أنهى الدفاع الحسني الجديدي موسمه الرياضي في مرتبة آمنة وسط الترتيب (المرتبة الثامنة)، دون أن يتمكن من الصعود إلى البوديوم، أو على الأقل إنتزاع بطاقة خارجية، كما إلتزم بذلك المكتب المسير الحالي في برنامجه الذي عرضه قبل أربع سنوات على برلمان الفريق. وساهمت عدة عوامل في خروج فارس دكالة من المنافسات خاوي الوفاض، أبرزها غياب الإستقرار على مستوى إدارته التقنية التي تعاقب عليها ثلاثة مدربين في موسم واحد، عبد الرحيم طاليب، الفرنسي هوبير فيلود وبادو الزاكي، مما أفقد الفريق هويته التكتيكية داخل البطولة، فضلا عن فشل معظم المنتدبين في تقديم الإضافة المرجوة للفريق الجديدي، وتراجع عطاء بعض اللاعبين المخضرمين الذين خفت بريقهم وتوهجهم، والحصيلة أن أسهم الدفاع تراجعت إلى أدنى مستوى، وتأرجح مساره بين المد والجزر. إقصاء مرير بعد إنهائه لإلتزاماته القارية، دخل فارس دكالة مباشرة في أجواء البطولة الوطنية وهو يجتر مرارة الإقصاء المرير من دور المجموعات لكأس عصبة الأبطال الإفريقية، ووجد نفسه أيضا يواجه ضغط منافسات كأس العرش التي كان يراهن عليها الدكاليون كثيرا لإضافة ثاني لقب إلى خزينتهم، ومعاودة المشاركة في المسابقات الخارجية، غير أن حلم الدفاع تكسر إثر إنهزامه وبطريقة مذلة في ربع النهاية أمام نهضة بركان، وشكل هذا الإقصاء صدمة قوية في نفوس الجديديين، وذب اليأس في أذهان اللاعبين بعدما توالت النكبات والإخفاقات على الفريق محليا وقاريا. طاليب في الآوت لأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد واصل الدفاع الحسني الجديدي حصد النتائج السلبية التي صاحبها هبوط حاد في أداء الفريق فرديا وجماعيا، وبعد خروجه الصاغر من عصبة الأبطال الإفريقية، ومغادرته مبكرا منافسات كأس العرش، تجرع فارس دكالة مرارة هزيمة غير متوقعة في الدورة الخامسة من البطولة أمام الكوكب المراكشي بهدفين لواحد، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، والنقطة التي أفاضت الكأس، وعكرت صفو العلاقة بين الدكاليين والمدرب عبد الرحيم طاليب الذي طلب إعفاؤه من منصبه حفظا لكرامته، معللا قراره بدواعي صحية، كخطوة إستيباقية، دونما إنتظار مقصلة الإقالة التي كانت تتهده، حيث آثرت إدارة الدفاع على هامش مباراة أولمبيك آسفي، وفي مبادرة طيبة وتكاد تكون فريدة، توديع طاليب في حفل تكريمي مؤثر يجسد القيم النبيلة التي من أجلها تأسست الرياضة، حضره اللاعبون، المسيرون، المنخرطون، أعضاء الطاقم التقني والطبي ورجال الإعلام أيضا، شاكرين إياه على العمل الجبار الذي قام به داخل الإدارة التقنية للفريق الجديدي الذي قاده لأزيد من موسمين ونصف، حيث ساهم في إنقاده من النزول إلى القسم الثاني في موسم 2015/ 2016، وقاده لاحتلال مركزي الوصافة في الموسمين الموالي في منافسات البطولة والكأس، وبلوغ دور المجموعات لكأس عصبة الأبطال الإفريقية. حصيلة كارثية لفيلود سعيا منهم إلى التعاقد مع «مدرب القاب» يعيد قاطرة الفريق الى السكة الصحيحة، إستنجد المسؤولون الدكاليون بالمدرسة الفرنسية، من خلال التعاقد مع المدرب هوبير فيلود العارف بخبايا الكرة الإفريقية، حيث سبق وأن خاض عدة تجارب بكل من الطوغو، الكونغو الديمقراطية، تونس والجزائر، حيث راهن مسيرو الدفاع على هذا الإطار الأجنبي لتصحيح ما يمكن تصحيحه، وإعادة الاطمئنان إلى جماهيره، إلا أن فيلود أو ((ميلود)) كما كان يحلو للجماهير الجديدية تسميته أخفق في تقديم الإضافة المرجوة وقيادة الفريق نحو تحقيق نتائج طيبة داخل البطولة الوطنية الإحترافية «إتصالات المغرب»، والأرقام تكشف عن الهبوط الحاد الذي سجله الدفاع في الأداء والنتيجة مع الطاقم الفرنسي. إذ منذ أن قاد رفقة مواطنه ستيفان غولمان العارضة التقنية للنادي، خلفا لعبد الرحيم طاليب. خاض فيلود مع الفريق الدكالي خلال الفترة الممتدة من 5 دجنبر 2018 إلى غاية 2 فبراير 2019، 11 مباراة بالتمام والكمال، فاز في مباراتين على مولودية وجدة وشباب الحسيمة اللذين كانا يعانيان وقتئذ في أسفل الترتيب وبشق الأنفس بحصة (1 0)، وتعادل في ثلاث مباريات أمام سريع وادي والمغرب التطواني وحسنية أكادير بميدانهم، وخسر 6 مباريات أمام الوداد البيضاوي (3 0) وأمام الفتح الرباطي (1 