سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فضيلة الدكتور مصطفى بنحمزة في تفسير قوله تعالى:{ فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون } الواقعة 57-97
بعد أن ذكر فضيلة الدكتور مصطفى بنحمزة نعمة الغذاء ونعمة الماء ونعمة النار، وبين أن الله عز و جل هو صاحب هذه النعم، أشار إلى ضرورة شكر الخالق وتسبيحه، قال تعالى: (فسبح باسم ربك العظيم)، والتسبيح بمعنى التنزيه، فكل الصفات التي لا تليق به عز وجل فهو سبحانه متعال عنها علوا كبيرا، والتسبيح يعني أيضا وصف الله بكل صفات الكمال المناسبة. سبحان من أتقن صنع كل شيء تقدم الآيات السابقة من سورة الواقعة والآية التي بين أيدينا للإنسان إشارات واضحة تدل على قدرة الخالق وحكمته، بدءا بالزراعة ومرورا بالماء وانتقالا إلى النار، فبعد أن ذكر نمو الزرع ومراحل النماء ونعمة النار وكيف تنشأ، أمر عباده بتسبيحه ووصفه بما يليق به، والعلم المعاصر الآن لا يزيدنا إلا يقينا بأن الله عليم وحكيم، فلو فتح أمامك جهاز كمبيوتر فلا تملك إلا أن تجل من صنعه وتقدره، فأنت حينما ترى صنع الله الذي أتقن صنع كل شيء، فلا تملك إلا تقديسه ووصفه بما يليق به من صفات الكمال، سبحانه وتعالى عما يشركون، وليس المراد بالتسبيح أن تقول كلمات لا تعيها، بل المطلوب هو استحضار عظمة الله. قال تعالى (فلا أقسم بمواقع النجوم)، هذا الخالق يقسم، لأنه يريد لعباده أن يهتدوا، فهو رحيم بهم، وقسم الله لعباده تشريف لهم، لأنه ليس في حاجة لأن يقسم . ولكن فيه نوع من التلطف بالعباد، حتى يتأملوا صنع الله ويهتدوا بتفكيرهم للإيمان بالله. النجوم علامات مرشدة إلى الله عز وجل النجوم علامات مرشدة إلى الله عز وجل ودالة عليه، وهي كما يبدو عبارة عن كتل غازية لامعة، لكن حينما نتأملها يسعفنا العلم المعاصر بكثير من الحقائق التي ما كنا نعلمها، ولم يكن المفسرون السابقون يستطيعون الوصول إليها، لكن البحث العلمي أمدنا بجملة من المعارف تهم هذا العالم الكبير، فالنجوم كثيرة وعظيمة، أودع الله فيها من الطاقة الشيء الكثير، لو أخذنا أقرب نجم إلينا وهو نجم الشمس، نجده يبتعد عن الأرض ب 150 مليون كلم، وله جسم نصف قطره 700 ألف كلم ، له كثافة وحرارة متوسطة، سطحه فيه 6000 درجة حرارية، وعمقه تقدر حرارته ب15 مليون درجة حرارية، ومحيطه فيه 2 مليون درجة حرارية. هذا أقرب نجم إلينا يقدر العلماء وزنه ب2000 مليون مليون مليون مليون( 4مرات ) طن، و هي معلقة في السماء، فسبحان الله القوي العزيز. أقرب نجم إلينا بعد الشمس يبعد عن الأرض بحوالي 4000 كلم. هذه الشمس ومجموعات نجوم أخرى تشكل المجرة، التي نحن ضمنها ويبلغ عدد النجوم بها 70 مليون مليون نجم، و هذا العدد الهائل في مجرة واحدة، فما أدراك بعدد النجوم في جميع المجرات، مع العلم أن ما توصل إليه إدراك العلماء في تحديد عدد المجرات في السماء القريبة حوالي 200 ألف مجرة . هذه النجوم آية من آيات الخلق.