لله ياجزائر هي أغنية لفنان الراي الجزائري الشاب خالد، فيها مناجاة ونوسطالجيا وابتهالات للوطن. لله ياجزائر، هي أيضا «تيفو» صادرته السلطات الأمنية من مدرجات المكانة، بعد أن أكدت تقارير استخباراتية أن فصيل إيلترا إيكلز الجناح المساند للرجاء البيضاوي يستعد لعرضه في ما يعرف في قاموس المدرجات بالطلعة الكبرى، قبل أن يطلع رجال الأمن إلى المكانة ويصادروا التيفو وأكسوسواراته، ويصنفوه في خانة الجرم السياسي. حرم الجمهور الرجاوي من رسائل تدعو الشعب الجزائري إلى التصدي لمناورات حكامه، من خلال ميساجات تكشف عن القواسم المشتركة بين الرجاء والجزائر، فهما معا يقدسان اللون الأخضر، علما أن الجزائر حاضرة في تاريخ الرجاء من خلال أول رئيس للفريق وهو المرحوم لعبادجي الجزائري الجنسية، ومن خلال مجموعة من الأسماء التي دربت أو لعبت للفريق البيضاوي كسعدان وإيغيل والشريف الوزاني ودريد وبلخطوات، كما أن أول لقب قاري للرجاء تحقق في وهران معقل الشاب خالد. الآن ومع اقتراب موعد مباراة المنتخبين المغربي والجزائريبالبليدة، أصبح لزاما على الطرفين تعقيم جسديهما ضد التعصب، لا سيما في ظل الظرفية السياسية الراهنة التي جعلت من الجزائر خصما وعدوا لوحدتنا الترابية. كتبت جريدة الوفد المصرية خبرا على هامش أحداث العيون تنبأت فيه بمعركة إعلامية بين المغرب والجزائر قبل وأثناء وبعد مباراة المنتخبين، على غرار ما حصل بين الجزائريين والمصريين بعد موقعة أم درمان الشهيرة. وقال كاتب المقال، إنه لولا التباعد الجغرافي بين مصر والجزائر لوضع جيشا الجمهوريتين في حالة استنفار على الحدود. إذن هناك بوادر تصعيد من الطرفين، والإعلام الرياضي يقوم بعمليات إحماء استعدادا لموقعة البليدة، وهي المدينة التي تعرض فيها لاعبو الوداد خلال مباراتهم ضد وفاق سطيف في نهائي كأس أبطال العرب لأعمال شغب من طرف جزائريين يشدهم الحنين إلى عهد الهواري بومدين. يعتقد الجزائريون أن المتأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا سيكون في جنات خلد، والخاسر في نار جهنم وبئس المصير، ويظن كثير من مناصري منتخب الخضر أن الهزيمة أمام منتخب إفريقيا الوسطى ليست نهاية العالم وأن الخسارة أمام المغرب هي يوم القيامة. على الإعلام أن يشرع من الآن فصاعدا في نزع فتيل الصراع، لأن أولى المباريات وأكثرها شراسة تجرى على صفحات الجرائد وفي الفضائيات والأرضيات وعلى الأثير، صحيح أن جريدة الشروق الجزائرية قد قدمت في الأيام القليلة الماضية الدليل القاطع عن حسن نيتها، فأقامت حفلا على شرف زعيم الانفصاليين عبد العزيز المراكشي، وهو الحفل الذي حولته جريدة الشرور كما يلقبها المصريون إلى مناسبة لتأليب الرأي العام الجزائري ضد المغرب. إن كل أفعال الشغب تبدأ بحجرة طائشة، ففي الحسيمة توقفت المباراة بسبب حجرة، وبسبب قطعة حديد طائشة أيضا اندلعت أحداث مباراة الوداد وأولمبيك خريبكة ونزاع ملعب البليدةوأم درمانوالعيون وقس على ذلك من بؤر التوثر. لكن كتابة طائشة قد تجر البلدين إلى ويلات أخرى، خاصة إذا أصر زملاؤنا في المغرب والجزائر على كتابة مقالاتهم بحبر تأتي إمداداته من أنابيب مرتبطة بثكنات عسكرية. تدهورت العلاقات بين الجزائر ومصر إلى حد غير مسبوق ووصل الأمر إلى أبعد مما يتصوره المرء، إذ طالب المصريون بتجريد الفنانة وردة الجزائرية من جنسيتها المصرية التي نالتها سنة 1980، وطلق جزائري زوجته المصرية ليصبح طليق الواجب ورمزا من رموز بلد المليون عنيد. في شكل استباقي قررت الجمعية المغربية للصحافة الرياضية التصدي لأي انفلات إعلامي محتمل، ومعالجة داء التحريض الإعلامي ونزع فتيل الخلاف، مع دعوة الزملاء الجزائريين إلى التعامل مهنيا مع المباراة دون دغدغة عواطف المواطنين ونشر ثقافة العداء والكراهية بين السطور، والتصدي لتجار النكبات الذين يغتنون من وراء بيع علب البغضاء والضغينة. كنت شاهدا على ما حصل في مدينة صفاقس التونسية، بعد المباراة التي جمعت المنتخبين المغربي والجزائري سنة 2004، في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، ففي ذلك اليوم المشؤوم احتل الجمهور المدينة الهادئة التي أغلقت نوافذها ودكاكينها في وجه الجزائريين والمغاربة، وامتد شطط الخضر إلى الحيوانات، حيث أطعموا الزرافة والقردة خبزا محشوا بالهريسة فاستحال على إدارة الحديقة فرملة فورة غضب الحيوانات المتوحشة التي أيقنت بوجود كائنات أكثر وحشية خارج أسوار الحديقة.