فك لغز نشأة الكون يتكون هذا التلسكوب من 66 تلسكوبا تبلغ مساحتها مجتمعة مساحة ملعب رسمي لكرة القدم. وأوضح فيلد أنه عندما بدأت 16 من هذه التلسكوبات في العمل عام 2011 كانت نتيجة الصور التي التقطها هذا التلسكوب أفضل من كل النتائج السابقة “فتلسكوب ألما يقيس موجات الراديو في مجال لا يتجاوز واحد مليمتر، وربما أقل من ذلك ما قد يساعد العلماء على رصد ما يعرف بالمادة السوداء وهي السحب التي تنشأ فيها نجوم جديدة والتي تلعب دورا هاما في نشأة مجرات كاملة. هذه الموجات المليمترية بالغة الارتفاع شديدة الأهمية لاختراق السحب الغازية وسحب الغبار الممتدة. وفر تلسكوب ألما في شكله غير النهائي الذي كان قيد التشغيل حتى الآن معلومات هامة حيث اكتشفت التلسكوبات التي كان يتكون منها الشكل غير النهائي لألما جزيئات عضوية صغيرة من السكر “هذا السكر هو اللبنة التي تتكون منها الحياة” حسبما أوضح فيلد مضيفا: “هل يسمح ذلك لنا بافتراض وجود حياة منتشرة في الكون؟”. وأقيم تلسكوب ألما على ارتفاع أكثر من خمسة آلاف كيلومتر فوق سطح البحر في صحراء شيلي. ومشيرا لذلك قال فيلد: “سمعت أن هذا الارتفاع هو ارتفاع ثاني أعلى مبنى على مستوى العام وأن هناك محطة قطار في مكان ما في التبت هي التي تعلو هذا التلسكوب”. وثبت تلسكوب ألما في صحراء تشيلي لأن الهواء هناك جاف للغاية بالإضافة إلى أن هذا المشروع كان يحتاج لمساحة لا تقل عن 16 كيلومترا وكلما زاد الارتفاع كلما كان الوضع أفضل “وليست هناك أماكن كثيرة في العالم تمتلك مثل هذه المميزات”. اختراق علمي وأوضح الأستاذ فيلد أنه على الرغم من أن العلماء يعلمون إلى حد ما سيعود به هذا التلسكوب العملاق على العلم، إلا أنه لا يستبعد حدوث مفاجآت عند انطلاقه مضيفا: “الأمر يشبه الحال مع عالم الفلك جاليليو الذي لم يكن يتوقع أن يكتشف قمر كوكب المشترى ثم فوجئ بأكثر من ذلك..”. شارك أكثر من 500 إنسان من جميع أنحاء العالم في بناء تلسكوب ألما الذي يصفه العلماء بأنه بمثابة “قرية وسط الصحراء”. وعندما يبدأ تشغيل التلسكوب غدا الأربعاء بحضور الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا فإن نحو 100 رجل سيتولون هذه المهمة. ولكن ألما ليس نهاية المطاف لأن لدى المرصد الأوروبي الجنوبي في جارشينج خطط أخرى كبيرة يسعى لتطبيقها في مناطق قريبة من موقع المرصد حيث ينتظر أن يبدأ تشغيل التلسكوب الأوروبي العملاق “إي ايلت” في صحراء أتاكاما في تشيلي. غير أن تلسكوب إي ايلت سيعمل خلافا لتلسكوب ألما في النطاق المرئي للأشعة فوق الحمراء وينتظر منه أن يراقب ما يعرف بالمادة الساخنة في حين أن ألما يراقب نشأة النجوم والكواكب، أما ألما فيبدأ في رصد هذه النجوم والكواكب عندما تكون قد أخذت شكلها بالفعل و “ساخنة” “وهذا تكامل جيد بين التلسكوبين” حسبما أوضح فيلد. سيوفر تلسكوب “إي ايلت” صورا بنقاء يفوق نقاء صور تلسكوب هابل ب 15 مرة، وهذا أمر جدير بالاحترام بالنسبة لتلسكوب لا يدور في الفضاء مثل تلسكوب هابل بل مثبت على الأرض. ويسعى العلماء باستخدام إي ايلت لتتبع نشأة الكون منذ الانفجار العظيم تقريبا. وسيصبح باستطاعة شخص موجود في مدينة ميونيخ، أقصى جنوبألمانيا، أن يقرأ صحيفة موجودة في مدينة لوبيك، أقصى شمال ألمانيا تقريبا. وسيصبح باستطاعة هذا التلسكوب المنتظر أن يبدأ عمله عام 2023 أن يلقي نظرة بعمق أكثر من 13 مليار سنة ضوئية في أصول الكون وسيثبت على جبل سير أرمازونس الذي يبلغ ارتفاعه 3060 مترا في تشيلي. وربما أجاب التلسكوبان العملاقان عندئذ عن كثير من الأسئلة التي لا تزال تحير العلماء مثل: هل هناك حقا في الكون كواكب أخرى تشبه الأرض؟ وهل هناك حياة في أماكن أخرى في الكون؟ ( د ب أ)