أحترم المنطق، وتحدث النهائي بلغة الأرقام وذهبت الكأس للمنتخب الذي يستحقه، وبلغت الأسود مقصدها وهي تنهش بذكاء كبير نسور مالي.. • جولة الإيقاع المجهض لم يأت المنتخب المالي في مستهل المباراة النهائية، بما هو غريب عنه، وهو ينتظم في نفس الحلقة الدفاعية التي استأنس بها ويتحصن في قلاع دفاعية رصينة، فقد كان ما يحثه على ذلك، أولا أنه يجد ضالته في اللعب بخطوط متقاربة وعدم المبالغة في الإرتماء للهجوم، وثانيا لأنه كان يعلم حق العلم أنه يواجه منتخبا مغربيا يملك أسلحة هجومية شديدة القوة، لذلك جاءت الجولة الأولى ثقيلة تكتيكيا، فلا المنتخب المغربي تمكن من فك الطلاسيم الدفاعية لنسور مالي، ولا المنتخب المالي تجرأ على فتح اللعب. لذلك اختلف عنا المنتخب المغربي في هذه الجولة بالدات، وهو يلعب ضد طبيعته، ولا يجد الحلول المطلوبة لفك الشفرة ولنجاوز الإنتكاسة الهجومية، فقد كان من النادر خلال هذه البطولة أن لا يصنع هجوم الأسود فرصا سانحة للتسجيل بالشكل الذي يضعف المنظومة الدفاعية للمنافس. • بوفتيني وجد المفتاح كان الخوف أن يفرض المنتخب المالي على المباراة الإيقاع والنسق الذي يلائم إمكانياته ويتسبب ذلك في جر الأسود إلى السيناريو المرفوض، أي أن تنصرم الدقائق ليظل البياض متسيدا ويتم سحب المباراة لضربات الترجيح. هذا السيناريو سيتمرد عليه أسود الأطلس، من ضربة ثابتة بعد أن استعصت الكرة الملعوبة، ذلك أن الدقيقة 69 ستحمل الإنفراجة المنتظرة، النمساوي عند تنفيذ الزاوية، الكرة تذهب رأسا لرأس الرائع سفيان بوفتيني الذي يفك الطلاسيم الدفاعية ويمنح التقدم للأسود. تقدم حرص المنتخب الوطني على تدبيره خلال الثلث الأخير من زمن المباراة، بخاصة وأن نسور مالي سيسعون لإخراج مخالبهم الهجومية، إلا أن ما سيأتي أن الأسود سيوصلون اتعزف على وتر الكرات الثابتة، إذ سيتمكن أيوب الكعبي من الخروج من القمقم ليوقع الهدف الثاني، هدف الإطمئنان والذي سيمنح المنتخب المحلي لقبه الثاني على التوالي. منتخب يفوز في خمس من ست مباريات، يسجل 15 هدفا ولا يستقبل غير ثلاثة، منتخب هو الأفضل على مستوى الإستحواذ وصناعة الفرص والتسديد على المرمى، هل هناك أفضل من هذا الفريق ليجلس على عرش الكرة الإفريقية؟