لجنة العدل بمجلس النواب تشرع في مناقشة لمشروع قانون المسطرة الجنائية    أخنوش يؤكد مواصلة الحكومة تحسين العرض الصحي استجابة لمتطلبات ورش الحماية الاجتماعية    توتر في باماكو بسبب ترحيل المهاجرين غير النظاميين من موريتانيا    بعد أزيد من 40 يوما من الاعتصام.. مسيرة ليلية ببني ملال احتجاجا على استمرار طرد حراس الأمن بالمستشفى الجهوي    رياض مزور يوقع اتفاقية شراكة مع "التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    بعد التساقطات المطرية..النسبة الإجمالية لحقينة السدود بالمملكة تتجاوز 30 في المائة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الجيش الروسي يقصف سفينة محملة بالقمح الجزائري في ميناء أوديسا    القضاة يحاصرون نتنياهو والأخير يخرج عن طوره أثناء المحاكمة    المعارضة تكتسح انتخابات غرينلاند    أوروبا تؤكد الرد على رسوم ترامب    موجة صرف موظفين في وكالة "ناسا" تشمل كبيرة العلماء    أبطال أوروبا.. برشلونة يستعيد هيبته و"PSG" يقهر ليفربول وإنتر يلاقي البايرن في الربع    الركراكي يعلن الجمعة عن لائحة المنتخب الوطني التي ستواجه النيجر وتنزانيا    إنزو نجل مارسيلو ينضم لمنتخب إسبانيا    أليو سيسيه على رأس العارضة الفنية لمنتخب ليبيا    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وموسكو لا تستبعد التواصل مع واشنطن بشأن اقتراح الهدنة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    انهيار منزل بحي العكاري يخلّف حالة من الهلع ووفاة سيدة    كيوسك الأربعاء | انتعاش متفاوت لسدود المغرب.. بعض الأحواض تجاوزت 50 %    الذهب يستقر في هذا المستوى    الأسلحة والمعادن ‬وإنهاء ‬نفقات ‬المينورسو‮!‬ (‬(3    مرتيل.. ضبط مستودع مليء بمواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية    موتسيبي رئيسا لولاية ثانية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم لولاية ثانية    هل سيكون مبابي حاضرا في المباراة الحاسمة أمام أتلتيكو؟    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    الصين: ارتفاع في إنتاج ومبيعات السيارات في فبراير 2025    أمن تطوان يجهض عملية تهريب 17 ألف قرص مخدر ويوقف أربعة متورطين    مفتي تونس: عيد الأضحى سُنة مؤكدة ولا يمكن إلغاؤه    أمن ميناء الناظور يحبط محاولة تهريب 26 كيلوغراما من المخدرات كانت متجهة صوب أوربا    انطلاق مسابقات تجويد القرآن الكريم في إطار رمضانيات طنجة الكبرى    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    دعم إفريقي لترشيح السيدة بوعياش لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    زلزال إداري يهز قطاع التربية الوطنية بعد إعفاء 16 مديرا إقليميا    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    الشرقاوي: وكالة بيت المال القدس الشريف نفذت أزيد من 200 مشروعا كبيرا لفائدة المقدسيين منذ إحداثها    وهبي يقْسِم أنه لن يعدل المادة 3 من المسطرة الجنائية للتبليغ عن الفساد    موكوينا يدخل في صراع مع جماهير الوداد    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصنفات المغاربة والأندلسيين على صحيح البخاري (1)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 16 - 09 - 2011


تمهيد: عادة المغاربة في ختم الصحيح في رمضان
هذه سلسلةٌ تساير أولى حلقاتها شهرَ رمضان الأبرك، من سنة 1432ه موضوعُها: جملةٌ من المصنفات المغربية والأندلسية، المؤلفة على صحيح البخاري، غايتُها: إبرازُ طرفٍ من عنايتنا نحن أهل المغرب بهذا الكتاب الجليل، مُناسبتها: ما استقرت عليه العادة بهذا القطر المغربي من افتتاح سرد الصحيح في رجب، وختمه في رمضان ليلة السابع والعشرين منه.
وتلك عناية شريفة اختَير لها ظرف شريف، وقد أَردت في الوقت الذي يُسْرَد فيه الصحيح وَتطْرُقَ أحاديثه آذانَ الناس أن أعرض من غير استقصاء جملةً من أوضاعِ أهل المغرب والأندلس على الصحيح، مرتِّبا إياها حسب موضوعها، لتظهر أوجه هذه العناية، وأمَّا أمدُها وقد اتصل قرونا، وورث فيها لاحقُ الأجيال سابقَها فيُعلم من سِنِيِّ وفيات المعتنين، التي حرصت على إثباتها إلماعا إلى هذا المقصد الشريف.
وسأُقَدِّم في أولى حلقات هذه السلسلة، موجزَ الكلام عن عادة المغاربة المستقرة الآن في ابتداء سرد البخاري في رجب، وختمه في رمضان في ليلة السابع والعشرين منه.
