يقول عز وجل في محكم كتابه العزيز: "أيحسب الاٍنسان أن يترك سدى اَلم يكن نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والاُنثى" [القيامة، 36-39]، وقال عز وجل: "وأنه خلق الزوجين الذكر والاُنثى من نطفة اِذا تُمنى" [النجم، 44-45]، من خلال هذه الآيات الكريمة المعجزة يبين القرآن الكريم أن جنس الجنين يبرمج انطلاقا من مرحلة النطفة. فالإنسان لم يدرك سر الاختلاف الجنسي، ولم يدرك علاقة النطفة بالنوع الجنسي إلا بعد اكتشاف الثروة الوراثية. أي بعد مرور أربعة عشر قرنا من تنزيل القرآن. والسؤال الذي يمكن أن يطرح في هذا المضمار. كيف يحدد جنس الطفل؟ لقد اكتشف الإنسان في القرن العشرين أن نواة كل خلية من جسمنا تحتوي على 23 زوج من الصبغيات أو الكروموزمات التي تكون الثروة الوراثية أو الجينوم الذي هو بمثابة الشيفرة الكيميائية لتخلق ونمو وتطور كل الأعضاء منذ بدء تكونها إلى موتها. وفي منتصف نفس القرن تم التعرف على زوج الصبغيات المنظمة لتطور الأعضاء الجنسية ونموها. ففي كل خلية من جسم الإنسان يحمل الذكر زوجا من الصبغيات الجنسية التي يرمز إليها ب (xy) وتحمل الأنثى زوجا من الصبغيات الجنسية التي يرمز إليها ب (xx). تحمل النطف خلايا تحتوي على نصف عدد صبغيات خلايا الجسم؛ فخلايا سلالة الرجل لها 22 صبغية عادية وصبغية جنسية واحدة تحدد نوعان من الحيونات المنوية: المذكرة ذات الخاصية المسيطرة وهي التي تحمل الكروموزوم (y) والمؤنثة المتنحية وهي الحاملة للكروموزوم (x) أما سلالة المرأة أو البويضة فهي تحمل كذلك 22 صبغية عادية وصبغية جنسية واحدة تحدد نوع واحد من السلالة، لأنها تحمل دائما الكروموزوم الجنسي المؤنث (x). فإذا تم تلقيح البويضة بسلالة مذكرة أصبحت الخلية الملقحة ذات 22 زوج من الصبغيات العادية وزوج من الصبغيات الجنسية (yx) المسئول على تطور الأعضاء الجنسية الذكرية، أما إذا ما تم التلقيح بسلالة مؤنثة تصبح الخلية الملقحة ذات 22 زوج من الصبغيات العادية وزوج من الصبغيات الجنسية (xx) المسئولة على تطور الأعضاء الجنسية المؤنثة. أخرج مسلم في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا على مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا على مني المرأة مني الرجل أنثى بإذن الله". يكون الجنين ذكرا إذا على مني الرجل مني المرأة أي عندما تلتقي الصبغية المذكرة للأب وهي المسيطرة بالصبغية المؤنثة للأم، في حين يكون الجنين أنثى إذا على مني المرأة مني الرجل أي إذا التقت الصبغية المؤنثة للأب وهي متنحية بالصبغية المؤنثة للأم، وهي متنحية كذلك؛ لأن صفات التأنيث تظهر بغياب الصبغية المذكرة، ففي هذا الحديث الشريف إعجاز علمي مدهش لأن لا أحد كان يعلم شيئا عن علم الجينات في عهد البعثة النبوية، وكان الظن السائد آنذاك أن المرأة هي المسئولة عن جنس الطفل، فكانت المرأة تعامل معاملة قاسية عندما تنجب البنات، فجاء الإسلام لينير العقول ويتمم مكارم الأخلاق. المراجع 1. عدنان الشريف، من علم الطب القرآني الثوابت العلمية في القرآن الكريم، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى 1990. 2. محمد السقاعيد، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، دار اليقين، الطبعة الأولى 2009م. 3. عبد القادر وساط، موسوعة الصحة، عكاظ: 2011.