الفرصة لكم لن تكون البطولة الوطنية مهمشة على الإطلاق من لدن إريك غيرتس، إذ برغم نتفة من اللقاءات التي عاينها الناخب إريك بنماذج مختلفة من المقارنات المتباعدة مع الإحتراف وبعض التصورات التي استنتجها لدى الأندية بتشكيلها وأدائها ولاعبيها وحتى تأطيرها الفني، لم يقتنع غيرتس بالوجه الذي يظهره اللاعب المغربي المحلي حتى لو قال أن البطولة تتحسن تدريجيا لتتجاوز معيقات يرى أن أقواها يتمثل في غياب السرعة لدى اللاعب داخل الرقعة، وغياب مضامين السرعة في تشعباتها المبنية على اللياقة كأولوية تساعد اللاعب على هذا الفعل في سياقين مختلفين مطروحين في التمارين اليومية، أي اللياقة الجسدية بدون كرة من خلال تدريبات علمية دقيقة لمقاس القدرة على التحمل والتحدي المصاحب ضد السرعة مثلما هو معمول في سباق الدراجات، واللياقة البدنية المصحوبة بالكرة، أي بالتمارين السريعة مع الكرة وبكافة الإبداعات الفنية بالرجل والرأس، ما يعني أن السرعة لدى غيرتس تنحو نحو هذا المطلب الأساسي لدى اللاعب في أول خطوة قبل أن يكون جاهزا للدخول إلى الرقعة لطرح قياس قدراته السريعة في الفضاء الذي سيوظف فيه، وثانيا للحرص على احتساب المسافة الكيلومترية التي قطعها اللاعب في 90 دقيقة لمعرفة مدى الإيقاع الذي اشتغل فيه، وقياس نتائج ما قدمه من إمكانيات فنية توازي ذات السرعة.. ومع وقوف غيرتس على هذه النقطة الكبيرة داخل لقاءات البطولة، تتأكد الصورة ويتضح أن اللاعب المغربي ليفتقد لهذا الجانب المهم في معادلة من يخلق الرعب داخل الفريق بإيقاعه وتناغمه وتحمل توقيته كليا بجسد له طاقة كبيرة.. ولم يخطئ غيرتس في تصوره الدقيق على خلاف لومير وميشيل الذين أكدا ضمنيا على أن البطولة الوطنية متوسطة وجد عادية في محاولة لا تستقرئ مكنون مفهوم المتوسط.. ولكن لدى غيرتس وضع السرعة كمفهوم فني لائق يغيب عن إيقاع اللقاءات وحضور اللاعب المغربي داخل الرقعة وبقليل من الفرص، ما يعني أن من يصنع الفرص في المباراة بكمِّ هائل ويسجل ويهدر، يحمل القدرة على السرعة في التنفيذ من الحارس إلى مهاجم، ما يعني أن من يرفع الإيقاع ويشتغل على ذلك هو المدرب بقياس درجات قلب وتحمل أي لاعب في أوتوماتيزمات المباراة وضغطها المبني على السرعة، وهذا ما تفتقده اليوم في البطولة مثلما نراه أكثر حضورا لدى وجوه المنتخب في بناء العمليات بسرعة فائقة مثل بوصوفة، والسعيدي وكارسيلا وتاعرابت، وحتى من الوسط لدى بلهندة وخرجة وهرماش.. والمدرب الداهية هو من يرقى بلقائه للرفع من إيقاعه والإقتصاد وقت الضرورة التي تفرخها النتيجة، ومدربو الأندية الوطنية مطالبون برفع درجة السرعة في اللعب واللمسة الواحدة بالثنائيات والمثلثات التي يلعب بها البارصا والريال، وحتى الكرة الإنجليزية المندفعة إلى احترام إيقاع المباراة من أولها إلى آخرها.. ولن أتفق مع أي كان إن قال لي هم محترفون ونحن هواة مع أن الإنسان واحد في العقل واللياقة والفارق بين الإحتراف والهوية هو التكوين.. كما لا أتفق على ذات المفهوم السائد بالهواية، لأن أكثر الأندية الوطنية محترفة في تعاملها مع البطولة، لكنها هاوية بعقلها ولاعبوها هواة في عقولهم، ولا يطوروا أنفسهم على الإطلاق بمثل ما أقدم عليه أكثر النجوم المغربية الذهبية التي احترفت بأوروبا، وظهر لها الفارق الكبير في التكوين والبنيات التحتية وثقافة الإنضباط. شخصيا لا أعطي الدروس هنا لأي لاعب، ولكن الحياة علمتنا كيف نكون محترفين في أي مجال.. والكرة أيضا علمتنا كيف نقرأ تفاصيلها العلمية.. ولا مجال للمقارنات لأن زمن الماضي الذهبي يختلف في العقل والهوية والنجومية عن جيل اليوم العادي والعادي جدا.. ويكذب من يقول أن لدينا نجما عاليا في البطولة أو طائرًا نادرا، لأن البطولة في مضمونها العام ضعيفة في نظري وبدون هداف الساعة. الفرصة لكم من الآن مع غيرتس لقلب هذا التصور المريب للكرة المغربية، ومن يرى نفسه قادرا على تغيير هذه النمطية المتواضعة، فالمنتخب المحلي هو نقطة البداية لأي لاعب قوي البنية ولا «يكحب» في أول دخول له بالرقعة، وفرصة ذهبية لأي لاعب يقلب تصور غيرتس القائل بغياب السرعة إلى ما هو قابل لتحضير هذا المبدإ الفني، وفرصة ذهبية لكل من يستدعيهم غيرتس لمواجهة بوتسوانا في أواخر مارس المقبل من أجل تأكيد مبدإ القوة والجاهزية والإحترافية والإنضباط والسرعة المفهومة... ولديكم شهر عسل أنطولوجي لرفع إيقاع البطولة أيا كانت تكتيكات المدربين، ولديكم إرادة إضافية أخرى غير موجودة لدى تكتيك المدربين وهي الموهبة الخارقة.. فميسي مثلا يمكنه أن يصنع النتيجة من دون أن يكون قد تعلمها في التداريب.. فهل لكم القدرة على إقناعنا؟