لقد أثبت العالم الفلكي أبو عبيدة البلنسي كروية الأرض ودورانها. كما نبغ غيرهم من العلماء المختصين في الجيولوجيا وعلوم النبات، والملاحة البحرية وصناعة الأدوات الزراعية والمعدنية والعطرية والنسيجية والخزفية والكيماوية وحتى الحربية، وفي هندسة تشييد المرستانات والمعاهد الدينية والمساجد والحمامات والأبراج والمنارات والقصور. وقد استفاد اللاتينيون كثيرا من هندسة البناء العربي وذلك عن طريق الأندلس والحروب الصليبية والمبادلات التجارية التي وصلت إلى حدود البلاد الاسكاندنافية. وبرز الإدريسي كأول جغرافي عربي خطط أول خريطة عربية، "وقد طلب منه أن يؤلف كتابا يشمل الوصف الجغرافي لعدد من أقطار العالم"، و"ابن خلدون" كأول مؤرخ اجتماعي قبل العالم الاجتماعي "لوكونت" و"الكندي" كأول فيلسوف عربي، و"ابن رشد" كأول شارح للفلسفة اليونانية. وقد درست مؤلفاته في الجامعات الأوروبية طيلة القرن الثامن عشر" و"الحسن الوزان ليون الإفريقي"، و"ابن بطوطة" كرحالتين مغامرين، ودارسين لمختلف المجتمعات البشرية عبر العالم. وكان للمؤرخ الأندلسي "صاعد بن أحمد الأندلسي" الفضل الأكبر في تأريخ العلم في العالم بمؤلفه: "طبقات الأمم وعلم الطبقات" هو أحد فروع علم التاريخ الذي كان للعرب فضل تدوينه حيث يعرف بأحوال الطوائف وملوكهم وبلدانهم. وقام الأندلسيون بالتعريف به لأهل الشرق. واشتهر الفيلسوف الفارابي في فن الموسيقى باهتمامه بمبادئ النغم والإيقاع. وأصبح الموسيقيون الغربيون مدينين للشرق العربي بكثير من الآلات الموسيقية كالعود والقانون والرِّباب والناي والنفير والطبل… وبقيت المؤلفات الموسيقية العربية مرجعا هاما للموسيقيين الأوروبيين إلى غاية القرن السابع عشر. وهكذا، فكما ترجم العرب الكتب الهندية والفارسية واليونانية شرع الأوروبيون في القرون الأخيرة يترجمون الكتب العربية إلى اللاتينية –لغة العلوم في عهدها– وتحولات بذلك العلوم العربية إلى علوم لاتينية بعدما داهمت العرب النزعات السياسية والدينية والمذهبية، وهجمات المغول والتتار على المشرق العربي.. وقد التقى الأوروبيون بعلوم العرب عن طريق صقلية وإيطاليا والبندقية وطليطلة التي أنشأ بها مكتب للترجمة، وقد جمع لهم "ابن النديم" في كتابه الفهرسة أسماء خمسة ألف مجلد مما ألفه العرب في الفلسفة والفلك والطب والرياضيات والفيزياء والكيمياء والتاريخ والأدب وعلوم الدين في وقت أصدرت فيه هيئة الدومنيكان بأوروبا قرارا يحرم على أعضائه دراسة الفلسفة أو تعاطي العلوم والفنون… يتبع في العدد المقبل…