اقترن سرد صحيح البخاري عند متأخري المغاربة بابن غازي المكناسي الإمام الحافظ (ت919ه)، فقد ذكر الحضيكي في ترجمة ابن غازي المكناسي من طبقاته أنه كان يُسْمِع صحيح البخاري في كل رمضان[1]، ثم تبعه الناس على ذلك خصوصا أنه كان إمام الجماعة، درس بفاس ومكناس وغيرهما من الأسقاع المغربية التي كان يتنقل فيها مرابطا، وكثر لأجل ذلك الآخذون عنه من مختلف بلدان المغرب، فقد نقل الشيخ محمد عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس عن الإمام نادرة المغرب محمد بن عبد السلام الناصري، وفخر هذا البيت العامر بالعلم من كتابه: المزايا فيما حدث من البدع في أم الزوايا ما نصه "وكان الشيخ أبو عبد الله ابن ناصر يعمر ما بين الظهرين دائماً في أيام السنة بقراءة الكتب الستة دراية، فكلما ختم واحداً ابتدأ آخر، وفي رمضان يعود لسرد البخاري على عادة ابن غازي، فتابعه الشيخ على ذلك وكان يتولى ذلك بنفسه أو بعض العلماء من أولاده وتلامذته"[2]، ذكر الكتاني ذلك في ترجمة ابن ناصر الدرعي، وقال في موضع آخر من فهرس الفهارس في ترجمة ابن غازي ما نصه: "قال تلميذه الونشريسي في فهرسته: "كان متقدما في الحديث حافظا له...، وكان يسمع في كل شهر رمضان صحيح البخاري، قال الكتاني: ولما تكلم ابن عبد السلام الناصري في"المزايا" على عادة جده أبي عبد الله ابن ناصر من سرد البخاري في رمضان من كل سنة قال: "على عادة ابن غازي بفاس، إذ هو الذي ابتدأ سرده به ولازمه في رمضان فتابعه الشيخ وغيره على ذلك" قلت: ولا زال الناس في فاس ومكناس وغيرهما من بلاد المغرب يعتنون بقراءة صحيح البخاري في شهر رمضان إلى الآن على سنة ابن غازي رحمه الله، وكان لسلفنا الكتانيين بذلك اعتناء كبير[3]. وهذا النقل يُظهر سريان هذه العادة في المتأخرين، واتباعهم فيها الإمام ابن غازي.
وما زال الناس في المغرب يُعَمِّرون رمضان بختم البخاري ويداومون عليه حتى شاع ذلك وانتشر، فقد ذكر صاحب الفوائد الجمة أنه كان يتردد على شيخه يحي بن عبد الله الحاحي عدة من السنين يختم عليه صحيح البخاري بتمامه كل سنة من رمضان"[4].
وذكر الأستاذ العلامة المختار السوسي في ترجمة شيخه عبد الله بن محمد الكرسيفي أنه كان: "يعظ الناس بعد صلاة الجمعة بأحاديث نبوية، وفي رمضان كل يوم، وكان يختم فيه البخاري كل عام، ومعه شرحه للقسطلاني، يراجع فيه ما أشكل"[5].
وقال في ترجمة سيدي الحسين التامكونسي التنانى(ت1365ه): "وكان الفقيه متمسكا بالطريقة الأحمدية وكان مجدا في نشر العلم وفي العبادة حتى أنه في رمضان يظل النهار على حديث البخاري نهارا يجتمع لذلك الناس من القرى حتى البعيدة إلى العصر ثم يختم في كل ليلة ختمة من القرآن"[6].
وليس المقصود بكون ختم الصحيح في رمضان عادةً لابن غازي أنه مفتتحها وإنما المقصود أنه مشهرها؛ وأنه نظرا لكثرة التلاميذ والأتباع وكونه كان شيخ المغرب في وقته وإمام أهل فاس عاصمة المغرب في ذلك الزمان وحاضرته الكبرى أخذ عنه ذلك وشاع، ونسبت العادة إليه؛ لأنه أكثر من ختم الكتاب المذكور في رمضان، ولازمه مدة، وأما عادة الختم في رمضان؛ فإنها متقدمة عن ابن غازي بكثير.
فقد قال البلوي في ثبته: "قرأت على شيخنا وبركتنا وقدوتنا الإمام العلامة بقية المسندين خلف الأولياء خاتمة الخطباء أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق رضي الله عنه بلفظي لليلة بقيت من رمضان عام 896ه عند ختم صحيح البخاري قلت له أخبركم رضي الله عنكم السيد المولي أبوكم نفع الله به قراءة عليه في هذا المجلس وهذا الشهر من سنة 837ه عند ختم هذا الكتاب المبارك قلتم له حدثكم غير واحد من أشياخكم رضي الله عنهم منهم السيد المولى جدكم سيدنا أبو عبد الله محمد بن مرزوق..."[7].
وسأعود إن شاء الله في الجزء الثاني من هذا التمهيد إلى بقية الكلام عن عادة أهل المغرب في ختم صحيح البخاري في شهر رمضان.
يتبع بحول الله تعالى في العدد القادم
-------------------------------
1. طبقات الحضيكي: 1/339.
2. فهرس الفهارس: 2/678- 679.
3. فهرس الفهارس: 2/891.
4. طبقات الحضيكي: 2/351.
5. المعسول: 17/142.
6. المعسول: 15/124.
7. ثبت أبي جعفر البلوي: 238.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.