على من، وعلى ماذا ننحو باللائمة للخروج المباغث للرجاء البيضاوي من الدور الأول لعصبة الأبطال الإفريقية أمام فريق بزغ بالكاد هلاله في سماء الأبطال؟ يجوز القول بأن الرجاء كان كالبراقش التي جنت على نفسها، ففي النهاية هو يلام بالطول والعرض على أنه أساء التعامل مع مشهد غريب واستثنائي، خطأه الأكبر أنه لم يكن يملك فكرا استباقيا، بدليل أنه كان بكل مكوناته مبهورا ومندهشا بل ومفزوعا من هذه اللعنات التي سقطت على رأسه مرة واحدة، فقد كانت المباراة تحتاج من لاعبي الرجاء أن يجعلوا من أرضية الملعب خصمهم الأول، أن يسيطروا على رداءتها وأن يتكيفوا مع انقلاباتها، لا أن يفكروا في حسم الإلتحامات البدنية مع لاعبي تونغيت السنغالي الذي استغاث بظرفية مناخية استثنائية ليكسر شوكة الرجاء. ويجوز القول بأن الرجاء أدى غاليا ثمن عطل حدث في جهاز تصريف مياه أمطار الخير التي غمرت أرضية ملعب مركب محمد الخامس، فأعاقت التدحرج الطبيعي للكرة، والرجاء أدى ثمن هذا الذي كنا أمامه، عندما لم يجد طريقة يتحلل بها من طبيعته الكروية المعتمدة على أنظمة تقنية لم تكن أرضية الملعب تجيزها، أي أن يلعب بغير هواه. جرب لاعبو الرجاء في البداية أن يخلصوا لمنظومتهم الفنية، بالإعتماد على التمرير القصير والمراوغة في صحن ماء ومصاحبة الكرة في سفر لا جواز له، إلا أنهم سيدركون بعد دقائق أنهم يجرون وراء سراب، وأن الإمعان في التمرير القصير والمراوغة بجبة ساحر هو ضرب من الجنون، ولو أن لاعبي الرجاء تأخروا في إدراك هذه الحقيقة أن أرضية الملعب سلبتهم هويتهم الفنية والتكتيكية، إلا انهم لم يحسنوا أبدا الطريقة البديلة، الإعتماد على اللعب المباشر، إلا من لاعب واحد تكيف بشكل رائع مع المتغير الإستراتيجي هو رجل الوسط عمر العرجون. من حظ الرجاء العاثر أن كل الظروف السيئة تكالبت عليه، فهو فاعل ظاهر ومضمر في فعل الإقصاء، ولكنه أيضا مفعول به من قبل أشياء لا يستطيع السيطرة عليها، ومنها أن تتحول أرضية مركب أنفق عليها 23 مليار سنتيم إلى مستنقع مليء بالأوحال، لأسباب تقنية، الشركة المكلفة هي من يجب أن يقدمها للرأي العام، فقد تسبب حدث مماثل سنة 2014 في إقالة رجل بمرتبة وزير من منصبه، لا لشيء سوى أن الذي حدث يومها ومركب الأمير مولاي عبد الله يغرق في صحن ماء، حدث تحت أعين العالم، فما الفرق إذا؟ ومن الظروف التي تكالبت أيضا على الرجاء، أن الحكم الجزائري تغاضى عن ضربة جزاء واضحة كان بمقدورها لو سجلت أن تغير وجه المباراة تماما، وأن فيروس كورونا سلب من النسور صقرهم الجارح، بين مالانغو الذي كنت أرى فيه أنسب لاعبي الرجاء لخوض مباراة الوحل، بحكم قوته البدنية وإتقانه لأسلوب القتال في معارك كروية من هذا النوع. في النهاية، تعددت الأسباب والإقصاء المرير واحد، فالرجاء الذي كان يمنى النفس في تكرار ما فعله على الأقل في النسخة الماضية لعصبة الأبطال عندما بلغ دورها نصف النهائي، يجد نفسه بفعل فاعل ظاهر ومستتر خارج العصبة وقد أحاله الإقصاء مجددا على كأس الكونفدرالية، إلا أن الإطالة في البكاء على اللبن المسكوب ربما قد يكلف الرجاء ضياع حلم آخر يبدو على مرمى حجر، فالنسور موعودة يوم الإثنين القادم مع مباراة مصيرية أمام الإسماعيلي المصري، الفوز فيها بفارق هدفين سيقودهم رأسا لنهائي كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال لملاقاة الإتحاد السعودي، وما يتيحه هذا النهائي ماليا وفخريا، سيكون خير عزاء للرجاء بعد الإقصاء من عصبة الأبطال.