ماذا نفعل بهم؟ يغبطنا كثير من الزملاء الإعلاميين الرياضيين العرب، بخاصة من يتولى منهم التعليق بهذه القناة أو تلك عن البطولات الأوروبية الأرفع شأنا والأكثر إثارة والأقوى تأثيرا في كوكب كرة القدم، على أن لنا لاعبين بمقاسات عالمية كبيرة جدا، لهم مفعول السحر داخل كل الأندية التي يلعبون لها، وهذا الإغتباط ليس بالقطع مرادفا للحيرة التي ركبت كل هؤلاء الزملاء ذات زمن وهم يحصون مواجع الفريق الوطني، سقطاته وترنحاته، إنكساراته ونكباته، فما كان أحد بينهم ولا حتى بيننا من اختلاف بسيط في الدرجة، يصدق أن يكون فريق وطني مشكل من كل هذه الفرديات الساحرة ذات الأداء الهلامي والمدوي غير قادر على أن يفوز بكأس إفريقيا للأمم وحتى ينافس عليها بضراوة كما كان الأمر سنة 2004 هناك عند أشقائنا التوانسة.. بلغ مروان الشماخ درجة قياسية من النضج وهو ينتقل للعب مع أرسنال الأنجليزي ويتشبع بثقافة العطاء والبذل ومتعة الذات داخل أنجلترا، حتى أنه هو نفسه لا يصدق أن أداءه تطور إلى الدرجة التي بدأ يعتقد معها أنه ما زال في أول خطوة على درب الألف ميل والألف إستفادة.. وأصاب منير الحمداوي الكل بالدهشة وهو يكشف عن سحر جديد في أدائه وأيضا في نوعية الأهداف التي يسجلها وهو ينتقل بثوب الهداف من نادي أزد ألكمار إلى أجاكس أمستردام معقل الأنطولوجيات الكروية.. واتسعت مساحات الإبداع عند امبارك بوصوفة وهو يحول كل مباراة لأندرلخت إلى صحن دوار الأداء والأهداف فيه من كوكب آخر، ولا ينسى الفتى الواعد يوسف العرابي أن يضع في كل مباراة يلعبها مع كاين بصمة فريدة من نوعها، يفوز فريقه أو يخسر ولكنه دائما وأبدا يسحب نفسه إلى معبد المتعة ليطلق شهابا مضيئا.. وينفخ الصغير المهدي كارسيلا المرشح للإنضمام قريبا إلى الفريق الوطني في بالون ساحر فيطلق إكسيرا من الرحيق الذي تتغذى به الأرواح، إنه لاعب لا يقاوم في أدائه وفي أخلاقه وفي كل تباشير الفجر الجميل التي يحملها في وعائه.. وتتوارد الأسماء وكأنها درر مصفوفة في عقد واحد، حتى أننا أصبحنا نشفق على إريك غيرتس المدرب والناخب الوطني الجديد، كيف يستطيع أمام هذا الإبداع الكثيف أن يختار وأن ينتقي.. أكيد أنه سيظلم من دون أن يتعمد هذا اللاعب أو ذاك، فالإختيار في ظرف كهذا أقوى من نار.. ولأن كرة القدم لا تعتبر إلا بالمجهود الجماعي الموظف من طرف كل مكونات الفريق، فإن الفريق الوطني وعلى رأسه المدرب والناخب إيريك غيرتس سيكون بأمس الحاجة إلى جلباب نفسي يتلاءم مع الفريق الوطني ويطبعه بشخصية قوية، كما يحتاج إلى وعاء تكتيكي يستوعب كل المهارات الفردية الرائعة ليقدم ما يحتاجه الأسود اليوم قبل الغذ من أسلوب لعب مركب، معقلن وقادر على تأكيد منطقية الفوارق.. بدرالدين الإدريسي