمرار إلى نقطة الصفر، خاصة عند التعاطي مع أوراش كان ينجز عمل فيها في السابق، بل إنها لم تكن بالحزم المطلوب وبالصرامة الضرورية في رسم الطريق نحو التغيير ، فقد أقرت هي ذاتها بضرورة العمل بنظام المديريات لتدبير أهم ما في الشأن الكروي بشكل إحترافي، ولكنها ما فعلت شيئا من ذلك، وقد عهدت لمكتب دراسات أجنبي بأن يهيء لها منظومة بديلة، ثم إنها نادت أكثر من مرة بضرورة إخضاع الأندية في تحديد مواقعها لضرورة الوفاء بدفتر تحملات متوافق عليه، وأبدا لم تصل حتى إلى العشر في العمل بذاك الدفتر، ما كان يقول بأن هناك تسيبا لا أول له ولا آخر، وبأن هناك روحا هاوية هي المهيمنة على أسلوب العمل· وفي الحالات كلها ما كان مقدرا لحسني بنسليمان، الذي يدير مؤسسة قوية ونافذة هي مؤسسة الدرك الملكي أن يرفع درجة التدبير داخل جامعة كرة القدم إلى المستويات التي هي من طراز عمله، لأنه ببساطة شديدة لم يكن قادرا برغم الذي بذله من جهد على إنتاج نخب مسيرة· كان بنسليمان يستطيع أن يصنع النتائج ولكنه ما كان يستطيع أن يصنع الرجال والمسيرين، وبالنتائح نجح ذات وقت وبضعف وهواية الرجال سقط·· إن الإعتراف بمنتهى الأمانة لحسني بنسليمان بتسخيره لإمكانات لوجستيكية مهمة للفريق الوطني، ما ساعده على التغلب نوعيا على كثير من مشاكله ما تعلق منها بالخصوص بالتنقل في أدغال إفريقيا، وما تعلق منها أيضا بإيجاد مباريات ودية للفريق الوطني في أي مناسبة أتاحتها تواريخ الفيفا، يقابله الجزم أيضا بأن ما يضطلع به الرجل من مسؤوليات أكرهه على تفويض كثير من المسؤوليات الدقيقة والبالغة الأهمية لأشخاص وثق فيهم، وما تصور لحظة أنهم سيشخصون كثيرا من الإختلافات في الرأي مع أشخاص بعينهم، وتكون النتيجة في النهاية مشهد كروي إهترأ وتسيب برغم كل الذي بذل من جهد لتخليقه· مكتب فيدرالي من مؤقت إلى مشتت وإذا كان الفريق الوطني أو بالأحرى المنتخبات الوطنية وهيكلة الجامعة وكرة القدم هما ضلعان أساسيان في هرم العمل، فإن الضلع الآخر الذي له أيضا أهميته هو المكتب الجامعي، الذي كان يفترض أن يكون فريق عمل الجينرال بنسليمان والحائط القوي الذي يتكئ عليه ويطمئن إلي فاعليته ونجاعته في إنجاز العمل في كل الأوراش المفتوحة· بمجيء حسني بنسليمان إلى جامعة كرة القدم، رئيسا للجنة مؤقتة بمباركة من الراحل جلالة الملك الحسن الثاني سنة 1994، كان مهيئا له بحسب الطبيعة القانونية للمهمة وبحسب التعريف القانوني للجنة المؤقتة، أن يختار من بين الأعضاء العاملين وقتها في المنظومة الكروية من يعمل إلى جانبه، وكان مفترضا أن يتأسس الإختيار على منطلقين أساسيين· منطلق أول هو الكفاءة والمرجعية والقابلية للعطاء، ومنطلق ثان هو الأهلية لروح المهمة الموكولة إلى اللجنة المؤقتة· وكان حسني بنسليمان لمعرفة مسبقة بتضاريس كرة القدم الوطنية موفقا في تشكيل أعضاء لجنته المؤقتة، ما انعكس إيجابا على عملها، ولو أن الأوراش التي فتحها (الفريق الوطني تحليل الواقع الكروي تحيين القوانين العامة وأيضا الإجتهاد في صياغة مقتضيات تطبيقية لقانون التربية البدنية والرياضة)، إستهلكت سنوات وجعلت المؤقت الذي أعطيته ستة أشهر، ثم أضيف بعد ذلك مثلها، سيمتد لخمس سنوات كاملة، ما اعتبر إنتهاكا صريحا لروح القانون وللمبدإ الديمقراطي الذي يقرم عليه العمل في المؤسسات·· وكان ضروريا في تلك المرحلة أن تضع ذات اللجنة وقد عملت في كثير من الأحايين بروح الفريق الواحد كامل جهدها لصياغة منظومة الإصلاح والتقويم برغم ما كان يطفو أحيانا على السطح من خلافات، إلا أن الصورة ستختلف تماما، عندما أكرهت الجامعة على إنهاء