إن طرح هذه الحكم الطبية للناس، وتذكيرهم بوجوب إتباعها وحرمة مخالفتها، يعني الحصول على نتائج مذهلة في مكافحة الأمراض التي تفشت بين الناس. وعلى المسلم أن يعلم أن إهمال نظافة جسمه وملابسه، وإلقاء القمامة في الشوارع والبيوت، وتلويث الطريق بالنجاسة كالبول والبراز، وإلقاء عظم أو شوك في طريق الناس حرام، وتلويث الشواطئ وموارد المياه كالآبار والأنهار حرام، وترك الطعام مكشوفا وعرضة للذباب مخالف للدين كذلك، وأن المسلم إذا مرض بمرض معد مثل الأنفلونزا فعليه أن يعتزل مجالس الناس حتى لا ينقل العدوى للآخرين.. فالمسلم دينه يحثه على الابتعاد عن كل ما هو حرام فهو في حد ذاته مضر بالصحة مثل الخمر والتدخين والمخدرات بشتى أنوعها. إن عشرات التعاليم الوقائية والصحية التي أمر بها الإسلام لو نقلت إلى الناس وشرحت لهم كجزء لا يتجزأ عن تعاليم الدين الإسلامي فسوف يكون لها الأثر الفعال في مكافحة الأوبئة والأمراض التي تفتك بالإنسانية. لقد ثبت أن النفس البشرية تستجيب للأوامر والتعاليم الدينية أكثر مما تستجيب للتعاليم البشرية، من محبة وتطوع ونفس راضية، فتقبل على تنفيذ هذه التعاليم بإخلاص وإتقان لأنها تعتبر ذلك جزء لا يتجزأ عن العبادة والتقرب إلى الله تعالى. وأخيرا؛ فالمنهج الإسلامي في الوقاية من الأمراض لكي يضمن الدقة في التطبيق، والحرص على أداء القواعد الصحية، فإنه يربط هذه القواعد برضى الله عز وجل وبالزجر والمثوبة، والجنة والنار، فليس الغرض فقط هو الحياة الدنيوية السعيدة وإن كان هذا متحققا إن شاء الله. ولكن الهدف الأساسي من ذلك هو السعادة الأخروية الدائمة. فنحن مثلا نلاحظ في تعظيم أمر السواك وطهارة الفم، ونظافته، أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها "السواك مطهرة للفهم مرضاة للرب" فهولا يحقق نظافة وصحة فقط بل يحقق أجرا أو مثوبة. هكذا فإن المنهج الإسلامي يجمع بدقة عجيبة بين سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، ويجمع بين رضا العبد في حياته وصحته ونظافته، ورضا الله عز وجل عن العبد في الدنيا والآخرة….