أما القدرة على التعاون مع الآخرين، والنجاح في العمل الجمعوي، هو مظهر لنضج الوعي، وسمو الخلق، وهو مفتاح التقدم والنهوض على الصعيد الفردي والاجتماعي. فحين يتعاون الإنسان مع الآخر، يتسع أفق تفكيره، بإضافة آرائهم إلى رأيه، كما تتضاعف إنتاجيته لانضمام طاقاتهم إلى طاقته. ولقد بدأ هذا الحوار من اللحظة الأولى التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل في الأرض خليفة، فأراد أن يخلق الإنسان لكي تناط به هذه المهمة الصعبة، فقال سبحانه وتعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون،وعلم ءادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم،قال يئادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم اقل لكم إني أعلم غيب السموات والارض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" [سورة البقرة/ الآيات 29- 32]. وهذا الأسلوب اعتمده القرآن الكريم ليعرض لنا واقعية تجلب المستمع وتقرب منه الحوار كأنه حاضر وقتها، حيث تم اعتماد الأسلوب الوصفي التصويري، الذي يعرض به القرآن الكريم مشاهد حوارية واقعية تمت بالفعل بشكل حي يأخذ بلب المستمع، مثل حوار الله تعالى للملائكة، وحوار الأنبياء والرسل. كما تضمنت السنة النبوية نماذج راقية للتواصل البشري، جسدتها مواقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحوارية وأسهم في تنوعها وغناها حسن خلقه-عليه الصلاة والسلام-. ويبقى السؤال المطروح دائما لكي يبقى باب النقاش والحوار والتعاون مفتوح هو كيف نستفيد من القرآن والسنة في تطوير مهارات الحوار؟ ذ. نوال الزاكي - باحثة