2) ومولودية وجدة (0 1) ويوسفية برشيد (0 1) والرجاء البيضاوي (2 4) والجيش الملكي (1 3) وأولمبيك خريبكة (2-1)، وسجل خط هجومه 8 اهداف، وتلقت شباكه 16 هدفا، وهي حصيلة كارثية كانت كافية لإقالة فيلود ومساعده غولمان الذي كان تعيينه خطئا كبيرا لجهله هو الآخر بخبايا البطولة الوطنية وافتقاده إلى التجربة الكافية، وكان حريا بأصحاب الحل والعقد تعيين إطار تقني محلي لشغل هاته المهمة لتجنيب فيلود الوقوع في كثير من المزالق واللخبطة التي أدى الدفاع ثمنها غاليا. الزاكي في دور المنقذ بعد تجريبها للإطار الأجنبي الذي فشل في قيادة النادي نحو بر الأمان، ولوقف نزيف النقاط، آثرت إدارة الدفاع تسليم مفاتيح الإدارة التقنية لهذا الأخير إلى إطار وطني متمرس قادر على إعادته إلى سكته الصحيحة، حيث وقع الإختيار وبالإجماع على الناخب الوطني السابق الزاكي بادو كرجل المرحلة . تسلم الربان الجديد لفارس دكالة الذي تعاقد مع الدفاع وفق مشروع واضح ومحدد في الزمان والمكان، من سلفه هوبير فيلود فريقا منهوكا، ومعنوياته تحت الصفر، بعد تعرضه لثلاثة هزائم متتالية في البطولة، أدخلت لاعبيه دائرة الشك. وقد سخر الناخب الوطني السابق خبرته التي راكمها في ميادين الكرة داخل المغرب وخارجه لإخراج لاعبي الدفاع من ضغط النتائج السلبية، متقمصا دور المعد الذهني، حيث كان هدفه الأساسي على المدى الصير هو إخراج الدفاع من وضعيته الحرجة، واستعادة كبريائه. وبالموازاة مع الهدف المرحلي وهو إعادة فارس دكالة بسرعة إلى سابق توهجه واستعادة شخصيته القوية، عمد الزاكي بادو إلى إعادة النظر في التركيبة البشرية للدفاع من أجل إعادة بناء فريق تنافسي قادر على بلوغ منصة التتويج في الموسمين المقبلين، عبر فسح المجال للاعبين الشبان الموهوبين لإثبات ذواتهم داخل الفريق الأول، كما ينص على ذلك عقده المبرم مع المسؤولين. وفي زمن قياسي نحج العميد السابق لأسود الأطلس في تحقيق «الديكليك» ووضع قطيعة مع النتائج السلبية، رغم صعوبة المواجهات التي كانت تنتظر فريقه، حيث تعادل الدفاع أمام النهضة البركانية والوداد، وانتزع فوزا هاما من ميدان إتحاد طنجة، جعلت أطماع الدكاليين تكبر داخل البطولة، لكن سرعان من توقف قطار الفريق الجديدي لعدة أسباب، من بينها لعنة الأعطاب التي لاحقت بعض ركائزه الأساسية (المفتول، سيكو...)، وتعرض آخرين للعقوبة التأديبية، ومن ثمة أضحت لائحة الفريق محدودة، إضافة إلى ظلم التحكيم في بعض المباريات، وخاصة في ديربي دكالة عبدة، كلها عوامل أثرت على مسيرة الدفاع وأخرجته من دائرة السباق على البوديوم، مكتفيا بمركز آمن في وسط الترتيب. عودة الدفء لملعب العبدي بعدما ضاقت الجماهير الرياضية الدكالية ذرعا من الهبوط الحاد لفريقها المحلي في منافسات البطولة الوطنية الإحترافية أداء ونتيجة، وتعسرت أمامها السبل، بعدما طالت مرحلة الفراغ داخل الدفاع الحسني الجديدي لأشهر عديدة على عهد المدرب الفرنسي غير المأسوف على رحيله الفرنسي هوبير فيلود، وجد مناصرو «المهيبيلة» في مباراة نهضة بركان التي دشن من خلالها الناخب الوطني السابق مغامرته مع فارس دكالة أنفسهم مضطرين إلى رفع شكواهم إلى الربان الجديد الزاكي بادو في أول حضور له بملعب العبدي بالجديدة، من خلال رفع يافطة كتبوا عليها بالبند العريض: «الزاكي، فريقنا فيه داء، فكن أنت الدواء»، مطوقين عنقه بمسؤولية تشخيص الداء والبحث للدفاع عن الدواء لتجاوز حالة الإستعصاء. وهي الإشارة التي إلتقطها المروض الحالي لفرسان دكالة، واستوعب مضمونها جيدا، وعمد إلى القيام بعملية الغربلة، واستبعاد العناصر المخضرم التي أثبتت أنها لم يعد لديها ما تقدمه للدفاع، وإتاحة الفرصة لأبناء الجديدة الموهوبين والمغمورين الذين أثبتوا مع توالي المباريات جدارتهم بحمل قميص الفريق الأول، وهي المبادرة التي لقيت استحسانا كبيرا من قبل الجماهير الدكالية التي عادت لتؤثث وبأعداد محترمة مدرجات ملعب العبدي بعد فترة جفاء إمتدت لأزيد من موسمين، بل رافقت الدفاع في عدد من رحلاته خارج الجديدة، لمؤازرة اللاعبين ومساندة المدرب الزاكي بادو الذي لقي ترحابا خاصا من قبل الجديديين الذين عبروا عن ارتياحهم الكبير للعمل الإحترافي الذي يقوم به الطاقم التقني داخل النادي.