لا كورة، لا قراية شرعت مدرسة فريق الرجاء البيضاوي في استقبال الراغبين في الانضمام إليها وتسجيلهم كما تفعل عادة كل المدارس الكروية بالبلاد. والملاحظ أن الآباء صاروا حريصين على التحاق أبنائهم بفريق الحي أكثر من حرصهم على التحاقهم بمدارسهم. فقد باتوا مقتنعين بأن المستقبل في الرياضة ماشي في القراية. وطبعا ليست هناك رياضة أسهل من كرة القدم التي تظل إلى جانب الهجرة السرية أمل الفقراء في تحسين وضعياتهم، رغم أن هناك رياضات أخرى مثل التنس والسباحة حتى هي فيها اللعاقة، إلا أن مصاريف ممارستها تدفع المزاليط إلى التنازل عنها وتركها لإخوانهم الألبة. أواااه، بقات ليهم غير السباحة في لابّسين؟ وا بنادم ما لقاش الما باش يشربو، عاد غادي يبقى يغطس فيه كل نهار؟ الدراري باغين يلعبوا الكورة وما بقاوش بغاو يقراو. لهذا السبب تحديدا، لم يلتحق كل التلاميذ بسكويلة المخزن، ولا يوجد أي اكتظاظ في مدارسنا العمومية. وإذا كان هناك ازدحام أمام شي مدرسة، فسيكون أمام مدرسة ديال شي فرقة ديال كرة القدم. باش تعرف راسك كداب، فين كاينة شي فرقة عندها شي مدرسة؟ المهم كاينة السمية. وبهاديك السمية المؤسسات التعليمية خوات. إيلا الدراري ما جاوش، راه حيت باقين شادين الصف في المكتبات. واحد ما عندوش الصرف، علاش غادي يشد الصف؟ كما لو أن انقلابا جميلا حدث في تفكير الشعب. فقد كان اهتمام المواطنين ببطونهم ملفتا طيلة شهر رمضان، وكانت المخابز أو المخبزات هي المحلات الوحيدة التي تشهد ازدحاما متواصلا بالليل والنهار. لكن بعد العيد، تحولت الجوقة من المخبزة إلى المكتبة. وكأن المغاربة انتبهوا إلى أن هناك أشياء أخرى غير كروشهم تستحق أن يتزاحموا من أجلها... وهكذا تكدس الناس حد الاختناق أمام وداخل المكتبات، وكلشي كيغوّت. هناك من يدفعهم خوف غامض من نفاذ المقررات والأدوات المدرسية، وهناك من يخضعون لضغط أبنائهم. وكم من طفل يهرْنِن أمام البيت حاصر أباه العائد منهوكا من تَمارة: «قال لينا المعليم اللي ما جابوش الكتوبة غدا، غادين يمشيوا عند المدير ويجففوا الدْروج». فيضطر الأب إلى الخضوع صاغرا، وقد نجده داخل المكتبة بعد أن يتفاجأ بغلاء الكتب المدرسية ينظر إلى ابنه البوحاطي في غضب صامت باغي غير منين يدوز ليه. ومن الآباء من يصرخ في وجه ابنه أمام الملأ بصوت مسموع: «إمتى غادي تخرج من القراية ونتهنّى من بوك». وا صاحبي راه بصح الكتوبة غاليين الله يحسن لعوان. وملي غادي يخرج هاد الدري من المدرسة، فين غادي يمشي؟ يمشي يلعب الكورة. واش هاد الكوايرية حنا عندنا ضروي يكونوا ما قاريينش؟ قد لا يشعر اللاعبون الذين تركوا الدراسة من أجل كرة القدم بالندم إذا ما سارت الأمور كما ينبغي وضمنوا لأنفسهم مكانا داخل الفريق الأول. لكن المصيبة الكبرى تحدث إذا ما توقف اللاعب عن الممارسة لسبب من الأسباب في إحدى الفئات الصغرى، حيث يجد نفسه لا كورة لا قراية. هنا يكون الندم شديدا خصوصا إذا ما كان هذا اللاعب قبل انقطاعه الدراسي يتوفر على إمكانات مهارية تخول له المضي بعيدا في دراسته، أما إيلا كان كسول من الأول، ما عندنا فيه سوق! من منا يتذكر نجوم القدم الذهبي؟ فتيان طيبون وحالمون وموهوبون تصوروا أن التضحية بالدراسة من أجل المشاركة في البرنامج ستفتح طريق النجومية أمامهم، وستسقط عليهم الفلوس من السما بحال التبروري. جيل كامل من اللاعبين المفترضين شربوا الوهم وبلعوا الوهم ولم يجدوا من يقدم لهم بعد خيبة الأمل اعتذارا جميلا، ولا حتى وجدوا من يساعد آباءهم أغلبهم فقراء على تجاوز الصدمة حيث انهارت كل أحلامهم حين انهارت أحلام أبنائهم. آش بغيتي القدم الذهبي يدير ليهم؟ الكورة ما عطاتهمش وسالينا. كان خاص المسؤولين على البرنامج يوقفوا مع هاد الدراري بالفلوس حتى يوقفوا على رجليهم. ومالهم حكومة؟ منين غادين يجيبوا هوما هاد الفلوس؟ إيلا بغيتي المعقول، غير بفلوس الإسمس اللي ربحو على ظهور دوك الدراري، كانوا يبنوا أكاديمية.