كلما نظرنا إلى السماء ليلا نعجب بجمال النجوم وبريقها الأخاذ في ظلمات الكون الأسود. يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: "وَزَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" [فصلت، 11] وفي آية أخرى يقول عز وجل: "اَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ" [ق، 6]. النجوم أجرام سماوية تتكون من كمية هائلة من غاز متوهج ومتوازن بفضل جاذبيته الذاتية، تمر النجوم في دورة حياتها من الميلاد إلى الموت عبر مراحل متعددة، فكيف تتكون هذه المصابيح الكونية وما هو مصيرها؟ لم يكن الإنسان يعرف شيئا عن النجوم إلى حدود القرن العشرين؛ فقد استطاع بواسطة المركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية والتطور العلمي في ميدان الفيزياء النووية، وكذا التقدم الرقمي من خلال تطوير تقنيات الحاسوب، دراسة هذه الأجرام و رصد الكثير من المعارف الكونية. أكد علماء الفلك أن لكل نجم دورة حياتية يمر بها، تتمثل في الولادة، النمو، ثم النضوج، فالاحتضار ثم الفناء، تولد النجوم نتيجة تجمع هائل للدخان والغبار الكوني الذي يتواجد في المجرات يسمى السديم -lanébuleuse- يمثل الهيدروجين أكبر نسبة من الغازات المركبة للنجم، تنضغط مواد الغبار الكوني البارد المكون من الكربون والأمونياك والميثان والغازات على بعضها البعض فترتفع درجة الحرارة الداخلية، وعندما تصل الحرارة إلى حوالي 10 ملايين درجة مئوية تبدأ عملية اندماج نوى ذرات الهيدروجين لتنتج الهليوم فيدخل النجم آنذاك في مرحلة الاستقرار والتوازن. تُفقد كمية من المادة أثناء عملية الاندماج النووي الحراري للهيدروجين، ثم تتحول هذه المادة إلى طاقة نووية في مركز النجم؛ إن تجاذب أجزاء النجم بعضها إلى بعض يولد بدوره ضغطا هائلا يوازن الضغط الباطني لقلب النجم. يحتاج نجم ناشئ في مثل كتلة الشمس إلى حوالي 50 مليون سنة من بداية حدوث الانكماش إلى بداية انطلاق العمليات النووية الحرارية في مركزه. أما بالنسبة لنجم كتلتة تكبر عشر مرات كتلة الشمس لا يتطلب إلا نصف هذه الفترة الزمنية في حين يتطلب نجم كتلته أقل زمنا أطول. تختلف النجوم فيما بينها من حيث الحجم، والكتلة ودرجة الحرارة التي تحدد لونها، وتبلغ درجة حرارة سطح شمسنا حوالي 2000 درجة مئوية لذلك تظهر صفراء اللون. يميل لون النجم إلى الأزرق إذا كانت حرارته أعلى وإلى الأحمر إذا كانت حرارته أقل درجة من الشمس. تحدد الكتلة الأولية للنجم الناشئ حجمه وسرعة تطوره؛ فولادة نجم ذو كتلة ضخمة قد تكون سريعة، حوالي 10 آلاف سنة، في حين تستغرق ملايين السنين بالنسبة لنجم في حجم الشمس. وكذلك هو الشأن بالنسبة لموتها، فالنجوم الضخمة تتطور سريعا وتندثر في مدة قصيرة؛ لأنها تستهلك موردها من الطاقة بسرعة مقارنة مع النجوم الصغيرة. عندما يستهلك النجم حوالي 10% من الهيدروجين تتسارع عملية الاندماج النووي للنوى، ويترسب الهليوم بقلب النجم بتضاؤل كمية الهيدروجين فيختل التوازن الداخلي للنجم الشيء الذي يؤدي إلى انهياره. في هذه المرحلة يعاني النجم حالة من الضغط الشديد بتأثير الجاذبية باتجاه المركز فتبدأ مادته بالانهيار. وتتحول النجوم الصغيرة الحجم إلى ما يسمى بالقزم الأبيض في حين تنفجر النجوم العظمى وقد تتحول إلى ثقوب سوداء -Les trous noirs-. المراجع 1. ماهر أحمد الصوفي، الموسوعة العلمية الكبرى؛ آيات الله في خلق الكون ونشأة الحياة في السماء الدنيا والسموات السبع، المكتبة العصرية صيدا - بيروت، 2008م. 2. محمد باسل الطائي، صيرورة الكون، مدارج العلم ومعارج الايمان، عالم الكتب الحديث، الطبعة الأولى، 2010م.