معشر الشباب لنطل إطلالة على بعض أمثلة مواقف الشباب السباق إلى خدمة الإسلام ونصرته، ونشر دعوته، وهو يخطو خطواته الأولى ليكون نبراسا لشباب اليوم، وليتيقن أن سلفه الصالح من الشباب المسلم هو المساهم الأول في إقامة دعائم الإسلام وأسس دولته، وبتضحيات الشباب أينعت ثمرة الإسلام التي لازلنا ونحن في القرن الخامس عشر الهجري نقطف ثمارها اليانعة وبضيائه نستضيء عندما تدلهم الظلمات فتنكشف عن قلوبنا الغمم، لنجد أنفسنا محاطين بعناية الله المنبثقة من دعوة الله إلى دار السلام ومن هدايته إلى صراطه المستقيم، ولنأت بمثالين رائعين من مواقف صفوة الشباب في خدمة الدعوة الإسلامية. المثال الأول ممثل في سيدتنا أسماء وأخوها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعامر بن فهيرة مولاه ومشرك مؤتمن على سر النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء الأربعة أطر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فسيدتنا أسماء هي المكلفة بتجهيز الزاد وإعداد الطعام وحينما لم تجد ما تربط به جراب الزاد قطعت نطاقها فربطته به فتشرفت بلقب ذات النطاقين، وعبد الرحمن أخوها مكلف بالمخابرات يزود النبي صلى الله عليه وسلم تُمكرهُ قريش، ويحمل الزاد إلى غار ثور. وعامر بن فهيرة مكلف برعاية الغنم قرب غار ثور ليزود النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه بلبنها، والرجوع إلى أثر عبد الرحمان لطمس الأثر، أما عبد الله بن اريقط فمكلف بالناقتين ليأتي بهما عند انقطاع الطلب ليدلهما على الطريق.. ثلة تمثل خليطا من الشباب بينهم فتاة وفتى ومولى ومشرك إنها ميزة الإسلام يخدمه كل واحد حتى المشركون، وقد ورد أن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وهكذا أراد الله للمجتمع أن يتكاثف ويتعاون لخدمة الإنسانية؛ لأن الإسلام دين الإنسانية جمعاء. والمثل الثاني لتحدي الشباب خدمة للإسلام يتمثل في الشاب أبي جندل ومن معه من شباب مكة المؤمن فأبو جندل ابن سهيل آمن وتكبد جراء إيمانه ما لا يقاس، وحينما عقد النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية الذي كان من بنود العقد أن المسلمين يريدون إلى قريشا لا يريدون من جاء من المسلمين إليهم في تلك اللحظة هرب والتجاء أبو جندل إلى المسلمين وأبوه ممن عقد مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلح، فلما رأى ولده قال أبوه هذا أول من يرد، فاستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكنه عليه السلام طمأنه بقوله: "ارجع فإننا عاهدنا القوم فسيجعل الله لك فرجا واصبر واحتسب" ثم التحق شاب آخر يسمى أبا بصير بالنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة فرده أيضا قائلا مثل ما قال لأبي جندل ولكن أبا بصير وجد غفلة رفيقيه فقتل أحدهما بدي الحليفة وفر الآخر، فرجع إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: "وفيت ذمتك أما أنا فنجوت"، فقال له صلى الله عليه وسلم: "لا تقم في المدينة" فذهب إلى ثغر بطريق الشام يقطع الطريق على تجارة قريش والتحق به أبو جندل، وثلة من شباب مكة المؤمن فتحيرت قريش في أمرهم ولم يكن لهم بد من الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ليضمهم إليه فأنزل الله بسبب هؤلاء الشباب هذه الغمة. إنما أتينا بهذين المثالين ليبقى شبابنا المسلم في مستوى تحديات العصر.. يتبع في العدد المقبل..