حالة المؤقت والدعوة نهاية سنة 1999 والفريق الوطني على أهبة للإشتراك في كأس إفريقيا للأمم 2000 بغانا ونيجيريا إلى جمع عام عادي أعاد الديمقراطية لبيت الجامعة بانتخاب مكتب فيدرالي جديد، روعيت فيه نسب معينة في تمثيلية فصائل كرة القدم بحسب ما نصت عليه القوانين الملقحة، وقد كان ذلك بداية حقيقية لانحراف القطار عن السكة· التضحية بالكفاءات برغم ما روعي من توازنات فإن ما طبخه الجمع العام الذي بدأ وانتهى أسرع من ومضة، سيكون مؤشرا حقيقيا على أن حسني بنسليمان لم يعوض من رحلوا بقوة القانون وقد كانوا أعضاء في الفريق الجامعي المؤقت إلا بمن هم أسوأ أو لنقل من هم دون تحديات ورهانات المرحلة الجديدة· إذ ستضرب القوة المضافة التي اكتسبها محمد أوزال كل التوازنات، ما أصبحنا معه أمام فئة قليلة معنية بصناعة القرار، وفئة كثيرة لا تدري أحيانا بكثير من القرارات إلا وقد نشرت في الصحف أو أذيعت في نشرات إخبارية متلفزة بنص بلاغ· وكان مؤسفا أن يرمى بكثير من الأعضاء الجامعيين الذين توسمنا فيهم الخير في عرض البحر (عبد الله بنحساين كريم عالم أحمد عمور···و···و···) إما لأنهم وقفوا ضد التيار وإما لأنهم رفضوا أن تقتص كرامتهم·· وساء الوضع أكثر، بل إنه كان كارثيا في مرفقين أحدثتهما الجامعة لمباشرة تدبير بطولات الصفوة والهواة، إذ تداخلت المهام والإختصاصات وكان الإستفراد بالقرارات وكان بعضها للأسف مثبطا للعزائم، بل ومحرضا على الفتنة، وعوض أن تتقوى الجامعة كوصي مباشر على كرة القدم، بتفويض بعض المهام للمجموعة الوطنية لكرة القدم الصفوة والمجموعة الوطنية لكرة القدم الهواة، فإنها بإصرار من أعضاء جامعيين بعينهم أبقت نفودها وهيمنتها فما عرفت لمن تعطي الراس· وقد قلت أن رئيس الجامعة برغم ما كان حريصا على أن يتعقبه من أخبار عن كل الذي يدور في دهاليز الجامعة، فاته أن يطلع على كثير من الجزئيات والتفاصيل، ما جعله يتحول في أكثر من مرة إلى رجل إطفائي يندفع لإطفاء ما كان يشب هنا وهناك من حرائق، إما بسبب تداخل الإختصاصات وإما بسبب استفراد البعض بصناعة القرارات· هذه الجزئيات وهذه التفاصيل هي ما أصبح ذات وقت كلا، وهي ما أنتج حالة التضارب والفوران واللاتوازن في عمل جامعة خرجت عن النص وتاهت عن بيتها، وما عادت قادرة بعنصرها البشري على الوفاء بالإلتزامات· وهن على وهن·· فكان الرحيل ننتهي إلى حقيقة واحدة ووحيدة، هي أن ما حرض على دفع حسني بنسليمان إلى الدعوة عاجلا لعقد جمع عام للجامعة يوم 16 أبريل الحالي، وبخاصة إلى التنصيص على إعلان رحيله عن ذات الجامعة هو حالة الوهن التي أصابت منظومة العمل داخل جامعة كرة القدم· وهن يجسده ما آل إليه الفريق الوطني بسب إختيارات تقنية غير معقلنة وغير مدروسة وبسبب تعنت بعض صناع القرار في الإبحار عكس تيار الرأي العام، ويجسده أيضا ما وصله الفريق الجامعي من اهتراء في تدبير ملفات كثيرة، وبخاصة ما يتعلق منها بتأهيل كرة القدم· وعندما يفضي بنا الحال إلى القول بضرورة طي صفحة حسني بنسليمان وقد أخذت 15 سنة من عمرنا الكروي وفتح صفحة جديدة هي من روح العصر ومن وحي إكراهات المرحلة، فإنه من الضروري، بل ومن الإستراتيجي، أن نحرص على أن تكون هذه الصفحة الجديدة، صفحة بيضاء ليس فيها ما يذكرنا بما كان سيئا في الصفحة القديمة· صفحة نقية السريرة، ناصعة التطلع إلى بناء حاضر جديد لكرة القدم الوطنية، أساسها الديمقراطية ومضمونها الإحترافية والمهنية ولغتها إعطاء هذا الشعب الرائع كرة قدم في مستوى أحلامه وآماله· أما على أي قاعدة يجب أن تتأسس هذه الصفحة الجديدة، فأفضل أن أترك الحديث عنها إلى عدد لاحق·