قيامة الجزائر الأمور ليست على ما يرام بالجزائر، ليس في السياسة طبعا لأنه أمر لا يهمنا، بل في كرة القدم ومنتخب بلادها الذي اهتز بهزيمة مذلة وغير منتظرة بإفريقيا الوسطى، وأفرزت من خلالها العديد من الإنتقادات الشرسة إعلاميا وفنيا من الكوادر الجزائرية المعروفة سابقا وحاليا.. هزة طالت المدرب الجديد عبد الحق بنشيخة كرأس مطلوبة في أول اختبار حقيقي له فشل في قراءته للرحلة والخصم وحتى تشكيله العام واختياراته السلبية داخل المباراة، وحتى في توقيت البدائل المطروحة، وقدمته الصحافة الجزائرية كمرتكب للأخطاء وفاعل خارج المنظومة الفنية، ويسير في نفس خطى المدرب الأسبق رابح سعدان.. لكن ما لا يعرفه الجزائريون الأشقاء في صلب الأحداث أن منتخبهم الكبير بأسمائه الثقيلة في الإحتراف لم يقدم إنجازا خالدا بالمونديال الإفريقي، ولم يقدم فريقا متناغما في خطوطه المعاقة وبخاصة في التنظيم الهجومي وغياب الخط الأقوى للوصول إلى المرمى، ولا يمكن أن يكون منتخب ما حاضرا بأقوى حدث كوني وهو معاق بخط هجومي خارج النص رغم أنه يملك حارسا كبيرا ودفاعا إسمنتيا، لكنه لا يملك الأدوات الفنية لترجمة الإجتهاد الدفاعي إلى إجتهاد هجومي يغيب عنه صناع القرار بالعين الواضحة، كما لا يمكن أن يكون المنتخب الجزائري قويا بهجومه وهو الذي تحصل بالمونديال على أقل الفرص بحضور رجالاته (مطمور، غزال، جبور وصايقي) وإنساق نفس الأمر أمام كل من تانزانيا وإفريقيا الوسطى بأقل العيارات عن الولاياتالمتحدة وأنجلترا وسلوفينيا، ولم يصل إلى المرمى إلا مرة واحدة أمام تانزانيا وبهدف التعادل من رجل الوسط (غديورة)، ما يعني أن جزائر المونديال خالفت حتى أدائها العام في الإقصائيات الحالية، ونزلت إلى الحضيض ولم تغير تشكيلها العام إلا بقلة قليلة رغم غيابات بعض الوجوه في خطي الدفاع والوسط، لكنها غيرت الطاقم الفني سعدان بمواطنه بنشيخة حفاظا على الأطر الجزائرية في نظر الجامعة، وما يعاب على الجزائر هو خط دفاعها في ظهيره الأيسر نادر بلحاج الذي إستقال بأدائه وقدم هديتين لإفريقيا الوسطى من قنابل موقوتة رغم أنه مدافع جيد، كما أن ما تداولته الصحف الجزائرية من وجود تكتلات وغياب الإرادة والحماس لدى المنتخب كان له تأثير بالغ على نتيجة المباراة أيا كانت مبررات غياب سبعة عناصر (زياني، مطمور، بودبوز، خدير، غديورة، حليش)، كما أن أخطاء المدرب الفنية في اختياراته البشرية والتكتيكية كان لها دورها السلبي المساعد على الخسارة. وهذه القيامة الإعلامية بالجزائر في معطاها النقدي للهزيمة الملغومة وبالآراء المذكورة، لم تقدم سؤال الخسارة، كيف ولماذا خسرت الجزائر إلا بتعاليق جانبية لما هو محيط بالمنتخب أصلا دون أن تناقش الخصم كيف ولماذا فاز؟ طبعا لم يدرس الجزائريون إفريقيا الوسطى جيدا، وماذا فعلوه أمام المنتخب المغربي حين اقتصوا تعادلا سلبيا من دفاع غزير ناقشناه نحن مسبقا من أن إفريقيا الوسطى ليس منتخبا سهلا، وقد تعجز أمامه إذا لم تقرأه جيدا بأسلوبه وذهاء مدربه، وهو ما غير صورة إفريقيا الوسطى حتى داخل أرضه حين إنتزع نقطة ثمينة من المغرب ليجعلها عاصفة فوز بأرضه أمام منتخب جزائري قادم من المونديال كممثل إفريقي.. وأعتقد جازما أن المدربين الذين لا يقرأون خصومهم جيدا ويستهثرون بالصغار ويغترون فوق اللزوم، يكون مصيرهم تغيير المواقف والآراء السالبة إلى إعتراف. ما يحصل بالجزائر هو أمر عادي جدا رغم أن حمى الإنتقادات والقيامة في التحاليل ما زالت منسابة، وأكثر بالتدقيق هو كيفية التحضير للمواجهة القادمة أمام المغرب على أساس أنه لقاء مربوح منذ الآن بالجزائر والمغرب حتى تتصدر الجزائر المجموعة وتواصل نفس الريادة بالفوز على إفريقيا الوسطى وتانزانيا.. طبعا من حق منتخب الجزائر أن يتهيأ في الستة أشهر المقبلة لمداواة الجرح حتى يفوز على المغرب، لكنه لا يعرف أن منتخب المغرب له من المؤهلات ما تجعله يحقق الفوز بالجزائر بالكرة والعالمية في ظل فترة النقاهة وجديد المرحلة وقوة نجومه التي لا يملك أقوى عياراتها هجوم الجزائر.