كيف أخد الإسلام التدابير اللازمة، والإجراءات الدقيقة لمنع حدوث الأمراض أصلا؟ وإن حدثت فكيف يمكن أن تمنع من الانتشار؟ لقد جاء الإسلام بمنهج معجز فيه سلامة الجسد والنفس والمجتمع، وكيف لا يكون معجزا وقد جاء من عند رب العالمين. فكلما تقدم العلم اكتشف فوائد جديدة للتشريع الإسلامي، وستبقى هذه التعاليم الإسلامية الصحيحة ذات قدسية فإنها تشريع الله للناس كافة، وفي كل المستويات الحضارية يمكن تطبيقها على مر العصور لأنها تستجيب لمبادئ الفطرة التي خُلقنا عليها لأن الإسلام دين الفطرة. إلى جانب هذه التعاليم الإسلامية الوقائية؛ فإن المسلم يطبق ويستفيد من كل ما جدَّ من وسائل علمية حديثة يتوصل إليها العلم كالتلقيحات وغيرها من الوسائل الوقائية التي ينصح بها الأطباء. إن الشرع الإسلامي يحثنا على الأخذ بأسباب الصحة وسبل الوقاية من الأمراض، يقول الله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة، 194]، ويقول سبحانه تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم" [النساء، 29]. وشرائع الإسلام تقوم على جلب المصالح ودرء المفاسد فالإسلام قد أوجب المحافظة على النفس والعقل وهذه غاية الطب، يقول "العز بن عبد السلام" رحمه الله: "الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة والعافية ودرئ مفاسد الأسقام والأعصاب". وحفاظا على صحة الجميع؛ فإن إيصال الرسالات الصحية إلى جميع الناس ألا وهو التثقيف الصحي وهو وسيلة مهمة لتوجيه الناس الوجهة المعززة للصحة في أنماط حياتهم. وما أكثر أولئك الذين يمكن أن يضطلعوا بهذا التثقيف، كالمدرس في مدرسته، وربة البيت في أسرتها، ورب البيت في أسرته، والإعلامي في برامجه، والخطيب والوعاظ في مسجده، والواعظة في درسها…. فالكل مسؤول عن إيصال هذه المبادئ الأولية للرعاية الصحية حسب إمكانيته العلمية والاجتماعية. ومن فضل الله علينا في بلدنا العزيز المغرب، أن المغاربة ما زالوا يستجيبون لداعي الدين إذا دعاهم لما يحييهم، والتوجيهات الدينية التي تتصل بأنماط الحياة وسلوكيات الإنسان عديدة ومباشرة، فهنا دعوة إلى المحافظة على النظافة العامة (الجسد، البيت الشارع… ) وهناك دعوة إلى عدم الإسراف في الطعام والشراب، وثمة نهي عن الضرر والضرر عن إلحاق الأذى بالنفس والغير، وهناك قائمة طويلة من التوجيهات الربانية والأحاديث النبوية التي تصحح سلوكيات المسلم في كل خطوة من خطوات حياته… يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..