إن أكثر من 2.5 مليون شخص يموتون سنويا بسبب الخمر، كما أن الأمراض الناجمة عن تعاطي الكحول تثقل كاهل العديد من الدول في العالم. فالحد من هذا العبء أصبح يشكل أولوية للصحة العامة الدولية. تتميز جزيئة الكحول l'éthanol بصغر حجمها وقدرتها على الذوبان في الماء والمواد الذهنية؛ لذلك فهي سريعة الامتصاص والانتشار عبر جدران الخلايا . ينتقل الكحول من المعدة والأمعاء في وقت وجيز عبر الدورة الدموية إلى جميع أنسجة الجسم بدون استثناء، فجميع أعضاء جسم المتعاطي للكحول معرضة للأضرار.. وتكمن آليات ضرر هذه المادة السامة في ثلاث عوامل رئيسية: 1. التسمم (l'intoxication alcoolique) وهو نتيجة متوقعة لابتلاع كميات كبيرة من المشروبات الكحولية خلال فترة محدودة من الزمن؛ 2. خصائص الإدمان (les propriétés addictogènes) فتناول الكحول يؤثر على الجهاز العصبي المركزي بطريقة تماثل تأثير المواد المخدرة الأخرى؛ 3. ثم هناك عامل السُمية (les effets toxiques). لقد أجمع العلماء على أن الكحول مادة سامة تؤدي إلى العديد من الأضرار الصحية على مستويات مختلفة: • الجهاز الهضمي: يحدث شرب الخمر التهابات اللسان والمعدة والمري.. فمتناولي الكحول يشتكون من فقدان الشهية، وعسر الهضم، وآلام البطن، وعسر الهضم... • القلب والأوعية الدموية: أكدت الدراسات الطبية أن شرب الخمر يؤدي إلى زيادة سرعة ضربات القلب palpitation وارتفاع ضغط الدم، وتوسيع أوعية الجلد.. كما يساهم الكحول في رفع امتصاص الكولسترول والشحوم الثلاثية مما يعرض المدمن عليه إلى نقص تروية القلب والاحتشاء القلبي. • الكبد: تؤدي مداومة تناول الكحول إلى تراكم الدهون في الكبد، مما يسبب تشحمه وتضخمه ثم إصابته لاحقا بالتشمع Cirrhose والتليف Fibrose فيصبح نسيجه ليفي غير صالح. • الجهاز العصبي: للكحول تأثيرات مؤذية على الدماغ، فالخلايا العصبة هي الأكثر عرضة لأضراره السمية. إن تعاطي الخمر يفقد صحة العقل، ويقلل من كفاءة الأداء العقلي، وقوة الانتباه والتركيز كما يضعف الذاكرة. يؤدي تعاطي الخمر إلى اعتلال الأعصاب وانقباض أوعية الدماغ الدموية فتقل كمية الأكسجين، وتموت الخلايا، وتتلف الألياف العصبية. • الجهاز الحركي: تصاب العضلات بالضعف والتنخر، كما يؤدي تعاطي الكحول إلى داء النقرس المدمر للمفاصل زيادة إلى هشاشة العظام Ostéoporose، ولين العظام Osteomalacie. أكدت لجنة خبراء المنضمة العالمية للصحة المكلفة بالمشاكل المرتبطة بالكحول أن شرب الخمر يعرض لأضرار صحية واجتماعية لشارب الخمر و للآخرين، وقد يكون الضرر فوري كالإصابات والتسمم أو على المدى البعيد كالأمراض الصحية المزمنة والتأثيرات السلبية التراكمية على الحياة الأسرية والمهنية والاجتماعية. إن معضلة الخمر تعد من أعقد المشكلات التي يعاني منها الغرب فقد أصبح الخبراء الدوليون ينادون بالحد من استهلاكه ورفع من قيمة أسعار المشروبات الكحولية وكذا الضرائب وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى التقليل من الأضرار الناجمة عنه . لقد كان لنبينا الأكرم السبق بالنهي عن شرب الخمر مبينا أنها أم الخبائث، فهو يعرض إلى الإدمان و يلحق أضرارا وخيمة على الفرد والمجتمع. قال الرسول الكريم "الخمر أم الخبائث، من شربه لم تقبل صلاته أربعين سنة" [رواه البخاري] و قال "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" [رواه مسلم]. كما وصفه رب العزة في محكم كتابه بالرجز وأمرنا باجتنابه رحمة بنا وحفاظا على سلامة صحتنا ومجتمعنا قال الله عز وجل "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [سورة المائدة: الآية 90]. المراجع نادية طيارة. موسوعة الإعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك. الطبعة الأولى. اليمامة دمشق-بيروت.2008م. حذيفة أحمد الخراط. الكحول، تأثيراته الطبية والنفسية. حراء. العدد. 24 . مايو-يونيو. 2011م. Comité OMS d'experts des problèmes liés à la consommation d'alcool. Deuxième rapport n°944. Genève 2006