وكأن الجامعة تمسك بجمرة، لا تدري إن دستها في التراب، هل ستصبح رمادا أم أنها ستزداد اشتعالا وتصبح كاللهب الصامت؟؟؟ تلك الجمرة هي البطولة الإحترافية الواقفة على ناصية الشارع المقفر.. حالها مائل.. غدها مجهول.. وحولها سكون رهيب، لا شيء على الإطلاق يرد الصدى.. وهل من وراء الإنتظار طائل؟ غالبت الجامعة كل أسئلة القلق واستفهامات المصير، وطوقت بحكمة الصمت كل الرياح المستنكرة التي تهب منذ أن حلت بنا الجائحة، كان هينا عليها أن ترخي الستارة وتحتكم لأحكام القوة القاهرة، وتقول أن لا أمل في استكمال البطولة الإحترافية، إلا أنها لم تفعل.. لقد قررت أن تمهل نفسها بعض الوقت لعل الصورة تتضح، ولعل الجائحة تتناقص، ولعل الأمل يزهر بأن تعود هذه البطولة.. معقمة ومهجورة.. لا يهم!! قرأت على السريع دراسة صادمة عن البطولة الإحترافية الفرنسية التي أوقفتها العصبة الإحترافية هناك بتوصية من الحكومة الفرنسية حماية لعائلة كرة القدم من جائحة العدوى المميتة، تقول أن العصبة ستذهب لاستدانة ما لا يقل عن 224مليون أورو، من الحكومة للتغطية على الخسائر المالية الفادحة التي تسبب فيها التوقف الكامل للبطولة الفرنسية، فمع إشهار قرار بتعليق المباريات تم نقض ما كان من عقود رعاية واستشهار وبث تلفزيوني، وتبخرت في هواء «كورونا» المسموم مبالغ مالية مهولة، ما يضع العصبة الإحترافية الفرنسية على حافة الإفلاس.. وهذا الوضع المنذر بالكارثة هو ما تهرب منه البطولات الأوروبية الكبرى وقد غدا جبلا من نار يطبق على عنقها، فألمانيا أخرجت البوندسليغا من جحرها، وأنجلترا تتمسك بعودة البرمرليغ والليغا لا تريد أن ترفع الراية البيضاء والكالشيو استعار خطة الكاتناشيو لكي يحول دون انهيار دفاعاته أمام سطوة الجائحة.. طبعا لا نستطيع أن نتصور مشهدا بهذه الكارثية والقتامة عندما بالمغرب، لأن عصبتنا الإحترافية ما زالت في حجرها المالي الضيق، بالكاد هي تتنفس أوكسجين الإستقلالية، ولأن عائدات النقل التلفزيوني عندنا ليست بالضخامة التي توجد عليها بأوروبا وبخاصة في إنجلترا، فهي في أحسن الأحوال لا تزيد عن 10مليارات سنتيم في الموسم الواحد، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المالك المطلق لهذه الحقوق لا تلتزم غالبا بسداد الأشطر في وقتها، لصعوبات مالية نعرف لها الأصل والمسببات. ما يجعل كرة القدم الإحترافية لا تناقش عندنا، التداعيات المالية الناجمة عن التوقف الإضطراري للبطولة بذات الحدة التي تناقش في الضفة المقابلة لنا، أن بطولتنا الإحترافية بأنديتها ومنافساتها توجد في درجة متدنية من حيث المأسسة، فلا الأندية الإحترافية تملك موازنات مالية ضخمة، النسبة الأكبر منها تأتي من عائدات النقل التلفزي ومن عائدات الإستشهار ومن بيع تذاكر المباريات، ولا العصبة الإحترافية التي قدر لها في سنة الحصول على الإستقلالية الكاملة، أن تعيش جائحة «كورونا»، تملك موازنة مالية كبيرة جدا من عائدات تسويق بطولتها، لذلك لا يبدو قرار توقيف أو استئناف البطولة الإحترافية هاجسا يؤرق البال ويطير المنام.. صحيح أن الجامعة تتوخى من هذا التريث المشروط تحقيق العدالة ولو في ظل جائحة تدرج عنوة في عداد القوة القاهرة، فاستكمال البطولة الإحترافية هو رأسمال ثقة لا تريد الجامعة أن تفرط فيه، وصحيح أن كلفة استكمال البطولة الإحترافية ستكون مرهقة جدا للجامعة، لأن تطبيق ما إلتزمت به الجامعة أمام الحكومة من خلال استراتيجية العودة، التطبيق الحرفي والصارم الذي لا يبقي هامشا ولو صغيرا للمجازفة والمخاطرة، سيلزم الجامعة بإنفاق سدس ميزانيتها السنوية على استكمال الثلث المتبقي من البطولة بما يحتاجه، إجراء ما لا يقل عن 90 مباراة، من سيولة مالية للإنفاق على تجمعات الأندية في محور معين وعلى توابعها اللوجيستية، إلا أن الجزم والحسم سيكون للحكومة وتحديدا للجنة اليقظة الصحية. لا مجال للإستعجال، لتصبر الجامعة على سخونة الجمرة «ما بقا قد ما فات». عيدكم مبارك سعيد..