الإسلام ينسجم ويتلاحم مع فطرة الإنسان فلقد لبى الدوافع النفسية مع تنظيمها والتحذير من النزعات الطائشة والأهواء الفاسدة، فشعاره أن لا إفراط ولا تفريط. لم يفرض الرهبنة على البشر، كما أنه لم يحرم عليهم الاستمتاع بالحياة، إنما قدم للإنسان نظاما وقواعد وتشريعات تلبي له رغباته ودوافعه، ومن هنا يعتبر الدين دواء لمعالجة شتى الأمراض النفسية في الإنسان كالهم والحزن والقلق واليأس والخوف والقنوط والتردد والحيرة، إذ الإيمان يزرع في النفس الطمأنينة والسكون والهدوء والوقار لقوله تعالى: "الذين ءامنواْ وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [سورة الرعد، الآية: 28]. فإذا ضاقت الدنيا بالإنسان؛ فإن الله هو الملجأ والملاذ وهو العدل الحكيم، عندها يطمئن قلبه وترتاح نفسه. وإذا كان للدين أثر عميق على الحياة الفرد من الناحية الروحية؛ فإن الروح تحتاج إلى غذاء مثلها في ذلك مثل الجسد الذي هو في حاجة إلى الطعام والشراب، وهو يدعو الإنسان إلى النظافة والطهارة فهما من الإيمان ولا تقبل الصلاة إلا بطهارة الجسد والثوب والمكان. وقد طلب الإسلام البعد عن كل ما فيه هلاك محقق للجسد أو خطر منتظر، وحرم كل ما يضر الجسم أو يوهنه أو يضعفه، فحرم التبتل وصوم الدهر، وحرم القتل والانتحار، وجعل التكليف بقدر الاستطاعة لقوله تعالى "لايكلف الله نفسا إلا وسعها" [سورة البقرة، جزء من الآية: 286]. ثم إن الإسلام يهتم، أيضا بعقل الإنسان ويدعونا إلى التفكير والبحث والتأمل في الكون، ومادام الله سبحانه قد سخر الكون للإنسان، فينبغي أن لا يهمل لقوله تعالى: "ألم اَن الله سخر لكم ما في السموات وما في الاََرض" [سورة لقمان، جزء من الآية: 20]. ونتيجة للبحث والتفكير ووجوب التأمل والنظر، دعا إلى العلم والأخذ بأسبابه ووسائله لقوله تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" [سورة فاطر، جزء من الآية: 28]. وكما تتوجه دعوته إلى العلماء تتوجه دعوته إلى الناس في المجتمع لإقامة الروابط الاجتماعية فيما بينهم سواء على نطاق الأسرة أو على مستوى الحي أو المدينة أو الدولة والوطن على أساس التراحم والتعاطف والتكافل والمحبة والأخوة والتعاون.