لقد عرف عالمنا أيضا ظاهرة جديدة تتمثل في القدرة على بلورة مواقف، ورؤى، وآراء، وأذواق مشتركة بسرعة كبيرة، لم يعهدها العالم من قبل، حيث ظهرت موجة جديدة من الآراء المشتركة، والتوجهات المتقاسمة، ننتج عن ذلك انبثاق قدرة على نحت تيارات مستوعبة ومستقطبة، كان من تجلياتها ما عرفه عالمنا العربي في السنوات الأخيرة. وهو ما كان يستلزم في السابق سنوات بل عقوداً!! وفي ظل هذا المقتضى الرابع، انبثق مقتضى خامس يتمثل في أن البشر يوجد فوق كويكب يمر تيار التأثير والتأثّر بين جنباته بيُسر بالغ، حتى أضحت مشاكلُ الجميع مشاكلَ الجميع!! أما المقتضى السادس، فيتصل بالمنظومة الحقوقية وبالحريات مما أصبح له سريان في الدساتير والقوانين الدولية العامة والخاصة، وأصبح يمثل توجها متوافقا عليه بين البشر، مما وجب استحضاره واستدماجه في كافة أبعاد الكسب الحضاري بمختلف تجلياته. أما المقتضى السابع فيتجسد في المنظومة القيمية الكونية "Global Ethics"، وهي ظاهرة تواشج القيم مع بعضها البعض، في أفق تشكيل منظومة قيمية مشتركة، مما سوف يكون له، بدون شك أثره البالغ على أضرب التماسك الاجتماعي على الصعيد العالمي. في حين يتمثل المقتضى الثامن في المحاولات الحثيثة الرامية إلى إيجاد نظام اقتصادي وثقافي وسياسي شامل، وهو نظام من شأنه أن يكون كُلِّيا، حيث سوف يكون من الصعب جدا أن يتم إسهام أهل حضارة معينة فيه برؤية كلية مستبطنة من مرجعيتهم، دون أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه المقتضيات. المقتضى التاسع: وهو ظاهرة انصهار الأنساق المعرفية، والأطر المرجعية، والمركبات المفاهيمية التي باتت تتبلور في شكل مجمعات مفاهيمية تشبه "أحياء المدينة" التي يتحكم وصلها بطرقات ودروب للعلاقات العضوية بين هذه المركّبات، ومن هنا انبثقت مرحلة "القبة المفاهيمية والمرجعية ل "Christen Dom" و "Islam Dom" و"Budhist Dom" أي تلك القباب المفاهيمية والمرجعية الشاخصة في عالمنا الجديد، والتي بتأثيرها وتوجيهها يتم التعاطي بين مختلف الحضارات في عالمنا… يتبع في العدد المقبل…