بشكل هادئ وبثقة كبيرة، أجاب وحيد خاليلودزيتش المدرب والناخب الوطني في حوار حصري مع "المنتخب"، على أسئلة الساعة وأبرز الإشكالات والمواضيع التي تستأثر باهتمام الرأي العام المغربي، عن تقييمه لما مضى وتوقعاته لما هو آت، مع توضيح لكل نقاط الخلافات وسوء التفاهم بالكثير من الوضوح والصراحة والعفوية. - المنتخب: أثرت ضجة بعد لقاء موريتانيا الأخير بحديثك عن ليونيل ميسي حينما قلت أنه لو كان متاحا لاستدعيته، ألهذه الدرجة يعاني الأسود من العقم الهجومي ويحتاجون لهداف أسطورة من أجل فك طلاسيم النجاعة؟ خليلودزيتش: سأعيدها وأكررها، المنتخب المغربي لا يملك مهاجما من الطراز العالمي ومن يأتي بالحلول حينما يستعصي الأمر، ميسي من بين القلائل حاليا وفي تاريخ كرة القدم من يملك نسبة فعالية فريدة للتسجيل، يراوغ ويسدد ويفعل كل شيء لوحده ويتوفر على حس تهديفي غير طبيعي، لقد كنت مهاجما في مشواري الكروي وأعرف المواصفات التي يجب أن تتوفر في الهداف الذي له القدرة والشخصية والمؤهلات ليخلق الفارق في كل مباراة. - خليلودزيتش: لكن ميسي لا يُقارن والفعالية تأتي بالنجاعة الهجومية للفريق ككل.. خليلودزيتش: لم تفهمونني، أنا أتحدث عن طبيعة الهداف وليس المنظومة التكتيكية وكيفية الوصول إلى المرمى، المنتخب المغربي يخلق عشرات المحاولات كما شاهدنا ضد موريتانيا إلا أنه يفتقد للمسة الأخيرة الحاسمة التي تضع الكرة داخل الشباك، أنا أتحدث عن قناص مثل دروغبا وصامويل إيطو وبعض رؤوس الحربة الذين إشتهروا في القارة الإفريقية وأوروبا مثلا بحسهم التهديفي، للأسف عندكم في المغرب لا يوجد هذا «البروفيل» ليصنع الفارق، وشخصيا عرفت القلة القليلة من المهاجمين المغاربة الذين لديهم صفة رقم 9 وأتذكر لاعبين فقط هما كريمو والشماخ. - المنتخب: مشكل الأسود إذن هو غياب رأس حربة بمواصفات عالمية وحس تهديفي غزير وفطري كما تقول؟ خليلودزيتش: هذا المشكل الأبدي عند المنتخب المغربي سيدفعني للتساؤل، لماذا لم يفز المغرب بكأس إفريقيا منذ 1976 ولماذا إنتظر 20 عاما ليتأهل مجددا لكأس العالم؟ أكيد أن الإجابة قد تكون متعلقة بغياب الهداف القائد التي يترجم الفرص إلى أهداف، فأسود الأطلس ظلوا مخنوقين هجوميا وصائمين عن التهديف رغم سيطرتهم وتوقيعهم على مباريات وتصفيات مثالية، إلا أن الإنجازات ووصفات النجاح تكون بالإنتصارات، والإنتصارات لا تتحقق سوى بالأهداف وتواجد رأس حربة يتقن التسجيل من كل الزوايا ويأتي بالحلول من أنصاف الفرص. - المنتخب: وماذا عن وصفتك لإنهاء هذا المشكل أو التخفيف منه على الأقل؟ خليلودزيتش: جئت للمغرب لأشتغل وأنا أتابع مباريات الأسود منذ مدة طويلة، لدينا مشروع لتحسين أداء المجموعة وتكوين فريق جديد متكامل قادر على بلوغ الأهداف، نتوفر على لاعبين موهوبين بقدرات تقنية ونحن نمضي رويدا رويدا، أطالب بالصبر وفهم فلسفتي وعدم التسرع في توجيه النقد من أجل النقد، فواكه عملي سنجنيها لاحقا إن سارت الأمور على ما يرام وتركوني أشتغل براحة وهدوء، وفي حال العكس سأحزم حقائبي وأركب أول طائرة من مطار محمد الخامس، لأنني رجل مستقل وحازم وأعمل وفق المشروع الذي يناسبني، ومن المستحيل أن أستمر في منصبٍ لا يمنحني الصلاحيات لأقوم بعملي في أفضل الظروف. - المنتخب: دائما ما تهدد بالرحيل خلال مختلف المحطات والتجارب التي خضتها سابقا سواء مع الأندية أو المنتخبات، هل هو ضغط منك وذكاء لفرض شخصيتك وهيبتك؟ أم أن الأمر متعلق بحب التنقل وعدم الإستقرار لمدة طويلة في نفس المنصب؟ خليلودزيتش: غادرت نانط الصيف الماضي وهو فريق له حب ومكانة خاصة في قلبي لأن رئيسه تجاوز صلاحياته ومارس علي ضغوطات لم أتقبلها، حينها إلتقيت برئيس الجامعة الملكية فوزي لقجع أخبرته بذلك وقلت له بأن حقائبي ستظل جاهزة للرحيل في أي وقت، كوني حاد في عملي وحازم إلى درجة التشدد، ولا أقبل بأبسط الأشياء التي تبدو للآخرين عادية، حينما أحدد موعدا مثلا على الساعة 10 فلا يجب أن يكون 10 ودقيقتين، هذه هي قواعدي وحياتي وطريقة إشتغالي، ومن لا يعجبه الأمر سأنسحب وأنصرف، أنا شخص صريح ومستقل ولا أرضخ للأوامر والتدخلات، لا أفرض نفسي على الآخرين ومستعد للطلاق على الدوام. - المنتخب: عند مجيئك إنتقذت علنا نور الدين أمرابط وقلت بأنه بوزن زائد ولياقة بدنية غير سليمة، هل هي رسالة مشفرة تنتقذ فيها البطولات الخليجية؟ خليلودزيتش: هل تريدون أن أكذب أو أصمت أو أجامل؟ إنتقذت أمرابط وقلت له بأن وزنه زائد وبجسمه نسبة دهون مرتفعة، وفرضت عليه الخضوع لحمية غذائية والرفع من إيقاع التداريب ومضاعفة الحصص فرديا حتى يساير الإيقاع معي، ومن جهة أخرى فأنا لست من عشاق البطولات الخليجية التي أحترمها، لكنني أعرف كيف تُلعب المباريات هناك وكيف تكون التداريب، من الظلم أن نقارن الممارسة بين الخليج وأوروبا ونضع اللاعبين في كفة واحدة، للأسف الإيقاع متباين جدا وتشددي في جانب اللياقة البدنية هو مايجعل موقفي حاسم بشأن البطولات الخليجية واللاعبين الذين يلعبون هناك.