ثانيا. بين مفهومي الميزان والأسوة إن تجاوز التأرجح بين هذين القطبين (قطب الرهبنة، وقطب التكاثر) يندرج ضمن مفهوم التوسعة الذي تتجلى من خلاله الهيمنة، وهو تجاوز يستكمل أبعاده ويتم، بإضافة مفهوم الميزان "وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ" [الرحمن، 5-7]، وهو مفهوم نقف على سريانه في كل مفردات الأداء الحضاري الإسلامي من خلال تأطير وتوجيه رائعين بالآيات والأحاديث المتكاملة. ومن خصائص هذا المفهوم كذلك "الضبط التأويلي" بتحديد أصوله وقواعده، وتبيان موقع النص والعقل ودور الإنسان ومسؤولية العالم؛ حيث يقوم القرآن المجيد من خلال هذا الضبط بتنقية ما اعترى العقل الجماعي المسلم بسبب تسرب بعض ما كان في الأمم السابقة بفعل التداخلات التي تقع من الناحية المفاهيمية والانكسارات المعرفية التي تحصل تحت تأثيرات اجتماعية أنثروبولوجية وأخرى تاريخية. منهجية استخراج معالم هذا الميزان من القرآن المجيد، ولا أقول المكيال، وجب إذن أن تتذرّع عبر مختلف التمظهرات سالفة الذكر، التي ذكرناها آنفا، مظهرا فمظهرا، بحثا عن شواهده، وعن معالمه الكبرى. والله المستعان