وأكثر حرارة نجوم تبلغ حرارتها 50 ألف درجة حرارية، و فيها نجوم تبلغ 6000 درجة حرارية، وتوجد نجوم أقل حرارة منها تصل إلى 2300 درجة حرارية. هؤلاء العلماء قاسوا هذه الحرارة بوسائل علمية ومنها دراسة اللون الذي تشع به، لأن هناك صلة بين اللون والحرارة ولذلك يسمونه لون حراري . كيف إذا للإنسان أن يتطاول على الله، وقد خلق هذا الكون بهذه العظمة، إنه يستحق الإكباروالإجلال، والعلم الحديث لم يستطع حتى الآن أن يكشف خبايا وأسرار هذه النجوم . قسم بالمواقع وليس بالنجوم المجرة الصغيرة التي نحن فيها قطرها يقدر ب 100 ألف سنة ضوئية، ويقال أن سمكها 10 آلاف سنة ضوئية، أي عشر ذلك. والشمس تبتعد عن مركزها ب 30 ألف سنة ضوئية، وتبتعد عن أقرب نجم إليها ب 20 ألف سنة ضوئية . هذا القسم الإلهي إذا قسم علمي، يثبت قضايا علمية. فالنجوم متحركة وتبعث ضوءها إلى الأرض، ونحن نرى الضوء المنبعث من النجوم، ولا نرى النجوم ذاتها ، لذلك أقسم الخالق عز وجل بمواقع النجوم ولم يقسم بالنجوم ذاتها . فالشمس تبعد عنا ب150 مليون كلم، ولما ترسل ضوءها لا يصل إلينا إلا بعد ثمان دقائق وثلث الدقيقة، مثلا إذا خرج الضوء من الشمس على الساعة الخامسة فهو يصل إلينا في الخامسة وثمان دقائق وعشرين ثانية . ونحن نعلم أن الشمس تتحرك بسرعة 19 كلم في الثانية، وفي خلال المدة التي يقطعها الضوء ليصل إلينا، فإن الشمس تبتعد ب10 آلاف كلم، لذلك فمن المستحيل أن يدركها الإنسان بالنظر وإنما يدرك موقعها الذي صدر منه نورها، وهذا سر لم يكن ليعلمه الناس حتى ذكره القرآن الكريم وأثبته العلم الحديث. تصل سرعة بعض النجوم ثلاثة أرباع الضوء التي تصل إلى 300 ألف كلم في الثانية، ومع ذلك فالنجم الأقرب إلى الأرض يصل ضوؤه إلينا بعد 50 شهرا من انبعاثه، هذه حقيقة علمية وقف أمامها علماء الإعجاز مشدوهين ومندهشين، لذلك يقول القرآن (فلا أقسم بمواقع النجوم)، أما النجوم فيستحيل أن يراها الإنسان أو يدركها . هذه أسرار قرآنية يشير إليها القرآن ويثبتها العلم الحديث، وهناك أيضا نجوم تحتاج إلى 800 ألف سنة ليصل ضوءها إلى الأرض بعد انبعاثه منها، لذلك قيل إن بعض هذه النجوم قد اندثر قبل وصول نوره إلينا، خاصة وأن سرعة الضوء هي 300 ألف كلم في الثانية، هذه إذا إضاءات وإشارات تدل على عظمة الله و جلاله. وجوب التسليم بعظمة الله منزل القرآن إن القسم قسم عظيم بكل الأبعاد، والقسم العظيم لا يكون إلا لأمر عظيم يستحق هذا القسم، والذي خلق مواقع النجوم هو الذي أنزل القرآن، لذا على المسلم أن يسلم بعظمة الله في القرآن، كما سلم بعظمة الله في الكون، فبمثل ما يبحث العلماء في الفلك، علينا أن نبحث في القرآن عن الحقائق التي تثبت علم الله وحكمته. ولكن نجد تصرفات الإنسان أدت إلى كوارث عديدة، ودمرت جملة من الكائنات التي تحافظ على استقرارالكون واستمراره، لذلك، فهو في حاجة إلى توجيه وتسديد عن طريق الوحي الإلهي. فالمقسم عليه أهم وأكثر جدوى، فمعرفة مواقع النجوم مهم، لكن حقيقة القرآن أهم و أجدى، وهو موجه لكل العالم لكي يصل الناس إلى جملة من الحقائق، التي تربطهم بخالقهم، لأن الإنسان في غياب هذا التوجيه قد يدمر كل ما حوله، فها هي طبقة الأزون معرضة للدمار بسبب لامبالاة هذا الكائن البشري .