هذا هو الجزء الثامن والأربعون من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته، وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه، ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة، ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته. أبو يحيى المواق: أبو بكر بن خلف الأنصاري القرطبي الفاسي (ت 599ه) [القسم الثاني] جَلبتُ في القسم الأول من أقسام هذا المقال المخصص لأبي يحيى المواق، أحدِ مشيخة ابن القطان، ما يُحقِّق التعريف به، مما يتعلق باسمه، وكنيته، ولقبه، ومنزلته في العلم، وسأكسر هذا القسم الثاني على ما وقفت عليه من مشيخته، على حسب المنهج الذي سرت عليه في كتابة هذه التراجم. 1. مشيخته أخذ المواق عن جلة مشيخة عصره، والذي يستشف من كتب التراجم أنه لم يكن مِكْثاراً منهم، والدراية التي كانت غالبة عليه تتحقق بالتتلمذ على الحذاق من الشيوخ وإن قلَّ عددهم. ولم أستطع -بعد البحث- الوقوف إلا على ثلاثة من شيوخه: أولهم: أبو إسحاق ابن قرقول، هو: أشهر شيوخه، ذكره فيهم ابن الأبار[1]، وعليه وحده اقتصر الذهبي[2]، ومن تبعه كالصفدي[3]. وثانيهم: أبو عبد الله ابن الرمامة، وهو: أيضا من أشهر شيوخه، اقتصر على تسميته، وتسمية الذي قبله ابن الأبار[4]. وثالثهم: أبو الربيع التلمساني: سليمان بن عبد الرحمن بن المعز الصنهاجي، قال صاحب التشوف في ترجمته: "شيخ أبي بكر بن خلف المعروف بالمواق"[5]. وزاد الكتاني ذكره في ترجمة أبي يحيى المواق الفاسي مُترجمنا من السلوة بعد الشيخين المشهورين: ابن قرقول، وابن الرمامة[6]، ومثله وقع أيضا في ترجمته التي ساقها التعارجي في الإعلام[7] استطراد في ترجمة ابنه الإمام أبي عبد الله ابن المواق المراكشي صاحب بغية النقاد النقلة. تنبيه أدخل الدكتور محمد خرشافي في الترجمة التي صنعها لأبي بكر المواق في جملة شيوخه: أبا الربيع ابن سالم، ثم قال: "هو سليمان بن موسى بن سالم، عرف بمشيخته لأبي بكر بن صاف، وممن ذكر ذلك ابن الزيات في تشوفه"[8]، ثم أحال على الصفحة 273، من التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات طبعة أدولف فور، وقد رجعت إلى هذه الطبعة في نفس الموضع المحال عليه، فإذا المترجم هو: أبو الربيع التلمساني: سليمان بن عبد الرحمن بن المعز الصنهاجي[9]. وأما أبو الربيع بن سالم الكلاعي الإمام المعروف، فهو من تلاميذ الأب، وشيوخ ابنه أبي عبد الله ابن المواق صاحب بغية النقلة، ذَكره في تلاميذ الأب ابن الأبار في ترجمة المواق[10]، وذكر الابنَ أبا عبد الله في جملة الآخذين عن الكلاعي في ترجمته: ابنُ عبد الملك[11]، وابنُ الخطيب[12]، وابنُ عبد الملك أيضا في ترجمة أبي عبد الله ابن المواق[13]. وكفى بهؤلاء الثلاثة الأئمة: ابن الأبار، ابن عبد الملك، وابن الخطيب ضبطا. وسأعود في القسم الثالث من هذا المقال إن شاء الله إلى الآخذين عن المواق، والمذكورُ منهم في كتب التراجم تنصيصا قلة كالمذكور من شيوخه، وقد وقعتْ في الآخذين عنه أوهامٌ لبعض الفضلاء سأنبه عليها إن شاء الله تعالى.. ---------------------------------------------- 1. التكملة لكتاب الصلة، 1/353. 2. تاريخ الإسلام، 12/1189. 3. الوافي بالوفيات، 10/145. 4. التكملة لكتاب الصلة، 1/353. 5. التشوف، ص: 280. 6. سلوة الأنفاس، 1/224. 7. الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، 4/233. 8. قسم الدراسة الذي صّدر به تحقيقه لكتاب "بغية النقاد النقلة فيما أخل به كتاب البيان وأغفله أو ألمَّ به فما تمَّمه ولا أكمله" لأبي عبد الله محمد بن أبي يحيى المواق ص: 167. 9. وتوجد في "التشوف" ترجمته في النسخة التي حققها الأستاذ أحمد التوفيق، ص: 280. 10. التكملة لكتاب الصلة، 1/353. 11. الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، 4/84. 12. الإحاطة في أخبار غرناطة، 4/296. 13. الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، س8، ق1/273.