الكون جميل، وجماله مستمد من جمال الله وجلاله، ومن أنوار وحيه المسطور، المتعانق مع وحيه المنظور. والرسالات السماوية كلها جاءت مُبَصِّرَةً بأنوار الوحييْن معا، وبلغت درجة الكمال والاستمرار مع المولد النبوي الشريف، والبعثة المحمدية الشاملة، ولولا ذلك لما كان لهذا الوجود قيمة ومعنى، ولما عرف الإنسان خالقه الذي هو مصدر كل جلال وجمال وكمال. أرى الكون روضات يصافحها الزهر وطافت بها الأنسام وانتشر العطر وأصبح طلق الوجه بعد عبوسه وبعد انقشاع الغيم عانقه القطر وفاحت زهور الروض في كل أيكة تبوح بها الأنسام، يحيا بها العمر * * * وزقزقت الأطيار في كل دوحة بأحلى نشيد، رَنَّ، ردده الدهر تُردد: يا هذا أصخْ بروية فصوتي في الأصوات فاض به السحر أُسَبِّحُ، والتسبيح مني سجية إلى مبدع الأكوان، من أمره أمر * * * فهل أنت يا هذا على العهد ماسك وقلت: بلى، من قبلُ وانكشف الخُبْر؟ وأنت ترى في الموج سر بهائه تدفقه الأقدار ليس به نزر تتابَع في ترحاله متجددا بحبْو، وأحيانا يلفُّ به هدر وفي الشامخات الراسيات علامة تُتوِّجها الأشجار والظل والوفر يُجللها ثوب الجمال نصاعة فيرتد طرف العين، حاق به الحَسر وفي حضنها يحلو اصطياف وغبطة وراحة بال، لا يلاحقها كدْر تولَّد منها كالرحيق زُلاله مَعين، فمن أجراه ليس به غَور؟ وفي الغيم آيات، وفي الصحو مثلها دراها ذوو الألباب، وانشرح الصدر * * * ومن جملة الأكوان: أنت فلذ بها عزيزا كريما، جاء يتلى بها الذكر ففي أحسن التقويم وصْفك حُلة تراها، وفي الأطوار ينقدح السر