3+3 = ثقة وأمل لا نستطيع أن نعزل مباراة الأسود الودية وهي الثانية لهم على عهد المدرب غيرتس عن محيطها وعن طقوسها، فالمحك إن كان للإستئناس وأيضا للزيادة في جرعة الجماعية في الأداء، فقد كان مناسبة ليغرتس ليختبر العناصر الجديدة التي ينتظر أن تكون قيمة مضافة للفريق الوطني.. باحترافية كاملة تدبر الفريق الوطني مباراته أمام النيجر الذي كان بديلا إضطراريا لمنتخب ليبيا، فقد خاط المباراة على مقاسه، ضبطها على ميزانه، رفع الإيقاع متى شاء وخفضه متى أراد، صاغ بحسب الحاجة جملا تكتيكية ليسجل في النهاية فوزا معنويا على منتخب لا أظن أنه كان لنا نعم المحك ولكن ما باليد حيلة.. وضع غيرتس هيكلا تكتيكيا يعتمد على أربعة مدافعين، على سقاءين وعلى هجوم تقف فيه أربعة عناصر في صورة ثالوث يقف خلف رأس الحربة الذي هو مروان الشماخ.. ولئن كان الفريق الوطني قد تأثر بخاصة في وسط الإرتداد من الجهد الكبير الذي بذله العميد الحسين خرجة وهو ينضم لكتيبة الأنتير أساسيا، فإنه وجد في المقابل في بوصوفة ذاك النهر المتدفق، فهذا الفتى جاء إلى مراكش بكل النيازك، وصاغ واحدة من ملامحه الكروية والتي استفاد في رسمها من زئبقية عادل تاعرابت ومن جرأة يوسف حجي وأيضا من عملية المسح التي يقوم بها مروان الشماخ.. وإذا كنت لا أرى في الفوز بالثلاثة أقصى ما كنا نبحث عنه في هاته المباراة الودية، لطالما أن أي محك ودي يمثل لأي مدرب الحاجة للوقوف على الأخطاء وعلى الإختلالات لإصلاحها ولتقويمها، إلا أنني أؤكد على تداعيات هذا الفوز نفسيا على فريق وطني لا يجب أن ننسى أنه ما زال بصدد البحث عن شخصية يتفرد به في محيطه القاري.. ويكون ضروريا أن نتفحص جدوى اللعب وديا واستخلاص ما تم إستخلاصه، عندما يكون منافسنا القادم منتخب الجزائر قد ضاعت منه فرصة لعب مباراة ودية أمام منتخب تونس.. وما أنا متأكد منه أيضا أن الفريق الوطني وإن كان لم يستشعر خطورة كبيرة من هجوم النيجر برغم أنه كان لنا ندا قويا في منطقة البناء والإرتداد، فقد أحسن التعامل مع أحجام اللعب والتي فرضها بمحض إرادته، وهو أمر يقول بأننا أمام ملمح جديد للفريق الوطني ولا بد وأن يبلور في إطار مقاربة جديدة، مع أنه سيترك لغيرتس الوقت الكافي ليصمم مقاسا تكتيكيا يتطابق مع لقاء ساخن ومثير ينتظرنا شهر مارس القادم بالجزائر، هذا إذا لم يطل هذه المباراة التأجيل بسبب هذا الذي يحدث في الشارع العربي. ------------------- شدني إليه المنتخب الأولمبي وهو ينجح إلى حد كبير في الحصول على علامة الإستفادة كاملة من محكه الودي أمام بوركينافاصو، ليس القصد أنني كنت منصرفا عن ملاحقة هذا المنتخب الذي تبنى الهولندي بيم فيربيك مقاربة جديدة في تأسيسه، ولكن وجدت في مباراة بوركينافاصو ما يقول أن هناك بارقة أمل كبيرة لاحت في سماء مراكش، وأضع تحت بارقة الأمل الكثير من الأسطر للتنبيه إلى الأهمية المطلقة، لأن المباراة قدمت إكتشافات جديدة في ظرفية لازمنا خلالها قلق كبير من الخاتمة التي إختارها ناصر شادلي لمسلسله الطويل مع الفريق الوطني، عندما قرر حمل قميص منتخب بلجيكا تلبية لنداء العقل كما قال أو خضوعا لضغط رهيب مورس عليه.. زملاء كثيرون عابوا على بيم فيربيك التخبط الكبير الذي يعيشه في صياغة آخر الملامح للمنتخب الأولمبي الذي يفترض أن يبدأ مشواره التصفوي الذي يقود إلى أولمبياد 2012 بلندن بمواجهة الموزمبيق شهر مارس القادم، ولم يستصيغوا أن تكون مباراة بوركينافاصو الودية مسخرة بالكامل لتجريب عدد كبير من اللاعبين الذين رصدتهم الأعين التقنية، إلا أن ما أفضى إليه اللقاء وهو يرسل بشارات كثيرة في صورة بوارق أمل جعلنا نطمئن فعليا إلى أن المنتخب الأولمبي المغربي ينحث بشريا وتقنيا بطريقة عقلانية. لا أعتد كثيرا بنتيجة المباراة ولا بتفوق أولمبيينا أداء ونتيجة، لأن هذا ليس هو منتهى ما يطمح إليه أي مدرب من مباراة ودية، ولكنني أقف عند الإشراقات التي ظهرت، فقد برزت عناصر كثيرة بدرجات متفاوتة، ما يقول أن الكرة المغربية تستعد لزمن جديد يطابقها مع نفسها ومع إمكانياتها البشرية.. وقد كان من الطبيعي جدا أن نشهد بعض الإختلالات في الوظائف وبعض النشازات في منظومة اللعب، لأن اللاعبين يؤسسون لأول مرة لبوثقة جماعية، ولا يمكن أن نطلب منهم أكثر مما أعطوا في ظرف زمني دقيق وبأعباء ومهام تكتيكية صارمة، لذلك أصر على القول بأن ما قدمته مباراة بوركينافاصو إشارات قوية على أن المنتخب الأولمبي أصبحت له قاعدة قوية لهرمه، ولنا أن نتصور كيف يمكن أن يرتب بيم فيربيك الأولويات ليصل إلى بنية نهائية للمنتخب الأولمبي ولو أنني على يقين تام من أن هيكل هذا المنتخب سيقوم على 70 بالمائة من العناصر التي شاهدناها تبدع في المحك الودي أمام خيول بوركينافاصو. ----------------- لو كنت مكان غيرتس لأغمضت عيني وأخذت إدريس فتوحي للمنتخب الأول، حتى لو كان هذا الفتى يشكل عماد المنتخب الأولمبي.. خريج القدم الذهبي وبعد أن خضع لتكوين أكاديمي بلوهافر وإيستر قدم نفسه لنا جميعا خلال مباراة بوركينافاصو بصورة رائعة، لاعب له صفة القيادية، يتمتع بكاريزما كبيرة، قارئ جيد للمباراة، يوزع رصيده البدني بشكل عاقل على المباراة، بالفعل إنه لاعب الوسط الخالي من الشوائب التي يمكنه أن يتحمل أعباء كثيرة في وسط الميدان بكل أدواره الإرتدادية والبنائية..