[وسائل نفي النسب] ثانيا: اللعان يعتبر اللعان من آثار القذف، وقد شرع لإسقاط حد أو نفي نسب، فإذا لم يكن واحد منها لم يكن ثمة لعان. كما أن اللعان في اللغة مصدر أو جمع لعن وهو الإبعاد والطرد[1]، وفي الشرع "حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض"[2]. وإنما قال ابن عرفة اللازم له احترازا مما لو أتت به لأقل من ستة أشهر من يوم العقد، فإنه ينفى عنه بغير لعان. وقال إن أوجب نكولها حدها احترازا مما لوثبت غصبها، فإنه لا لعان عليها واللعان عليه وحده[3]. وحكم اللعان الوجوب لقوله تعالى : "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدرؤُا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين [النور، 6-9]، ولحديث سهل بن سعد الساعدي وفيه "أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر، فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس، فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين"[4]. وأجمعت الأمة على ثبوت حكم اللعان، ويعضده القياس إذ بالفراش يلحق النسب، فكان لا بد من طريق لنفيه إذا وجد فساد، وهذه الطريق هي اللعان[5]. يتبع في العدد المقبل.. ————————————— 1. ابن قدامة، مرجع سابق، ج : 6، ص: 3. التسويلي، مرجع سابق، ج: 1، ص: 330. الرملي، مرجع سابق، ج: 7، ص: 103. 2. التسولي، مرجع سابق، ج: 1، ص: 330. 3. التسولي، مرجع سابق، ج: 1، ص: 330. 4. ابن حجر "فتح الباري" كتاب الطلاق باب اللعان ومن طلق بعد اللعان، ج: 9، ص: 355، حديث رقم 5308. النووي على مسلم كتاب اللعان، ج: 10، ص: 119. وأخرجه الترمذي بألفاظ مختلفة، الترمذي كتاب الطلاق باب ما جاء في اللعان، ج: 3، ص: 506، حديث رقم 1102. السيوطي تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، كتاب الطلاق باب ما جاء في اللعان، ج : 2، ص: 89. 5. ابن رشد، "بداية المجتهد"، ج: 2، ص: 87.