قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز: "ألو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمان إنه بكل شيء بصير" [الملك، 20]، من منا لا يتعجب وهو ينظر إلى الطيور كيف تُحلق في السماء بكل حرية وبراعة، وبدون أن تسقط على الأرض خاصة عندما تبسط جناحيها، وهي تسير نحو الأعلى؟ ألا تُذكرنا هذه المخلوقات المذهلة بقدرة الله سبحانه وتعالى على التفنن في الصنع، والإبداع في الخلق؟ توجد أزيد من عشرة آلاف نوع من الطيور، وهي من أكثر المخلوقات جمالا وأحسنها نغما. ويتميز معظمها عن سائر الحيوانات بما حباها الله عز وجل من قدرة على الطيران في الهواء، باستثناء بعض الأنواع الأخرى كالنعاميات والبطاريق.. وتهاجر بعض هذه الطيور هجرات طويلة قد تصل إلى آلاف الكيلومترات ثم تعود إلى أعشاشها، وذلك راجع لعدة خصائص في تكوينها الجسمي تمكنها من التنقل في الجو بطلاقة، وبكل حرية، ومن هذه الخصائص نذكر على سبيل المثال: 1. أن أجسامها تتسم بشكل انسيابي ومغزلي يساعدها على اختراق الهواء بسهولة والتمكن من الطيران؛ 2. تتميز عظامها بطبيعتها المجوفة وذلك من أجل تخفيف وزنها، كما أن رؤوس الطيور صغيرة الحجم ولا تتوفر على أسنان لذلك فهي ليست بحاجة إلى فكين ثقيلين وعضلات لتحريكهما.. تمتد من الرئتين أكياس هوائية بين الأحشاء تتسع لكمية كبيرة من الهواء مما يزيد من تخفيف وزن الطائر، فعندما تمتلئ هذه الأكياس بالهواء يزيد حجم الطائر وتقل كثافته؛ 3. كما تضمن بنية الجهاز التنفسي الأحادي الاتجاه لدى الطيور توفير مستمر للأكسجين لتلبية حاجاتها الكبيرة من الطاقة؛ 4. أنها تنفرد عن باقي الحيوانات بالريش الذي يلعب دورا رياديا في عملية الطيران، وتساعد بنية الريش المعقدة على الديناميكية الهوائية، كما تختلف وظائفه بحسب اختلاف توزيعه على الجسم أو الجناحين أو الذيل؛ 5. ليس لها مثانة بولية مما يخفف من وزن جسمها، كما أن الأنثى لا تتوفر إلا على مبيض واحد فقط.. كما تستخدم الطيور التيارات الهوائية لتحملها وهي باسطة الجناحين، وهذه التقنية تسمى بالصف حيث يبسط الطائر جناحيه من دون أن يحركهما. وتتكون التيارات الهوائية بارتفاع درجة الهواء على سطح الأرض فيتمدد وتنخفض كثافته ويصعد إلى الطبقات العليا الباردة، وقد تتولد التيارات كذلك عندما تصطدم بالعوائق كالتلال فتصعد نحو الأعلى، كما تستطيع الطيور الانزلاق في الهواء باستخدام الجاذبية فتهوي إلى الأسفل متحكمة في سرعة تنقلها بالجناحين. لقد أودع الله سبحانه وتعالى في الطيور خصائص فريدة تجعلها قادرة على التحليق في السماء، فإذا ما بسطت جناحيها أو قبضتهما فلا ممسك لها في الهواء إلا الرحمان جلت قدرته. وكما يقتضي قانون الجاذبية بما أبدع فيها من المميزات الجسمية وألهمها من الحركات التي تمنعها من الوقوع، يقول عز وجل: "ألو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمان إنه بكل شيء بصير" [الملك، 20]. والله الموفق