ولكن مفهوم العلم في الإسلام مفهوم عام وشامل شمول الإسلام ذاته يتكون في نسق إسلامي متميز وكان له أثر في إطلاق قدرات الإنسان التفسيرية لبصائر الوحي والتسخيرية لمفردات الكون . فالعلماء والمفسرون يفتحون الطريق للعلماء بقوانين الظواهر الكونية والمنهج الإستمدادي من الوحي يجعل العالم يجتهد للإصلاح شؤون هذه الحياة، ويسخرها على الوجه الصحيح الذي أحله الله تعالى له حين سخره له ما في الكون. كما أنه لا يمكن أن يعيش عالة على النتاج العلمي للآخرين؛ لأنه إذا ترك لهم زمام المبادرة في هذا المجال استبعدوه بما تملك أيديهم من قوة العلم وفعالية منتجاته التي تمكنهم من إخضاع العاجزين علميا لتطورهم وتفوقهم. وهذا هو الطريق الأقوم الذي يهدي إليه القرآن المجيد، وتهدي إليه السنة النبوية المطهرة والإسلام هو الدين الذي فرض العلم على الجماعة الإسلامية في كل مجالاته من علوم الدين وعلوم الدنيا، وأوجب عليهم أن يكون من بينهم من يكفي حاجاتهم في مجالات التفقه في الدين، والتفقه في علم الوراثة وعلم الطب والصيدلة، وعلم الهندسة، وهذا ما يعرف بعلم أو الغرض الكفائي. وهو أن يكون من بينهم المتخصصون في هذه المجالات بحيث لا يحتاجون إلى غيرهم ولا يسبقهم فيها سواهم وصدق الله العظيم الذي يقول: "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" [الاِسراء، 9]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين"[1]. واجتهاداتهم مستمدة من صميم الوحي. ولقد كان القرآن الكريم أكثر الكتب التي أوحاها الله تعالى لفتا للعقول والأنظار أن تتأمل وتتدبر في الكون: "أاَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ" [الاَعراف، 185]، والنعيم هنا… فيما خلق الله من شيء ليشمل مخلوقات الله جميعها التي يمكن أن يصل إليها العقل البشري والآيات في هذا المعنى كثيرة لا تحصى… يتبع في العدد المقبل… ————————– 1. رواه البيهقي.